“القرصنة” أجبرت المنتجين على إنتاج الأفلام الـ”هابطة” ودفعت البعض للتوقف
فاروق صبرى: 90% تراجعاً فى إيرادات شركات الإنتاج نتيجة سرقة الأفلام من دور العرض
الرئاسة كلّفت فايزة أبوالنجا بحل مشاكل القطاع وتنفيذ استراتيجية الغرفة.. و”القمة الاقتصادية” أوقفت التطوير
ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء لدور العرض السينمائى 10 أضعاف خلال الأشهر الماضية
رفعت غرفة صناعة السينما باتحاد الصناعات، دعوى قضائية أمام المحكمة الاقتصادية، ضد وزارة الاستثمار والشركة المصرية للأقمار الصناعية “نايل سات”، لعدم اتخاذهما قرارات لحل مشكلة سرقة الأفلام من دور السينما وإذاعتها عبر القنوات الفضائية.
وقال فاروق صبرى، رئيس الغرفة فى حوار لـ”البورصة”، إن الغرفة سعت الفترة الماضية للوصول لحلول لمشكلة القرصنة ووقف إذاعة الأفلام عبر القنوات الفضائية التى تبث من خلال القمر الفرنسى “اليوتل سات” بموجب الاتفاقية التى وقعتها “النايل سات” مع الشركة الفرنسية.
وكانت الشركة المصرية للأقمار الصناعية وقعّت عام 2009 اتفاقية مع “يوتل سات” لتوسيع المجال المدارى للنايل سات وزيادة عدد الترددات، حتى تستطيع إضافة قنوات جديدة.
وأوضح صبرى، أن الاتفاقية لم تتضمن شروطاً تعاقدية تمنع الشركة الفرنسية من منح أى بث للقنوات الجديدة إلا بموافقة النايل سات.
وأضاف أن الدعوى القضائية التى رفعتها الغرفة تطالب بحماية المنتجين من الممارسات الضارة وسرقة الأفلام وتعويض المنتجين عن الخسائر التى تكبدوها السنوات الماضية.
وأشار إلى أن “اليوتل سات” قام بتأجير مساحات لبعض الشركات الإنجليزية والأردنية مثل “نورسات”، وأن الأخيرة باعت مساحات فضائية لمجموعة قنوات قامت بسرقة الأفلام المصرية التراثية القديمة وعددها 3500 فيلم، وإذاعتها على مدار الـ 24 ساعة يومياً، مقابل 20 ألف دولار للقمر الفرنسى.
تابع: “الأمر تجاوز سرقة الأفلام القديمة إلى سرقة الأفلام الجديدة فى الأسبوع الأول لعرضها فى السينمات، ما أدى الى منع 90% من الجمهور من مشاهدة الأفلام فى السينما وكبّد المنتجين خسائر تصل إلى 90% من تكلفة الفيلم”.
وفقاً لصبرى بلغ عدد القنوات التى تقوم بسرقة الأفلام وبثها من خلال اليوتل سات 74 قناة، وتقوم تلك القنوات بإذاعة إعلانات سيئة نظراً لانخفاض أسعارها عن القنوات الرسمية.
هذه الممارسات ساهمت بشكل كبير فى اتجاه بعض المنتجين لإنتاج الأفلام الرخيصة لتغطية حجم الخسائر وأجبرت البعض الآخر على التوقف، “يضيف صبرى”.
وأشار الى أن تكلفة الفيلم الجيد تصل إلى 30 مليون جنيه، فى حين لا تتجاوز تكلفة الأفلام الرخيصة 5 ملايين جنيه.
وقال صبرى، “كان من الضرورى مقاضاة النايل سات ووزير الاستثمار أشرف سالمان بصفته مسئول عن النايل سات وإرسال صورة من عريضة الدعوة لرئيس الوزراء إبراهيم محلب لحماية حياة المنتج كمواطن وممتلكاته وأعماله من الاعتداء والسرقة”.
أضاف أن الدولة طبقاً للقانون والدستور يجب أن تحمى المنتجين، وأن الغرفة لجأت للقضاء بعد عرض المشكلة على جميع المسئولين المختصين ورؤساء الوزراء منذ فترة تولى الدكتور حازم الببلاوى رئيس الوزراء السابق، الذى أبدى تعاطفاً وانزعاجاً من المشاكل التى تعانيها السينما.
تابع: الغرفة سعت للقاء وزير الثقافة لطرح المشاكل التى تعانيها الغرفة وسبل حلها، لكن الوزير لم يحدد موعد حتى الآن، وكذلك وزير الاستثمار لم يسهم فى حل مشكلة النايل سات وقنوات القرصنة على الرغم من وعد المهندس إبراهيم محلب بدراسة وحل مشاكل القطاع.
واستطرد أن الرئيس عبدالفتاح السيسى يهمه أن تنتعش صناعة السينما لأنها تمثل قوة ناعمة تخدم سياسة الدولة وتوطد العلاقات مع الدول الأخرى، ولها تأثيرات سياسية واقتصادية وسياحية لا تعد.
وأشار الى أن مؤسسة الرئاسة كلّفت المستشارة فايزة أبوالنجا فبراير الماضى بدراسة مشاكل السينما والمساعدة فى تنفيذ الاستراتيجية التى أعدتها غرفة صناعة السينما لتطوير وإنقاذ الصناعة، لكن انشغال الحكومة بالمؤتمر الاقتصادى والقمة العربية ومشاركة مصر فى الحرب على الإرهاب فى اليمن أحالوا دون تنفيذ الاستراتيجية.
وقال إن الغرفة ستطالب بمقابلة الرئاسة الفترة المقبلة لعرض مشاكل القطاع مرة أخرى، وأضاف “نعلم أن الرئيس لديه العديد من الأزمات والقضايا، لكنه يهمه أن تحل مشاكل السينما أيضاً”، وكان من المفترض أن يتم الإعلان عن موافقة الرئاسة وبدء تنفيذ الاستراتيجية التى أعدتها غرفة السينما خلال مارس الماضى.
وشملت استراتيجية غرفة صناعة السينما طرح حلول لمشاكل القرصنة وإنشاء شركة قابضة لأصول السينما تساهم فى تمويل الأعمال الثقافية الجيدة وتنمية دخل وزارة الثقافة، وإنشاء صندوق لتنمية صناعة السينما برأسمال مبدئى 100 مليون جنيه تموله وزارتا الاستثمار والتخطيط بقيمة 50 مليون جنيه وتخصص إيراداته لإقراض الشركات المنتجة.
وتضمنت بنود الاستراتيجية المطالبة بزيادة الدعم المقدم من وزارة المالية للمركز القومى للسينما من 20 إلى 50 مليون جنيه، لزيادة قدرة المركز على إنتاج أفلام تمثل مصر فى المهرجانات، وكذلك تضمنت نقل أصول السينما الى وزارة الثقافة بدلاً من الاستثمار.
وتضم أصول السينما التابعة للدولة 15 دور عرض ومجموعة استوديوهات قديمة ومعامل طبع، وأوضح أن نقلها لوزارة الثقافة يستوجب إنشاء شركة قابضة تدير الأصول وتتولى تطويرها وهو ما لا يمكن تحمله فى ظل الوضع الحالى للوزارة، وفقاً لصبرى.
ويحوى السوق المصرى 500 دور عرض سينمائى بينها 30 فقط تابعين للقطاع العام، ويستعد دور العرض إلى إحداث تغيرات كبيرة فى آلات عرض الأفلام، والتى تبلغ قيمة الواحدة منها 55 ألف دولار، يضيف صبرى.
قال إن المعامل التابعة للسينما تحتاج إلى تطوير، حيث يستغرق طبع الأفلام فيها قرابة ساعتين لكل نسخة، مقارنة بالمعامل الحديثة فى الهند التى تقوم بمراجعة الفيلم قبل الطبع ولا تستغرق أكثر من 20 دقيقة، وأشار الى أن تكلفة إنشاء معمل صغير وفقاً لأحدث التقنيات التى تصل إلى 10 ملايين دولار.
فى سياق متصل اشار صبرى الى أن صناعة السينما تعانى من ارتفاع أسعار فواتير الكهرباء حيث تضاعفت قيمتها 10 مرات خلال الفترات الماضية لترتفع من 7 آلاف جنيه الى 70 ألفاً شهرياً، مما رفع الأعباء على المنتجين وأصحاب دور العرض.
وأضاف أن الغرفة خاطبت وزارة الكهرباء منذ ثلاثة أشهر، لتعديل الشريحة التى تحاسب بها دور العرض، خاصة أن السينما استهلاكها من الكهرباء ضعيف، واشار الى أن بعض دور العرض تقدمت إلى الغرفة بطلب اغلاقها، لكن الغرفة تحاول إثنائهم عن هذا القرار مساندة لاقتصاد الدولة.
وتساهم صناعة السينما فى دعم الدخل القومى يومياً من خلال ضريبة الملاهى على التذاكر، إضافة إلى الضرائب السنوية على الإيرادات العامة والأرباح وضرائب الدخل على الممثلين.
ويعمل بقطاع السينما نحو 40 ألف عامل أساسى فى الإنتاج ومثلهم فى التوزيع والمعامل ويتضرر أغلبهم من الوضع الحالى للسينما وعدم دعم الوزارات للقطاع ومساعدته على مواصلة العمل والإنتاج، وفقاً لصبرى.
أشار صبرى إلى أن وزارة الطيران فرضت أسعار للتصوير أمام مدخل مطار القاهرة الدولى تصل إلى 10 آلاف جنيه للساعة و40 ألفاً للتصوير داخل قاعة الوصول أو السفر، ما رفع الأعباء على المنتجين، خاصة أن الأعمال السينمائية تستغرق وقتاً طويلاً جداً لتنفيذها وأن المشهد الذى يستغرق دقيقة أمام الشاشة يحتاج إلى ساعات لضبط الكاميرات.
أضاف أن المنتجين إزاء تلك الإجراءات التى وصفها بالتعسفية، لجأوا إلى عمل ديكورات للمطار بمدينة الإنتاج الإعلامى، مما يظهر مستوى مطار القاهرة الدولى بشكل لا يليق بمستوى مصر أمام جميع الدول.
وقال إن الغرفة خاطبت مؤخراً جميع الوزارات لتخفيض رسوم التصوير فى الأماكن التابعة لوزارة الطيران والآثار لمدة 5 سنوات لمساعدة القطاع، مشيراً الى أن وزارة الآثار رفعت رسوم التصوير بالأهرامات الى 5 آلاف جنيه فى الساعة.
فى سياق آخر قال فاروق صبرى، رئيس شركة الأخوة المتحدون للإنتاج السينمائى، إن الشركة تستعد لخوض تجربة إنتاج مسلسلات الدراما، مشيراً الى أن الاتجاه للدراما يعد مخاطرة كبيرة لارتفاع تكلفة إنتاج المسلسل مقارنة بالفيلم إضافة إلى تعثر بعض القنوات فى شراء المسلسلات.
