إبراهيم يوسف: الوزراء يتغيرون باستمرار والوكلاء والمديرون يتدرجون فى السلم الوظيفى بدون قيمة إضافية
جمال جميع: عدم الإفصاح عن الخطوات التى سيتبعها المستثمرون لبدء الأعمال وتوقيتاتها بدقة تضرب دراسات الجدوى
السيد بسيونى: القيادات الوسطى 3 فئات.. أخطرها غير القادرة على فهم القانون وتطبيقه أو التعامل مع المستثمرين
دينا عبدالخالق: الحكومة لديها رغبة قوية فى الإصلاح وقانون الخدمة المدنية يتبنى أفكاراً عالمية
مطالبات بخفض أجل التقييم الحكومى السنوى وإيجاد حوافز لجذب كفاءات القطاع الخاص وآليات لتمويل المشروعات
كيفية حدوث التغيير والإصلاح الإدارى فى مصر، كان المحور الرئيسى لجلسة «مدى تأثير أداء 11430 وكلاء وزراء ومديرى عموم على تنمية الاستثمار فى مصر»، وتناولت تأثير الوضع الحالى على جودة الخدمات المقدمة للمواطن، وكذلك بالنسبة للمستثمر، ودور القيادات الوسطى، البالغ عددهم 11430 موظفاً، فى تطبيق القوانين، وكيفية رفع أدائهم وكفاءتهم، كما تطرقت أيضاً إلى الصعوبات التى تواجه المستثمرين فى بدء العمل بمصر، وكيفية التغلب عليها.
فى البداية، قال إبراهيم يوسف، الرئيس التنفيذى لشركة أونكس كابستون للاستشارات، وأحد أعضاء مجموعة العشرين T20 بوزارة التخطيط، إن الوزارات والحكومات تتغير بصفة سريعة ومستمرة، لكن هناك 11430 موظفاً، ما بين وكلاء وزارة ومديرى العموم والتنفيذيين، يتدرجون فى السلم الوظيفى ببطء، وبالتالى لابد من إحداث تغيير حقيقى لهؤلاء المديرين ووكلاء الوزارات، على مستوى الاستراتيجيات، ليصبحون أكثر كفاءة وفعالية فى المرحلة المقبلة، وتطوير أدائهم.
ووجه يوسف، الذى أدار الجلسة، سؤالاً لجمال جميع، أحد أعضاء T20 وهو مؤسس شركة سبرينج بورد لإدارة الاستثمار، المسئول عن ملف إدارة الاستثمار، عن المشاكل التى تواجه المستثمرين فى الوقت الحالى.
قال جميع إن تجاربه السابقة مع الحكومة ووزارة الاستثمار والهيئات تتلخص فى نقص المعلومات وغياب الشفافية فى الإجراءات، فعلى سبيل المثال عندما بدأنا الخطوات الإجرائية لإقامة مشروع متوسط الحجم برأسمال 10 ملايين جنيه واجهتنا العديد من الصعوبات منها كيفية البدء فى المشروع والحصول على التراخيص والتصريحات من ناحية، ومن ناحية أخرى عانينا من تأخر الردود الحكومية فى تحديد مدد إنهاء الإجراءات أو تحديد مدد زمنية غير صحيحة، ومن ثم تعد الشركات دراسات وفترات زمنية للمشروع بناءً على هذه الردود، مما يؤدى لخروج دراسات غير دقيقة ـ تحتاج إلى تحديث بصفة دورية.
وطالب جميع بضرورة إفصاح الحكومة وهيئاتها عن الخطوات المتبعة لإنهاء المعاملات، بداية من أولى مراحل تأسيس الشركات حتى مزاولة نشاطها، ليتمكن المستثمر من اجتياز تلك الخطوة والوقوف على الفترة الزمنية التى تستغرقها.
وأشار إلى أن المستثمر يواجه مشكلة فى كل مرحلة من مراحل المشروع، سواء من ناحية الإنتاجية، فيما يتعلق بالماكينات، أو من ناحية العمالة وتوفير أيدى عاملة مدربة أو الناحية المالية وتدبير التمويل المطلوب.
ووفقاً لجميع، فإن المستثمر حينما يجد فرصة وجود مصنع متوقف تام الجاهزية ومعروض للبيع بنفس المواصفات التى يراها فى مشروعه فأنه يقدِم على شرائه فوراً، لذلك يتعين على الحكومة ان توفر مصانع للمستثمرين بمساحات معينة، شريطة ان تكون تامة التراخيص والمصاريف الإدارية للبدء فى النشاط مباشرة، بدلاً من الانتظار مدة طويلة لإنهاء الإجراءات.
وطالب جميع بضرورة تبنى مبادرات لتنظيم العمالة، لإيجاد عمالة مدربة ومؤهلة على المنافسة فى سوق العمل وشغل الوظائف.
أما فيما يتعلق بالتمويل، فقد ذكر جميع ان الشركات التى يقل عمرها عن 3 سنوات تواجه عقبة فى الحصول على التمويل لأن البنوك تطالبها بقوائم مالية لمدة 3 سنوات، لذلك يقتصر التمويل فى تلك الحالات على رأس المال المباشر أو من خلال جهات مانحه تطالب بمزيدات من الضمانات الشخصية للتمويل، مما يستدعى وجود آليات واضحة للتمويل.
ووافقه إبراهيم يوسف فى رأيه، لأن نسبة كبيرة من تمويلات البنوك تتجه نحو الاستدانة الحكومية، نتيجة ارتفاع أسعار الفائدة على أذون وسندات الخزانة الى نحو 14% دون مخاطرة، بينما أسعار الفوائد الأخرى تتراوح بين 6 و6.5%، وبالتالى ترى البنوك انها ليست بحاجة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة وتحمل المخاطر عليها.
وطلب يوسف من السيد بسيونى، مدير عام دعم الأعمال بمجموعة السعيد للاستثمارات، تحليل أداء وكلاء الوزراء فى الحكومة.
ومن جانبه، طرح بسيونى سؤالين، الأول هل الحكومة لديها نية حالية لتغيير أنظمتها، والثانى هل المديرين التنفيذيين ووكلاء الوزراء المتواجدين بالوزارات يؤثرون فى تنمية الاستثمار.
وتابع بسيونى، ان الإجابة بالتأكيد نعم، نتيجة وجود 11430 ما بين وكلاء وزارة ومديرى عموم بالجهاز الإدارى للدولة لديهم صفة الاستدامة.
وقسم بسيونى تلك الفئات إلى 3، إحداهما فئة متميزة لديها قدرة على فهم القوانين وتطبيقاته وتعى كيفية التعامل مع المواطنين والمستثمرين، وأخرى متميزة فى العمل الأكاديمى بحكم الخبرات والشهادات، لكن ليس لديها قدرة فى التعامل مع المستثمرين وتعانى من ارتعاش يديها فى اتخاذ القرارات، وهذه الفئة لم تتغير على مدار 30 عاماً، بينما الفئة الأخطر والأصعب تلك الفئة غير القادرة على فهم القانون وتطبيقه، وغير مدركة لكيفية التعامل مع المستثمرين والمواطنين، ومن ثم يجب إعادة تأهيل وتقييم الفئة الأخيرة وتغيير سلوكياتها وتوعيتها بضرورة الاستثمار وما يترتب عليه من ضخ أموال وتشغيل عمالة وسداد ضرائب.
وذكر بسيونى، أن مجموعة السعيد للاستثمارات حينما بدأت نشاطها فى عام 1992 كان لديها شركة واحدة، بينما تعمل الآن عبر 10 شركات، مشيراً إلى ان المشكلة ليست فى القوانين ورؤوس المال وإنما المعضلة هى الاحتكاك بنحو 11430 مديراً تنفيذياً بالجهاز الإدارى للدولة يقومون بتعطيل الأعمال، من خلال اختلاق مشاكل وعقبات، بحيث تتخطى العقبة الأولى تجد الأخرى فى مواجهتك، على حد تعبيره.
وقال مدير عام دعم الأعمال بمجموعة السعيد للاستثمارات، إنه إذا كانت الحكومة لديها نية لتعديل فى المرحلة المقبلة ينبغى أن تتبنى حزمة من الإجراءات والمتابعة والتنفيذ، ورغبة قوية للإصلاح، لضمان النجاح، كما حدث فى مشروع قناة السويس الجديدة، حينما أعلن رئيس الجمهورية عبدالفتاح السيسى عن الانتهاء من حفر القناة الجديدة خلال سنة واحدة، ومن ثم قام بوضع أطر للمتابعة بشكل دورى وتقييم دورى للمشروع للتأكد من ان إنجازه يتم وفقاً للأطر الموضوعة.
وانتقد بسيونى تواجد عدد من وكلاء أوائل الوزارة بالجهاز الإدارى يشعرون بالسعادة فى تقلد تلك المناصب دون إضافتهم جديد، وطالب بضرورة ربط الأجر بالإنتاج لرفع كفاءه الجهاز المتواجد.
وتساءل إبراهيم يوسف سؤالاً عن مدى تأثير تطبيق الحد الأقصى للأجور على تخارج الكوادر بالجهاز الإدارى للدولة، وهو ما رد عليه جمال جميع بأن الغرض من تطبيق الحد الأقصى للأجور وضع أجور عادلة بحيث يضمن حصول كل موظف على حقه مقابل أدائه لعمله، حيث يتواجد أشخاص يحصلون على مبلغ 5 آلاف جنيه، وهم لا يستحقونها وآخرين يتقاضون 60 ألف جنيه، لكنهم يستحقونها.
ورأى جميع انه على الحكومة عند وضعها سقف أقصى للأجور بالجهاز الإدارى للدولة أن تخلق حافزاً آخر لجذب الكفاءات من القطاع الخاص، خاصة فى ظل حاجة الجهاز الإدارى للتطعيم بكوادر معينة لزيادة كفاءته، وضرب مثالاً بمساهمة صندوق الاتحاد الأوروبى فى تمويل استقطاب كوادر للقطاع المصرفى الحكومى عند إعادة هيكلة بنكى مصر والأهلى وتحويلهما من خسارة إلى تحقيق أرباح، ومن ثم ينبغى النظر فى تطبيق قانون الحد الأقصى بشكل مختلف.
ووجه يوسف سؤالاً آخر، لعبدالخالق مستشار وزير التخطيط للتنمية البشرية عن مدى وجود نية للحكومة لإصلاح الجهاز الإدارى للدولة.
ومن جانبها، قالت دينا عبدالخالق، إن الحكومة عازمة بقوة على التغيير والإصلاح الإدارى، ورأت ان قانون الخدمة المدنية الجديد سيحول إدارة الجهاز الإدارى إلى الفكر العالمى، لكنه يحتاج الى مدى طويل لجنى ثماره، على اعتبار ان التغيير لا يحدث بين يوم وليلة على حد تعبيرها.
وتابعت: «ليس كل من يعمل بالجهاز الإدارى للدولة متميز، ولكننا اكتشفنا ثروات مدفونة بالوزارات، من خلال الزيارات المتكررة للعديد منها خلال الفتره الماضية».
ولفتت مستشار وزير التخطيط إلى ان القانون وضع ثوابت للتقييم تعرف بنظام 360 درجة، بما يتيح تقييم الموظف أداء مديريه، وكذلك سيقيم المستثمر والمواطن الخدمة المقدمة له، وبالتالى ستختفى تقديرات الامتياز التى كان يحصل عليها الجميع فى السابق، كما سيتيح القانون أيضاً الشفافية من خلال وجود إدارة للموارد البشرية تقوم بمتابعة التعيينات والتقييمات.
وفى السياق ذاته، طالب السيد بسيونى، مدير عام دعم الأعمال بمجموعة السعيد للاستثمارات، بضرورة تقليل أجل تقييم الأداء الحكومى إلى شهرى أو كل ثلاثة أشهر بدلاً من التقييم السنوى الحالى، حتى يمكن معالجة المشكلات بشكل دورى، للوصول إلى افضل النتائج وعدم ترك الأزمات تتفاقم.








