بقلم: جوش روجين
أظهر المسئولون العسكريون الصينيون الذين حضروا مؤتمراً أمنياً كبيراً فى سنغافورة، أول الأسبوع الجارى، أنهم لا يعتزمون إيقاف أنشطتهم العدوانية فى بحر الصين الجنوبى، وأنهم واثقون بأن الرئيس الأمريكى باراك أوباما لن يكون قادراً على فعل شيء لإيقافهم.
وفى مؤتمر قمة الأمن الآسيوى والمعروف بحوار شانجريلا، ظهر مسئولون كبار فى جيش التحرير الشعبى الصينى ظهوراً نادراً، واختلطوا مع قادة الحكومات الآسيوية والغربية، ومراكز الدراسات، والشركات، وكانت هذه فرصة نادرة لسماع ما يفكر فيه حقاً قادة الجيش الصينى من خلال تفاعلات عامة وخاصة.
وما لاحظه الكثيرون منا- نحن الغربيين الحاضرين- هو ثقة جيش التحرير الشعبى، وإظهاره القليل من الاحترام لحكومة أوباما التى تتكلم كثيراً عن مواجهة الصين، ولكن لم تضع استراتيجية واضحة لذلك بعد.
وأخبرنى العديد من الخبراء والمسئولين الأمريكيين فى سنغافورة، أنهم لا يتفقون حقيقة مع التصور الصينى أن أوباما ضعيف، أن حكومته لا تمتلك خطة لإيقاف بناء الصين جزراً صناعية على الشعاب المرجانية وتشكيلات الصخور فى بحر الصين الجنوبى.
وأكدوا لى أن وزير الدفاع أشتون كارتر وفريقه يمتلكون خطة، وأن الولايات المتحدة لديها العديد من الطرق لمنع العدوان الصينى، فعلى سبيل المثال عززت الولايات المتحدة عملياتها العسكرية فى المنطقة، بجانب خطاباتها المنددة.
ويذهب هذا الرأى إلى أن الولايات المتحدة حذرة، وتصعد الضغط على الصين تدريجياً مثل زيادة عمليات طائرات الاستطلاع التى تحمل مراسلين من وكالة «سى إن إن» على متنها، كما أن العلاقة مع الصين حساسة، وأى ردة فعل مبالغ فيها تجاه تأكيد الذات الصينى تنطوى على مخاطر.
ويرى بعض المسئولين الأمريكيين، أن أفضل سيناريو هو نوع الدبلوماسية التى دعا لها كارتر فى تصريحاته فى المؤتمر، السبت الماضى، وعبر كارتر عن أمله فى أن توقع الصين العام الجارى ميثاق عمل مشتركاً مع جيرانها فى جنوب شرق آسيا. ومع ذلك، فهذه الآراء لا تجد لها أصداء فى الجيش الصينى، الذى يفسر الحذر الأمريكى على أنه ضعف، ويرى بطء عملية صناعة القرار فى واشنطن على أنها تردد يمكن استغلاله، وتحدث الأدميرال الصينى، سون جيانجو، فى المؤتمر بعد كارتر بيوم، ولم يذكر شيئاً عن أن الصين سوف تخفف من أنشطتها فى بحر الجنوب. وأكد سون، أن الصين تلتزم بنوع التعاون مع الجيران الذى يستفيد منه جميع الأطراف، وقمت بسؤال الأدميرال: مع من بالضبط تتعاون الصين، ومن الآخرون الذين يستفيدون بجانب الصين؟ ولكنه لم يجب. وأخبرنى مسئولان مختلفان غربيان من رواد المؤتمر واللذان اجتمعا مع مسئولين صينيين، أن الصينيين لاحظوا المزيد من الضعف فى السياسة الأمريكية فى زيارة وزير الخارجية الأمريكية جون كيرى لبكين مايو الماضي. وطبقاً للقراءات الصينية، قال كيرى لمستضيفيه، إن الولايات المتحدة تريد العمل معهم على مجموعة من القضايا بما فى ذلك، كوريا الشمالية، وإيران، وسوريا، وإن القوتين لا ينبغى أن تدعا قضايا بحر الصين الجنوبى تقف فى طريق التعاون الأوسع. وبالنسبة لهؤلاء الذين يتابعون كيرى عن كثب يعرفون أن هذه طريقته المعتادة فى الحديث، وأن هذا لا يعنى على الإطلاق أنه يحاول التقليل من التوترات فى بحر الصين الجنوبي. أما الصينيون فقد فسروا كلامه على أن الولايات المتحدة غير مستعدة لمواجهتهم. وربما تكون حكومة أوباما راضية بالتعامل مع قضية بحر الصين الجنوبى بحذر، فالرئيس لديه ما يكفى من الأزمات فى الشرق الأوسط وغيره، وفى الحقيقة، قد لا يكون هناك شيء فى يد أوباما يجعل هذه الجزر الصينية الجديدة تختفي. وربما يوجد سبب وجيه لسياسة الولايات المتحدة، وهو أن أحكم نهج يمكن اتباعه يتمثل فى الاستفادة من تناقص شعبية الصين فى المنطقة من خلال تقوية التحالفات، وفى الوقت نفسه زيادة الضغط العسكرى ببطء شديد. ولكن بالنسبة للمرشحة الرئاسية المحتملة، هيلارى كلينتون، سوف يصبح الأمر أكثر إلحاحاً، وبالفعل بدأ خصومها الجمهوريون يشيرون إلى أنها كانت صاحبة سياسة «التحول نحو آسيا» عندما كانت وزيرة خارجية، وهى سياسة نصحها مستشاروها بالاعتماد عليها فى حملتها الانتخابية، لكن حاكم ولاية ويسكونسن الأمريكية، سكوت والكر، وصف هذه السياسة الأسبوع الماضى بـ«الفارغة تماماً»، وغير قادرة على مواجهة التأكيد البحرى الصيني.
وقال والكر: «بينما أعلنت كلينتون فى 2010، أن حرية الإبحار فى بحر الصين الجنوبى هى فى الصالح الوطنى للولايات المتحدة، فشلت فى دعم هذا الحديث الصارم، بفعل قوى، ولاحظ الصينيون ذلك، وتصرفوا طبقاً له… وأصبح الرد الأمريكى الحازم ضرورياً». وبالتالى، عندما يتولى الرئيس الأمريكى الجديد منصبه، ينبغى عليه أو عليها اتخاذ موقف أكثر صرامة مع بكين، أما خلال الفترة المتبقية من حكم أوباما، فسوف يفعل الصينيون ما يحلو لهم.
إعداد: رحمة عبدالعزيز
المصدر: وكالة أنباء «بلومبرج»








