بقلم: ليلى حوتيت
وأليكسانر تيوربيتز
واجهت دول مجلس التعاون الخليجى فى السنوات الأخيرة مشكلة بطالة ضخمة بين الشباب، ولا يزال معدل البطالة دون سن 25 عاماً عند %25، ويشكل الشباب الشريحة الأعظم من سكان المنطقة، ما يجعلهم قضية سياسية حيوية، ومن ناحية أخرى يقول أرباب الأعمال، إنهم لا يجدون باحثين عن عمل شباباً يتمتعون بالمهارات المطلوبة.
ويعانى أرباب الأعمال لإيجاد موظفين بسمات شخصية مثل دوافع التوصل لنتائج، والمثابرة عند مواجهة تحديات جديدة، وهذه المهارات يصعب عادة تطويرها بعد الحصول على الوظيفة، بل هى مهارات حياتية يجب غرسها من الطفولة.
ويجب على أصحاب الشركات والنظام التعليمى أن يمكّن الصغار من تطوير هذه المهارات للنجاح فى الاقتصاد القائم على المعرفة.
وفى هذا المقال قمنا بتحديد أسباب رئيسية عديدة تشرح عدم التوافق المقلق بين مهارات الباحثين عن العمل فى دول مجلس التعاون الخليجى ومتطلبات أصحاب العمل.
أولاً، لا يتم دمج تطوير سمات شخصية مثل المثابرة والمرونة بشكل كاف فى أنظمة التعليم الإقليمية، وبدلاً من ذلك يتم التركيز على تطوير المهارات المعرفية القائمة على المواد الدراسية مثل الرياضيات والعلوم والتاريخ، ورغم أهمية هذه المعرفة، فإن الخبرات العملية والمهنية يتم إهمالها.
ولا يحصل الأطفال فى المنطقة على فرصة لتطوير نزعة غريزية لعالم العمل، حتى وإن طوروا اهتماماً بالعمل، فلا يحصلون على الإرشاد الكافي.
ثانياً، وجدنا أن الحكومات فى المنطقة معتمدة اعتماداً شديداً على المحفزات المالية للتأثير على السلوك، وهذا يعد حافزاً خارجياً للفرد على العمل، وبالتالى يقلل من الحافز النابع من الداخل لأداء العمل بشكل أفضل.
ويرتبط الحافز الداخلى ارتباطاً مباشراً بالمثابرة على المستوى الفردي، كما يكون عاملاً ذا أهمية كبيرة لدى أرباب الأعمال عندما يوظفون الأشخاص.
وأخيراً، يفضل الشباب القطاع العام على الخاص، لأن وظائف القطاع تحظى باحترام مجتمعى ومألوفة، وعلى النقيض، يُنظر لوظائف القطاع الخاص على أنها لغز، ولا يفضلها كبار الأسرة.
ومن الضرورى أن تنخفض مستويات البطالة بين الشباب فى دول مجلس التعاون الخليجى، نظراً لأن هذه الفئة العمرية هى الأسرع نمواً، فقد ارتفعت من 15 مليون شاب فى عام 2000 إلى 20 مليوناً فى 2014.
وهناك طرق عديدة يمكن تطبيقها فى التعليم والعمل من قبل دول مجلس التعاون لتغيير السياسات والسلوكيات والمعايير الاجتماعية لمعالجة مشكلة البطالة بين الشباب.
ويمكن على سبيل المثال، إدخال الأطفال فى نشاطات مثل الرياضة لتعليمهم ضبط النفس والاستقلالية، والسماح لهم بالتصرف فى بيئة ذات إشراف محدود وإرشاد، كما ينبغى أن تحتوى مناهج المرحلة الابتدائية على النشاطات الجماعية لتعليم المثابرة والمرونة، والسماح للأطفال بتجربة الفشل حتى يتعلموا كيفية التعويض عنه بالنجاح.
وينبغى على الآباء وقادة المجتمع تعزيز الحافز من خلال تقدير انجازات الشباب فى سن مبكرة، فهؤلاء الشخصيات تشكل عادة قدوات عليا للصغار خلال فترة تطوير مهاراتهم.
وعلاوة على ذلك، ينبغى تشجيع الشباب على وضع أهداف شخصية خلال فترتى المدرسة والجامعة من خلال التدريب وبرامج العمل والمستشارين المهنيين، ويمكن على أرباب العمل توفير فرص للطلاب لتطوير خبرة فى العمل، ومهارات ومعرفة تقنية، وهذه التجارب تعرض الطلاب لحياة العمل وتمكنهم من وضع أهداف فى حياتهم المهنية مبكراً، كما أن ذلك يشجع على فهم أعمق لكيفية تأثير المسارات التعليمية على الاختيارت المهنية.
وأخيراً، ينبغى على أرباب العمل تقديم فرص للتطوير المهنى داخل مؤسساتهم، وهذا من شأنه تحسين عملية الاحتفاظ بالموظفين؛ لأنهم سيشعرون أنه تم استثمارهم فى مهنتهم، كما ينبغى مواصلة تدريب الموظفين ذوى الجدارة طوال حياتهم المهنية.
وبالإضافة إلى ذلك، ينبغى على الحكومات إعادة التفكير فى نهجهم تجاه شبكات الأمان الاجتماعى والحوافز، فمن المفترض أن تشجع الحوافز على تطوير المهارات الشخصية الإيجابية لدى شباب دول مجلس التعاون الخليجي.
ويعد تشجيع دوافع الشباب مسئولية مشتركة تحتاج تحركاً جماعياً، وينبغى على المؤسسات التعليمية والشركات، والقطاعين العام والخاص التعاون لزيادة توظيف الشباب للحد الأقصى، وبذلك سوف نشجع الشباب على استغلال أقصى إمكاناتهم، وبعد كل شيء، شباب اليوم هم قادة المستقبل.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: صحيفة «فاينانشيال تايمز»








