لماذا يحرم القانون الجديد الدولة من ربحية مؤسساتها الصحفية؟

«قاسم»: القانون يحجم صناعة الإعلام المصرى ويحول دون ضخ استثمارات جديدة

«يونس»: وضع بند لمحاسبة المسئولين لا يقل أهمية عن بند توزيع الأرباح

«البرماوى»: القانون تعامل مع المؤسسات القومية بمبدأ المسكنات
تباينت آراء المتخصصين فى مجال العمل الصحفى حول بند توزيع أرباح المؤسسات القومية فى قانون الإعلام الموحد، ونسب وأوجه توزيع هذه الأرباح، ودور الرقابة على متابعة أداء ومحاسبة هذه المؤسسات.

ونصت المادة «78» من القانون على تخصص للهيئة الوطنية للصحافة نسبة 10% من صافى الأرباح السنوية التى تحققها المؤسسات الصحفية القومية.

وتخصص نسبة لا تقل عن 45% للعاملين بالمؤسسة، وتخضع المؤسسات الصحفية القومية والشركات التابعة لها لرقابة الجهاز المركزى للمحاسبات.

ويوجه القانون النسبة المتبقية من الأرباح لتطوير المؤساسات القومية، بدون أن يكون هناك أى فائض لتوزيعه على المساهم فى هذه المؤسسات وهو الدولة.

وقال هشام قاسم الكاتب الصحفى والناشر، إن غالبية المؤسسات الصحفية لم تحقق أرباحاً منذ عدة سنوات، بل مُنيت بالخسائر المالية الكبيرة التى تحملتها خزينة الدولة فى نهاية الأمر.
وأوضح أن وضع بند فى القانون يتطرق لنسب توزيع الأرباح ربما يعد أمراً إيجابياً، لكن كان لابد من وضع بنود توضح طريقة هيكلة هذه المؤسسات وكيفية إدارتها لتلافى حدوث خسائر جديدة.
وأشار قاسم إلى أن اتحاد الإذاعة والتليفزيون حقق خسائر متزايدة خلال السنوات الثلاث الماضية حيث ارتفعت الخسائر من 3.2 مليار جنيه عام 2013 إلى 4.2 مليار جنيه عام 2014، ووصلت إلى 4.9 مليار جنيه العام الماضى.

وكشف قرار ربط موازنة الهيئة القومية لاتحاد الإذاعة والتليفزيون للعام المالى 2015/2016 الذى تم نشره فى الجريدة الرسمية عدد 20/7/2015، عن ارتفاع إجمالى الخسائر العامة للهيئة المقدره بالعام المالى الجديد إلى 4.14 مليار جنيه مقابل 3.6 مليار العام الماضى.

وبلغت جملة الأجور المقدرة 2.1 مليار جنيه من إجمالى مصروفات مقدره بنحو 5.9 مليار جنيه، فيما بلغت موازنة الهيئة المقدرة بنحو 11.55 مليار جنيه.

وأضاف: «دار الهلال أيضا وعلى حسب معلوماتى بلغت إيرادتها نحو 2 مليون جنيه مقابل مصروفات بلغت 11 مليون جنيه، وكذلك الأهرام بلغت إيرادتها نحو 700 مليون جنيه مقابل مصروفات 1.7 مليار جنيه».

وانتقد قاسم المشرفين على صياغة القانون تجاهلهم لمبدأ تحقيق المنافسة بين الإعلام الحكومى والإعلام المملوك للقطاع الخاص بوضع قيود وإجراءات تحول دون تملك الفرد لمؤسسة صحفية واقتصارها على شركة فى شكل تعاونيات كما نص القانون.
وقال قاسم: إن قانون الإعلام الموحد يساعد فى مجمله على تحجيم صناعة الإعلام المصرى، ويحول دون ضخ استثمارات جديدة فى سوق الإعلام المصرى من شأنها إخراجه من حالة الركود المالى والمهنى التى أصابت العديد من وسائل الإعلام الفترة الماضية.
وأضاف أن القائمين على صياغة القانون لم يراعوا أن الإعلام صناعة كمختلف الصناعات الأخرى، وأن بعض مواد القانون جاء فى باطنها هدف تحجيم إنشاء وسائل إعلام جديدة، واحتكار السوق لأشخاص أو مؤسسات بعينها.
وأوضح أن إصدار القانون بهذا الشكل محاولة لفرض السيطرة على كل وسائل الإعلام فى مصر لقتل الإبداع والابتكار، وسيادة مبدأ الاحتكار سواء للدولة أو لأشخاص معينين لها مصالحها الخاصة.
وأشار قاسم إلى فكرة توفيق أوضاع المؤسسات الصحفية القائمة طبقاً لأحكام القانون الجديد فى فترة محددة بسنة واحدة، أنها جائرة وظالمة ولم تراع ما تمر به المؤسسات الصحفية والإعلامية من أزمات مالية الفترة الأخيرة.
وطالب ألا تقل المدة الزمنية المتاحة لتوفيق الأوضاع عن 3 سنوات، نظراً لما تتعرض له المؤسسات الصحفية من أزمات مالية، وأن يتم توضيح الموقف المالى للمواقع الإلكترونية المستقلة أو التى تتبع صحيفة ورقية من حيث قيمة رأس المال المطلوب فى الائحة التنفيذية للقانون.
وعن قصر مليكة وسائل الإعلام على المصريين فقط قال قاسم: «بعض الدول تتبع هذه الأمر ويتم اقتصار الاستثمار فى مجال الإعلام على أبناء جنسيتها فقط، لكن لا يتم تحديد نسب معينة لمساهمتهم فى إنشاء هذه المؤسسات مثلما حدث فى القانون الجديد بتحديد نسبة لا تزيد على 10% فقط من أسهم الشركة للفرد أو أسرته».

وقال هشام يونس، رئيس تحرير بوابة الأهرام الإلكترونية، إن وضع بند فى قانون تنظيم الصحافة لمحاسبة المسئول عن تحقيق خسائر فى المؤسسات القومية لا يقل أهمية عن وضع بند لتنظيم توزيع الأرباح حال تحقيقها.

وأضاف أن غالبية المؤسسات الصحفية القومية تعتمد بنسبة تكاد تصل لنحو 100% فى سداد مراتبات العالملين بها على خزينة الدولة، وهو ما يزيد من الأعباء على كاهل الدولة.

وأوضح يونس أن أولوية الصحف والمؤسسات القومية تتمثل فى ضرورة إعادة تجديد وهيكلة هذه المؤسسات، ووضع استراتيجية محددة فى اطار زمنى محدد لتطوير النظم الإدارية لدفع مؤسساتها لتحقيق أرباح وضمان استمرار استقرارها مهنياً ومادياً.

وقال خالد البرماوى الكاتب الصحفى، إنه لن يعلق على نسب توزيع أرباح المؤسسات الصحفية القومية التى حددها القانون، لكن الأهم أن يتم تنظيم وتوجيه هذه الأرباح إلى ما يعود بالنفع على المؤسسة.

وأضاف أن مشروع القانون تعامل مع الصحف والمؤسسات القومية بمبدأ المسكنات، ولم يضع حلولا جوهرية او استراتيجية ذات نطاق زمنى محدد تهدف إلى هيكلة وتطوير هذه المؤسسات والنهوض بها.

وأوضح البرماوى أن فكرة وضع بند لمحاسبة المتسبب والمسئول عن خسائر المؤسسات القومية إلى جانب بند توزيع الأرباح فى القانون ليس هو الحل الأمثل لتفادى الخسائر، وأن الجهاز المركزى للمحاسبات لديه آليات وأدوات ربما تكون أكثر فاعلية من وضع بند فى قانون يمكن التحايل عليه.

وطالب البرماوى بضرورة مشاركة رئيس تحرير المؤسسة ورئيس مجلس الإدارة فى وضع خطة واستراتيجية واضحة للعمل داخل المؤسسة، ومتابعة أداء الإدارات المختلفة، ومحاسبة المتورطين فى إهدار المال العام للدولة.