مصرفيون: الاشتراطات الجديدة تطبيقاً لمبدأ «اعرف عميلك» ومكافحة غسل الأموال
فى الوقت الذى يتبنى فيه القطاع المصرفى عدداً من المبادرات لزيادة عملاء البنوك من خلال «حساب لكل مواطن» أخذت تشدد فى إجراءات فتح حسابات مصرفية جديدة للعملاء سواء كانت جارية أم توفير، بالإضافة إلى التحويلات المالية.
ومن أبرز الإجراءات التى تشترطها أغلب البنوك لفتح حساب التقدم ببيان موثق من جهة العمل يثبت الانتماء لها، بالإضافة إلى إحضار إثبات دخل لذوى الأعمال والمهن الحرة من السجلات التجارية وإحضار بطاقات ضريبية موثقة، فى حين كانت تكتفى المصارف من قبل ببطاقة الرقم القومى للتأكد من هوية العميل وإتمام باقى الاجراءات اللازمة لعمليات فتح الحساب.
كما اشترطت البنوك فيمن ليس لديهم أى عمل إحضار بيانات إثبات مصادر الدخول كإعلام الوراثة، وبالنسبة لربات البيوت فيمكنهن تقديم إثبات دخل خاص بأزوجهن.
وبرر مصرفيون تطبيق تلك الاشتراطات للحد من عمليات غسل الأموال وتتبع مصادرها، وتأتى تلك التشديدات فى الوقت الذى تسعى فيه البنوك لحشد أكبر سيولة تؤهلها لتمويل المشروعات القومية المرتقبة ومشروعات تنمية محور قناة السويس التى تطلب تمويلات بالمليارات.
تأتى البنوك العامة فى مقدمة المصارف التى تتشدد فى فتح حسابات مصرفية برغم الإقبال الواسع والثقة التى تحوزها من جانب العملاء، حيث يشترط بنكا الأهلى ومصر ضرورة إثبات دخل للموظفين ولذوى الأعمال والمهن الحرة، بالإضافة لمن ليس لديهم عمل أو دخل ثابت.
فى حين لا يشترط بنك القاهرة إثبات الدخل للحسابات الجارية بينما يتمسك به عند فتح حساب توفير للعملاء، فيما لا يشترط البنك العربى تقديم بيانات الدخول لربات المنازل. وتكتفى بنوك بيريوس والاتحاد الوطنى والاستثمار العربى والأهلى اليونانى بتقديم بطاقة الرقم القومى فقط مرفق بإيصال خدمات حديث.
أكد المصرفيون، أن هناك تعليمات واضحة من البنك المركزى تم استقبالها من قبل البنوك بعد الأحداث الأخيرة التى مرت بها البلاد بغرض مكافحة غسل الأموال، ومعرفة مصدر الأموال المودعة حتى لا ينسب لأى بنك أنه يستقبل أموالاً مشبوهة، لاسيما أن فى الوقت الحالى يوجد تشكيك كبير لمصادر الأموال لبعض الجماعات على خلفية التمويلات الممنوحة للعناصر الإرهابية.
قال كريم سوس، رئيس قطاع مخاطر التجزئة المصرفية بالبنك الأهلى المصرى، إن البنوك تكافح بشروطها الجديدة لفتح الحسابات عمليات غسل الأموال والوقوف على مصادرها حتى لا ينسب إليها أى شبهات فى إيداعات الأموال بها.
وأوضح «سوس»، أن هذه التشديدات بدأت مع توالى العمليات الإرهابية فى البلاد، والتى تشير بأصابع الاتهام إلى وجود شبهات فى مصادر بعض الأموال الخاصة، لافتاً إلى أن هذه الاجراءات وقائية وتحوطية وتضع أمن البلاد فى المقام الأول والأخير.
ورفض «سوس» إطلاق كلمة تشديدات على فتح الحسابات، حيث إنها بمثابة شروط تستخدم لصالح البنك وحماية العميل لا يمكن تجاوزها أو الحياد عنها؛ لأنها صادرة عن البنك المركزى.
قال مسئول بالبنك المركزى، إنه تم توجيه تعليمات للبنوك بالتشدد فى فتح حسابات العملاء بمختلف أنواعها واضعاً شرط اثبات مصادر الدخول من أهم شروط فتح الحساب، معتبراً أن هذا الشرط هو الفيصل فى فتح الحساب من عدمه بغرض مكافحة غسل وتهريب الأموال من خلال عمليات التحويل.
وأفاد المسئول بأن معظم البنوك أسرعت فى تطبيق هذه الشروط بحكم وضعيتها فى السوق، بينما لاتزال بنوك أخرى يعد نشاطها محدوداً داخل السوق قيد تنفيذ هذه الاجراءات.
وأعلن البنك المركزى، أن إجمالى الودائع لدى الجهاز المصرفى، بخلاف البنك المركزى، ارتفع بنحو 13 مليار جنيه، ليصل فى أبريل الماضى إلى 1.67 تريليون جنيه، مقابل 1.66 تريليون فى الشهر السابق عليه.
قال أسامة المنيلاوى، مساعد مدير عام قطاع إدارة الأموال ببنك الشركة المصرفية، إن قواعد فتح الحساب للعملاء الجدد عن طريق بعض الأوراق التعريفية للعميل يمثل تدابير احتياطية للبنوك، ولا يمثل أعباء على العميل.
وأضاف أن من حق البنك معرفة مصادر دخل العملاء لتنفيذ قاعدة «اعرف عميلك»، وذلك لمنع حدوث العمليات المشبوهة داخل القطاع المصرفى.
وأشار المنيلاوى إلى أن البنوك تحدد الشرائح المستهدفة من العملاء عن طريق وظائفهم ومصادر الدخل لتقديم عروض تمويلية مختلفة حسب احتياجات كل شريحة.
وقال المنيلاوى، إن بعض البنوك تستثنى العملاء الجدد من إثبات الدخل، لكنها تطلبه من العميل فى وقت لاحق مع بدء تشغيل الحسابات.
وأضاف أن القطاع المصرفى خلال الفترة الماضية يسعى لزيادة عدد المتعاملين بالبنوك، وأن تلك الإجراءات لا تعيق ذلك، بل إنها ستكون داعمة للقطاع والعملاء فى نفس الوقت.
قال محمد إيهاب، الخبير المصرفى، رئيس مجموعة المعاملات المصرفية بالبنك الأهلى المصرى سابقاً، إن شرط اثبات مصدر الدخل لفتح الحسابات، تم وضعه لمواجهة مصادر التمويل المشبوهة. وأضاف أن ذلك لا يمنع أصحاب المهن الحرة وربات المنازل من فتح حسابات، ولكنه يطالبهم بمستند رسمى بمصدر الدخل سواء عن طريق بطاقات السجل التجارى أو إثبات وظيفة الزوج أو الميراث.
وأشار إيهاب إلى أن تلك الشروط تنطبق على القواعد الدولية التى تنفذها دول العالم تحت مبدأ «اعرف عميلك» لمعرفة مصادر دخل العملاء ولمنع عمليات غسل الأموال وتمويل الجماعات الإرهابية.
وقال إيهاب، إن البنك المركزى يقوم بمتابعة ومراجعة الحسابات فى البنوك العاملة فى القطاع المصرفى، نظراً لوجود اى بيانات مبهمة وغير واضحة خاصة بأحد العملاء فإنها قد تسبب مشاكل للبنك.