كشفت إحدى المؤشرات التقييمية للأوضاع الاقتصادية لإمارة دبى يوم الأربعاء الماضى عن معاناتها من أول انكماش فى القطاع الخاص منذ فترة الركود فى عام 2009، وهو ما يؤكد التأثير المتنامى لانخفاض أسعار البترول والمخاوف الاقتصادية العالمية على الإمارة الخليجية.
وتراجع مؤشر مديرى المشتريات، وفقًا لبنك الإمارات دبى الوطنى، عن المستوى الذى يفصل بين التوسع والانكماش المقدر بـ 50 نقطة فى فبراير الماضي، فيما يعد «أول انكماش فى نشاط القطاع الخاص غير البترولي»، منذ أن بدأ العمل بهذا المؤشر فى يناير 2010، ويشمل هذا الانخفاض إجمالى الأنشطة فى قطاعات البناء والسياحة والتجزئة.
وقالت صحيفة «فاينانشيال تايمز» البريطانية إن حالة عدم اليقين بشأن النمو الاقتصادى العالمي، وتقلب الأسواق المالية وانخفاض أسعار البترول أثرت على المعنويات والنشاط، فى الوقت الذى تضرر فيه قطاعا السياحة والتجزئة بسبب ارتفاع قيمة الدولار الأمريكي، ما أدى إلى تراجع مؤشر مديرى المشتريات إلى 48.9 نقطة.
إن تلك البيانات تعكس الاتجاه الهبوطى الواضح للأسواق فى دبي، خاصة فى ظل تزايد خفض النفقات وتسريح العمالة بفعل تباطؤ النمو فى الدول المجاورة الغنية بالبترول ناهيك عن الضعف الاقتصادى فى الصين وأماكن أخرى، فضلاً عن تراجع إيرادات السياحة القادمة من روسيا.
ورغم سياسة التنويع الاقتصادية، بعيدًا عن الاعتماد على البترول، لدولة الإمارات العربية المتحدة التى تعتبر أكبر مركز تجارى فى المنطقة، إلا أن تعافيها الاقتصادى لا يزال نموها مقيدًا بدول أخرى.
وكانت أسعار العقارات فى دبى قد شهدت تراجعًا منذ أكثر من عام، حيث انخفضت بنسبة تصل إلى الخمس عن ذروتها فى عام 2014 والتى كانت مدعومة من المشترين بعدما أدت الاضطرابات الإقليمية لجعل الدول الخليجية كملاذ آمن للاستثمار.
وأشارت عدد من البنوك فى إمارة دبى إلى ارتفاع عدد الشركات الصغيرة والمتوسطة التى تخارجت من البلاد بعد مواجهة أصحابها مشاكل فى تسديد القروض، وتدفع عملية التأخر فى السداد الشركات إلى مغادرة الإمارات العربية المتحدة بدلاً من التعرض لخطر السجن لعدم سداد القروض.
وانتشرت تقارير إخبارية حول تسريحات للعمالة على نطاق واسع فى قطاعى الخدمات البترولية والإنشاءات، سواء بشكل مباشر جراء انخفاض أسعار البترول وتباطؤ الإنفاق الحكومي.
وقد أظهرت قطاعات أخرى أيضًا علامات تراجع، بما فى ذلك تجارة التجزئة، حيث انخفض حجمها بنسبة تصل إلى 30%، كما تضرر قطاع الخدمات المالية، مع تقليل البنوك الدولية والمحلية لأعداد موظفيها جراء أزمة السيولة الناتجة عن انخفاض أسعار البترول.
فى حين يخشى البعض من تسريع وتيرة التباطؤ الاقتصادى، إلا أن اقتصاد دبى مدعوم بشكل قوى من قبل قطاعات الطيران والتجارة، وهناك أيضًا آمال بأن رفع العقوبات بعد الاتفاق النووى فى العام الماضى قد يؤدى إلى انتعاش التجارة مع إيران.
وقالت، مونيكا مالك، كبيرة الاقتصاديين فى «بنك أبوظبى التجاري»: «بينما أتوقع مزيدًا من التباطؤ العام الجاري، فأنا لا أتوقع انكماشًا فى الوقت ذاته، مشيرة إلى أنها ترجح أن يصل النمو خلال العام الراهن بالنسبة لدولة الإمارات العربية المتحدة ككل 2.5%.
وقد أشاد مسئولون إماراتيون بسياسة التنويع الاقتصادى المعتمدة على القطاع الخدمى فى دبي، مؤكدين أنه بإمكانها مواجهة أزمة البترول والعودة للتعافى سريعًا، ولكن سلطان المنصورى، وزير الاقتصاد الإماراتي، أقر الشهر الماضى أن نسبة النمو السنوى المستهدف 3% سيكون أمرًا «صعبًا» نظرًا لانهيار أسعار البترول.
ولا تزال حكومة دبى مثقلة بقروض وسندات بنحو 120 مليار دولار، وفى حين أنه لم يتم سداد سوى كميات محدودة من الديون منذ الأزمة الأخيرة، تظل الحكومة قادرة على السداد طالما أن الاقتصاد قوى، ولكن أى تباطؤ اقتصادى خطير من شأنه أن يؤدى إلى شكوك حول مدى الجدارة الائتمانية للإمارة، وقد أظهرت أبوظبي، عاصمة دولة الإمارات العربية المتحدة، استعدادها لدعم دبى فى هذا الشأن.
وتجدر الإشارة إلى أن حالة الركود فى دبى عام 2009 جاءت بعد انفجار فقاعة العقارات وأزمة السيولة التى أجبرت الحكومة على اللجوء إلى إمارة أبو ظبى للحصول على قروض إنقاذ حالت دون التأخر فى سداد الديون السيادية.








