1.3 مخزناً تعرضت للسرقة خلال 5 سنوات وخبراء: “المخازن المتحفية” هى الحل
“الكسبانى”: 68 مخزناً فى منطقة آثار سقارة بعضها داخل المقابر
“إبراهيم”: التأمين الفنى يتضمن حماية القطع الأثرية فى درجة حرارة لا تقل عن 16 ونسبة رطوبة بين 55% و65%
“سنبل”: 40 مليون جنيه تكلفة المشروع الواحد
قال خبراء الآثار ، إن “المخازن المتحفية” الحديثة، هى الحل الأمثل للحفاظ على كنوز مصر الأثرية، من حيث سهولة الترميم وإحكام التأمين، مضيفين أن الوزارة بدأت خطتها فى إنشاء تلك المخازن منذ عام 2002، ولم تستكملها بسبب العقبات التمويلية التى واجهتها بعد يناير 2011.
أكد الدكتور مختار الكسبانى، أستاذ الآثار الإسلامية بجامعة القاهرة، مستشار أمين عام المجلس الأعلى للآثار السابق، أن الوزارة بدأت خطة تطوير المخازن الأثرية فى عام 2002، وقت تولى الدكتور زاهى حواس رئاسة المجلس الأعلى للآثار، مستهدفة توسيعها وتجديدها وتأمينها.
وأشار إلى أن “المخازن المتحفية” عبارة عن مخازن تحوى قاعات متحفية، وهى الحل الأمثل لاستغلال التحف والقطع الأثرية المشونة داخل المخازن، وتضمن تأمينها من السرقة والحفاظ عليها من التلف.
وصُممت تلك المخازن المتحفية بطرق حديثة، إذ تشمل قاعات وصالات مخصصة بها أرفف لرص القطع الأثرية عليها بدلاً من تشوينها داخل حاويات خشبية أو كرتونية لا تضمن حمايتها بشكل كامل.
ونجحت وزارة الآثار فى تطوير وإنشاء أكثر من 20 مخزناً متحفياً خلال السنوات الأخيرة، لكن الأزمة المالية التى أصابت الآثار جراء ضعف التدفق السياحى، حالت دون استكمال باقى خطة تطوير المخازن، وفقاً لـ”الكسبانى”.
وقال إن المناطق التى شهدت بناء وتطوير مخازن أثرية بها فى الفترة الأخيرة، هى محافظة الإسكندرية، وبها 4 مخازن، ومرسى مطروح وبها مخزن واحد، والمطرية بالقاهرة.
ويبلغ إجمالى عدد المخازن الأثرية بجميع محافظات مصر، نحو 90 مخزناً بخلاف الـ20 مخزناً حديثى التطوير والإنشاء، ما بين مخازن متحفية ومخازن داخل المتاحف كمتحف الحضارة الذى يحوى أكثر من 50 ألف قطعة، والمتحف المصرى الكبير، ومخازن قائمة بذاتها كمعظم المخازن بالمواقع الأثرية.
وتحوى منطقة آثار سقارة وحدها 68 مخزناً قديماً، بعضها داخل المقابر المكتشفة، والآخر مبنى من الطوب، مما كان يسهل عمليات السرقة والتنقيب أسفلها، خصوصاً أن المنطقة مترامية الأطراف، ومفتوحة من الجهة الغربية على صحراء دهشور، وتفتقر إلى التأمين الكافى.
ولجأت الوزارة لإنشاء “المخازن المتحفية” للحد من سرقات الآثار، وأنشأت 3 مخازن بمنطقة سقارة حديثاً، وتم نقل آثار نحو 45 مخزناً من المخازن القديمة إليها، وما زال هناك 23 مخزناً قديماً.
وقال غريب سنبل، رئيس الإدارة المركزية للترميم بوزارة الآثار، إن الوزارة لديها نية لاستكمال تطوير المخازن الأثرية القديمة، لتصبح مخازن متحفية، ولكن هناك عوائق تمويلية تحول دون إنجاز الخطة، نظراً إلى ارتفاع تكلفة إنشاء وتطوير تلك المخازن.
وأضاف أن تكلفة إنشاء المخزن الواحد بالنظام المتحفى قد تصل إلى 40 مليون جنيه، إذ إن المخزن المتحفى يختلف تماماً فى تصميمه عن نظيره الأثرى، من حيث طرق التخزين والتأمين. والمخزن المتحفى مصمم ليحوى صالات مقسمة لكل حقبة تاريخية، وأرفف لوضع القطع الأثرية، ما يسهل عملية فحص وترميم الأثر بشكل سريع. كما توجد به أبواب مصفحة وكاميرات مراقبة لإحكام عملية التأمين.
وتبلغ سعة المخزن الواحد نحو 30 إلى 50 ألف قطعة أثرية أو أكثر، حسب مساحة كل مخزن وعدد القطع المكتشفة بكل منطقة أو محافظة.
وتشمل المخازن الأثرية التى تم تطويرها حديثاً والملحقة بها قاعات عرض متحفى، مخزن الآثار فى القنطرة شرق، ويخدم منطقة شمال وجنوب سيناء، ويضم قطعاً أثرية مكتشفة منها آثار قبطية وإسلامية وآثار من محافظة الإسماعيلية، وفقاً لرئيس الإدارة المركزية للترميم.
وينضم مخزنا “تل بسطة” و”تل الربع” بمركز السنبلاوين لقائمة المخازن المطورة، واللذان يخدمان المنصورة وشرق الدلتا. كذلك مخزن “تل الفراعين” بكفر الشيخ، ومخزن “ماريا” و”مارينا” بالساحل الشمالي.
وأشار “سنبل”، إلى أن الإدارة بدأت خلال أغسطس الماضى فى معاينة وفحص القطع الأثرية بكل من مخازن “ماريا” و “مارينا” و “مرسى مطروح” لترميم ما يحتاج منها، لحين نقلها للمتحف اليونانى الرومانى.
وبحسب رئيس الإدارة المركزية للترميم، فإن عدد المرممين الأثريين المعينين بالوزارة يبلغ نحو 3 آلاف أخصائى ترميم.
من جانبه، قال الدكتور حجاج إبراهيم، رئيس قسم الآثار والسياحة بجامعة طنطا، عضو مجلس إدارة المتاحف بوزارة الآثار، إن تأمين التحف والقطع داخل المخازن الأثرية لابد أن يشتمل على التأمين الفنى والخارجى.
وأوضح أن التأمين الفنى يتضمن حماية القطع الأثرية فى درجة حرارة لا تقل عن 16 درجة مئوية، ولا تزيد على 24 درجة، وأن تتراوح نسبة الرطوبة بين 55% و65%.
ويمتلك القطاع الأثرى، مخازن إقليمية وأخرى مركزية، وبعضها يقع فى أماكن متطرفة بحيث تكون عُرضة للسرقة والنهب، مشيراً إلى ضرورة التأمين الشرطى من قبل شرطة السياحة والآثار وأفراد الأمن التابعين للوزارة، إلى جانب آليات التأمين الحديث، ومنها كاميرات المراقبة والأبواب المصفحة.
وأشار عضو مجلس إدارة المتاحف إلى أن الوزارة تراخت فى ترميم وإظهار القطع الأثرية المشونة بمخازنها، مستشهداً بالقطع المكتشفة بكل من منطقة دير القصير وباويط بأسيوط، ودير أبوحنس بالمنيا منذ عام 1976 على يده هو وبعض الأثريين، وما زالت مشونة داخل مخازن الفسطاط.
وكان من المقرر أن تُنقل للمتحف القبطى بمصر القديمة ليتم عرضها ضمن سيناريو العرض المتحفى.
وعن عدد المخازن الأثرية، قال إبراهيم، إن الوزارة تمتلك العديد من المخازن التى لا حصر لها، وبعضها مخازن سرية حرصاً على تأمينها وحمايتها من السرقة. ومن جانبه، قال العميد حازم حكيم، مدير إدارة شرطة سياحة وآثار الجيزة، إن تأمين المواقع الأثرية بما فيها المخازن والمتاحف الكبيرة، وفى مقدمتها المتحف المصرى والمتاحف الإسلامية، يتم إسنادها لشرطة السياحة والآثار بجانب المديريات المحلية لكل موقع، والأمن المركزى.
وأكد أن عمليات التأمين يقتصر إسنادها على شرطة السياحة والآثار وأفراد أمن تابعين للوزارة فقط، وليس لشركات تأمين خاصة، علماً بأن بعض المواقع تحتاج لأكثر من ثلاث ورديات تأمين على مدار اليوم، وهو ما سيكبد القطاع الأثرى تكلفة تأمينية باهظة.
وأضاف أن الأنظمة الأمنية الإلكترونية التى تُستخدم لتأمين المخازن والمتاحف يتم تحديثها وتطويرها بصفة دورية لتواكب كل فترة، وتشمل أجهزة التأمين الإطفائى، وأجهزة الكشف عن المعادن وأجهزة رصد الحركة ليلاً، ويقوم مجلس
الدفاع الوطنى التابع للقوات المسلحة بتركيب تلك الأجهزة وتحديثها، وشهدت الآثار المصرية خلال السنوات الخمس الأخيرة، العديد من حالات التعدى عليها وسرقتها سواء من المخازن أو المتاحف التى تم تخريبها وتدميرها عنوة.
ووفقاً للإحصائيات الرسمية الأخيرة الصادرة عن وزارة الآثار بشأن سرقة المخازن، فهناك ما يقرب من 13 مخزناً تمت سرقتها على مدار السنوات الخمس الماضية، يتصدرها مخزن أسوان، والذى سرق مرتين، وبلغ عدد المسروقات منه 97 قطعة أثرية، يليه مخزن ميت رهينة الذى سرق مرتين هو الآخر، بواقع 64 قطعة.
ونُهبت 7 قطع من مخزن كفر الشيخ، وتعرض مخزن بنى سويف للسرقة، ومخزن سقارة سُرقت منه “لوحة الزيوت السبعة”، ومخزن متحف الحضارة اختفت منه 3 مشكاوات أثرية، فيما كان مخزن مصطفى كامل بالإسكندرية آخر المخازن التى تمت سرقتها مؤخراً، وبلغ عدد القطع المسروقة منه 60 قطعة، وألقى القبض على الجناة.
وتعرض مخزن “القنطرة شرق” فى سيناء للسرقة، إذ أفادت المعلومات بسرقة العديد من صناديق تحف أثرية منه، بالإضافة إلى مهاجمة مخزن بعثة متحف متروبوليتان فى دهشور، ومخزن “دى مورجان”، والاعتداء على مخزن عالم الآثار “سليم حسن” بالجيزة، وكسر أبوابه خلال مارس الماضى، بخلاف الاعتداءات على مخازن تل بسطة، ومخازن وادى فيران بجنوب سيناء.
ومن أشهر حالات التعدى على الآثار المصرية، حادثة نهب قطع أثرية من المتحف المصرى بالتحرير فى اعقاب أحداث 25 يناير 2011، إضافة إلى الآثار التى تمت سرقتها من متحف ملوى بالمنيا، إذ تم نهب 1050 قطعة.
