قبل يومين من إصدار وزير الصناعة، منير فخرى عبدالنور، قرار فرض رسوم حماية على واردات الحديد، فاجأنا القيادى الإخوانى المنشق ثروت الخرباوى بمقال فى الزميلة «الوطن»، يستغيث فيه برئيس الجمهورية للتحقيق فى أن الوزير عبدالنور، بمعنى ما جاء بالمقال “شرب شاى بالياسمين” لقبوله حضور حفل خاص أقامه رجل الأعمال اللبنانى رفيق الضو، شريك جمال الجارحى، رئيس مجموعة السويس للصلب ورئيس غرفة الصناعات المعدنية، وهذا الحفل كان فى أحد فنادق بيروت مؤخراً، وتم الاتفاق فيه- وفقاً لما قاله الخرباوى- على أن يقرر الوزير فرض رسوم حماية جديدة على واردات الحديد التى سبق أن فرضها منذ فترة لمدة 200 يوم، وانتهت منذ أيام.
واستند الخرباوى إلى خبر منشور فى «روزاليوسف» عن هذا الحفل، وربطه بالاتفاق بين الضو والجارحى، وهما من كبار صناع الحديد، مع الوزير على أن يفرض رسوم حماية، وبالطبع فإن أى قارئ بمجرد أن يعلم أن الثلاثى الوزير والضو والجارحى فى مكان واحد، إذاً هناك اتفاق على شىء ما، والأقرب كان رسوم الحديد وفقاً لمصالح الضو والجارحى.
منطقياً هناك مبررات لفرض رسوم على واردات الحديد لدى المصانع التى تعانى أزمات فى الطاقة وتدبير الدولار لاستيراد الخامات، أيضاً هناك مبررات منطقية لدى من يعترضون على فرض رسوم على واردات الحديد، لأنه يقلل من فرص المنافسة بين المنتج المحلى والمستورد، وبالتالى فإن المتضرر من ذلك هو المستهلك، خاصةً إذا ما قامت المصانع المحلية برفع أسعارها مستغلةً عدم إقبال المستوردين على الاستيراد بعد هذه الرسوم التى تزيد من تكلفة الاستيراد، وينفرد المنتجون المحليون بالسوق.
وإزاء هذه المبررات لكلا الطرفين يتخذ الوزير عبدالنور قراره، وهو أيضاً له مبرراته فى الانحياز لأحد الطرفين وفقاً لمعطيات المصلحة الوطنية التى من المفروض أنه يرعاها وأقسم اليمين عليها عند توليه منصبه.. ولكن انحياز الوزير لطرف المنتجين لا يعنى أنه، كما قال الخرباوى، قد تم بالاتفاق مع اثنين من المنتجين أصحاب المصلحة، وهما الضو والجارحى، وأن الوزير قد حضر حفلاً خاصاً أقيم على شرفه من الضو والجارحى.
ولكن للحقيقة فإن تاريخ عبدالنور لا ينبئ بأن الرجل من هواة الشاى بالياسمين، فعبدالنور من عائلة رأسمالية وسياسية معروفة، وهو رجل أعمال لديه ما يكفيه دون أن ينتظر ما يزعم به الخرباوى.. قد يكون مقبولاً أن الوزير بتاريخه كرجل أعمال سابق قد يميل لمطالب هذه الطبقة ويستجيب لها، ولكن لا يعنى ذلك أنه يخضع لأحد.
إذاً.. الأمر يتطلب من الوزير عبدالنور أن يطرح مبرراته لفرض رسوم على واردات الحديد فى ظل انخفاض أسعاره عالمياً بالمقارنة بالمنتج المحلى، وأن يوضح أسباب حضوره حفل بيروت إن كان ذلك حقيقة.. ويبين أن قراره هذا لا يعنى أنه سيعطى الفرصة للصناع المحليين للانفراد بالسوق ورفع الأسعار.








