يبدو أن الاقتصاد العالمي يقترب من حقبة تتسم باستقرار أكبر، مع اتخاذ الصين كبرى خطواتها نحو انضمام عملتها “الرينيمبي” إلى الدولار واليورو كعملة احتياطية، هكذا يقول خبراء الاقتصاد الذين أكدوا دور الدولار فى الأزمات المالية الكبرى خلال العقود الأخيرة.
وانجذابًا إلى سيولة وأمان عملة أكبر اقتصاد فى العالم، اعتمد المستثمرون والحكومات على الدولار، ما أسفر عن اندلاع العديد من الاضطرابات بما فى ذلك تكاليف الاقتراض المنخفضة تاريخيًا فى الألفية الثالثة، حتى مع رفع الاحتياطى الفيدرالى الأمريكى أسعار الفائدة.
وشكل الاندفاع وراء أمان الدولار تحديًا لصانعى السياسة حول العالم فى عام 2008، مع انهيار أسواق المال، ما دفع «الفيدرالى» إلى فتح خطوط مقايضة مع نظرائه، فيما طلبت الصين عام 2009 خفض الاعتماد على الدولار، مع إثارة تشو شياو تشوان، محافظ البنك المركزى الصينى فكرة عملة احتياطية «فائقة السيادية».
وبينما لم يحظ اقتراح محافظ البنك المركزى بالتأييد المأمول، فقد شن «تشو» وحلفاؤه حملة للفوز بإدراج «الرينيمبى» فى وحدة حقوق السحب الخاصة بصندوق النقد الدولى، وقال مسئولو الصندوق يوم الجمعة الماضية إن «الرينيمبى» يجتمع فيه الآن جميع شروط التأهل لانضمامه إلى وحدة حقوق السحب الخاصة.
وقال ستيفين جين، المؤسس المشارك لشركة «إس إل جيه ماكرو بارتنرز»: «التكوين الحالى للنظام المالى والنقدى العالمى الذى يهيمن عليه الدولار على نحو متزايد ليس مستقرًا أو مستدامًا».
وأوضحت أحدث بيانات بنك التسويات الدولى أن نحو 87% من عمليات تداول العملات الأجنبية تضمنت الدولار، وصرح البنك فى عام 2013 بأن دور الدولار باعتباره العملة المهيمنة فى العالم لايزال دون منازع، فضلاً عن أن اليورو تراجع فى أعقاب أزمة الديون الأوروبية.
وذكرت وكالة أنباء «بلومبيرج» أن الصين ربما تقدم للنظام العالمى عملة من الممكن أن تكون مكملة للدولار، مع كونها ثانى أكبر اقتصاد فى العالم وأكبر دولة تجارية، ولكن حتى الآن، فإن القيود الواقعة على إمكانية إخراج وإدخال الأموال إلى الصين، وعلى مشتريات الأجانب فى الدولة، يعنى أن دور «الرينيمبى» سيكون محدودًا.
ووفقا لبنك «جى بى مورجان تشيس»، فإن إدراج «الرينيمبى» كعملة احتياطية رسمية، ربما سيحث البنوك المركزية حول العالم وصناديق الثروة السيادية على استثمار نحو 350 مليار دولار فى أسواق السندات الصينية خلال 5 سنوات.
وربما سيستغرق إضافة إنجاز آخر بعد الانضمام إلى وحدة السحب الخاصة، وقتًا أطول حتى يصبح «الرينيمبى» عملة دولية للتمويل والاستثمار، جنبًا إلى جنب مع اليورو والدولار، إذ تواجه الصين تساؤلات بشأن سيادة القانون مع خضوع النظام القضائى فى الدولة لمراقبة الحزب الشيوعى الحاكم.
وقال جين: «تحتاج الصين إلى تطوير وإظهار المزيد من القوة الناعمة من أجل إقناع العالم بحمل أصولها وعملتها، وهذا يُقاس من خلال الشعور العام بثقة المستثمرين الدوليين».
وقال دانيال روزين، شريك فى مجموعة «روديوم» للاستشارات والأبحاث الاقتصادية «مساهمة الرينيمبى فى استقرار الاقتصاد العالمى ستعتمد على استقرار اقتصاد الصين فى الداخل، واذا استمرت بكين فى مسار إصلاحات السوق المؤلمة خلال الأربعة وعشرين شهرًا المقبلة، بما فى ذلك إصلاح الشركات المملوكة للدولة والانفتاح الكبير على الاستيراد والاستثمار فى الخارج، فستترسخ، إذن التوقعات الإيجابية لدور عملتها».
وتطلق الصين مبادرات أخرى لتعزيز دور «الرينيمبى»، من خلال تأسيس البنك الآسيوى للاستثمار فى البنية التحتية ومبادرة طريق الحرير لتعزيز الروابط البرية والبحرية مع دول وسط وجنوب شرق آسيا.
وقال جيان شانج، كبير خبراء الاقتصاد لدى «باركليز»: «انضمام الرينيمبى إلى وحدة حقوق السحب الخاصة سيكون له أثر عميق على سوق المال العالمى والنظام النقدى الدولى، فجنبا إلى جنب مع انفتاح سوق رأس المال وخطط طريق الحرير، فسيؤدى إلى استخدام أكبر للعملة الصينية فى كل من المعاملات المالية والتجارية العالمية على المدى المتوسط».








