غياب التضامن السياسى لتقاسم الأعباء وراء السقوط فى فخ الديون
مضت 8 سنوات تقريباً على الأزمة المالية العالمية، والتى بدأت فى أغسطس 2007، ومازالت نفس القضايا قائمة.
وتساءلت مجلة الإيكونوميست عن من الذى ينبغى أن يعانى من الألم؟ الدائنون أم المدينون؟ وهل أفضل وسيلة لتحقيق التحفيز المالى هو النمو على المدى القصير أو الإصلاح الهيكلى على المدى الطويل؟ وفى أوروبا على وجه الخصوص، كيف يمكن التوفيق بين الديمقراطية المحلية والالتزامات الدولية؟.
وذكرت المجلة أن الديون تقود زمام الثروة المستقبلية، حيث يتوقع المقرضون تسديد الدين، ولكن إذا لم ترتفع الثروة بما يكفى لتبرير التفاؤل، فالمقرضون سوف يصابون بخيبة أمل، وسوف يتخلف المدينون عن السداد، الأمر الذى يدفع الدائنين لمزيد من خفض الإقراض، ويخلق مشكلة فى السيولة ومن ثمّ تتدخل الحكومات، كما فعلت فى 2008 و2009.
وأشار التقرير إلى أن أفضل طريقة لمواجهة الكثير من الديون هو تحفيز النمو، لكن الدول المتقدمة حتى أمريكا، كافحت كثيراً من أجل إعادة إنتاج معدلات نمو ما قبل الأزمة، ولذلك انحصر التحرك فى ثلاثة خيارات، التضخم، والتعثر عن السداد أو الركود.
وأوضحت المجلة أن اختيار التضخم يعنى أن الناتج المحلى الإجمالى الاسمى يرتفع بسرعة، مما يقلل من نسبة الدين إلى الناتج المحلى الإجمالى. وفى الواقع، كان هناك القليل جداً من التضخم فى دول العالم المتقدم وتمت السيطرة على أعباء الديون عن طريق «القمع المالى» – ابقاء أسعار الفائدة الحقيقية عند مستويات منخفضة جداً أو سلبية – وقد أحبطت وقوع أزمة سداد فى العديد من البلدان، لكنها لم تقدم الكثير لأعباء الدين العام وتخلّفت اليونان عن سداد ديون القطاع الخاص عام 2012.
وبطبيعة الحال تميل البلدان المتعثرة للاستدانة من الخارج، ولكن الظروف الاقتصادية صعبة للحصول على ديون فى الوقت الراهن، ولذلك لو كان من الصعب تحقيق التضخم وأصبح التعثر محفوفاً بالمخاطر فسوف ينتهى الأمر حتمياً بالركود أو شبه ركود.
وكان هذا هو الحال فى اليابان، حيث تباطأ النمو الاقتصادى منذ انفجار فقاعة الأصول بداية التسعينيات، ولكن الركود يؤجل المشكلة فقط ولا يستطيع حلها، وقد واجهت اليابان ضغطاً أقل من معظم الدول الأخرى التى تعرضت لأزمة ديون، لأن مديونياتها تعود فى المقام الأول إلى مواطنيها لذلك لم يكن هناك ما يدعو للقلق من الدائنين الأجانب.
وتم تصميم استراتيجية «ابيكونوميكس»، لإخراج البلاد من الفخ عن طريق خلق المزيد من النمو والتضخم، ويواجه الاتحاد الأوروبى واليابان مشاكل الديموغرافية التى من شأنها أن تضعف النمو إلى أجل غير مسمى، الذى يزيد من الحاجة للتعويض عن التحسينات فى الإنتاجية، ولكن الإصلاحات لتحقيق هذه الغاية تواجه مقاومة سياسية شرسة.
وعلى غرار اليابان فمنطقة اليورو لديها مشكلة ديون داخلية وليست خارجية، ومع ذلك، فقد أظهرت الأزمة الحالية عدم وجود تضامن سياسى كافٍ لدعم تقاسم الأعباء.
لقد كان هذا خللاً فى مشروع اليورو منذ البداية، ويكمن الحل الوحيد فى خلق اتحاد سياسى مع السلطة المالية المركزية، لكن ذلك سيتطلب من الناخبين فى الدول الأعضاء فى منطقة اليورو التخلى عن السيادة، وفى النهاية تساءلت المجلة ماذا يعنى كل هذا؟.
وتوقعت أنه على أقل تقدير سوف تحدث سلسلة لا نهاية لها من الأزمات والمؤتمرات على مستوى القمة الأوروبية، وهذا يعنى أيضاً أن حزب سيريزا، لن يكون آخر حزب متمرد يصل إلى السلطة، وسوف تضطر البنوك المركزية إلى إبقاء أسعار الفائدة منخفضة من أجل الحفاظ على النظام.