جاءت مصر على قائمة الدول العشر الأفضل من حيث عمق الإصلاحات خلال العام المالى 2006-2007 فى ترتيب بيئة ممارسة الأعمال Doing Business Report الذى يصدر سنوياً عن البنك الدولى، لأنها استطاعت أن تحقق إصلاحات عديدة وبمنطق الأعمق والأسرع بطريقة Quick wins التى تمكنك من معرفة قواعد اللعب والتعلم السريع ومعرفة مناطق الضعف وفقاً للتقرير ولا تحتاج سوى تحرك على مستوى أقل من القانون والتفاعل مع القطاع الخاص بالتوعية فكان حوار أشركنا فيه القطاع الخاص وكانت له نتائجه السريعة.. فاستطاعت مصر التحرك على مستوى 5 مؤشرات (أنظر الجدول بالأسفل) جعلها تنتقل من المركز 165 على العالم إلى المركز 126 أى قفزت بمقدار 39 مركزاً وهو قفزة لم تحققها منذ ذلك الحين حتى وقتنا هذا فى خلال عام واحد، وكان لى شرف أحد أعضاء الرئيسيين الذى اشرفوا على فرق العمل (من الحكومة والقطاع الخاص) على مستوى عدد من المؤشرات التى قادت إلى هذا الإنجاز.. وكذلك قيادة فريق عمل البنك الدولى الذى جاء إلى مصر فى عام 2007 لعمل تقرير وطنى تفصيلى عن مصر بعد هذا الإنجاز.
ثم جاءت مصر ايضا ضمن العشر الأوائل من حيث عمق الإصلاحات فى العام المالى التالى 2007-2008 (أى تقرير عام 2009) فى الترتيب رقم 10 من حيث عمق الإصلاحات.. لم تكن الأولى ولكنها كانت ضمن العشرة الأوائل من حيث عمق الإصلاحات.. ومنذ ذلك الحين لم يذكر اسم مصر ضمن العشرة الأوائل إلا أنها استمرت فى تحقيق الإصلاحات بوتيرة منتظمة لتصل أفضل مركز لها عالميا على مستوى المؤشر الكلى (سهولة أداء الأعمال) بتحقيقها المركز 94 متخطية حاجز الـ100 ليأتى مؤشر بدء النشاط فى المركز الـ 18 عالمياً (العام المالى 2009-2010).. وهو أفضل ترتيب تحقق لمصر على الإطلاق على مستوى المؤشرات الفرعية والمؤشر الكلى كذلك (حيث ترتيب مصر على مستوى المؤشر الكلى حاليا 122 وفقاً لتقرير 2017 -والذى صدر خلال الأيام القليلة الماضية، منتقلة من 131 فى تقرير 2016) و39 على مستوى مؤشر بدء النشاط (منتقلة من المركز 73 فى تقرير 2016).. وهو تحسن جيد وبداية للعودة من جديد وتحريك للمياه الراكدة منذ فترة ولكننا فى سباق ماراثونى سنوى به 189 دولة كل يرغب فى تحسين ترتيبه ويعد نفسه جيداً لهذا السباق.
فدولة كالإمارات –وهى إحدى التى زرناها عدة مرات- استمرت فى إصلاحاتها لتصل إلى الترتيب 26 عالمياً وليذكر اسمها ضمن الـ10 دول الأفضل من حيث عمق الإصلاحات (انظر الجدول لعام 2015-2016).
مازالت مؤشرات عديدة مازالت فى ترتيب متأخر.. وتتغير المنهجية أحيانا.. ولكن كما قلنا مازال مؤشر بدء النشاط هو الأفضل حتى الآن حيث إن الإجراءات المطلوبة لتأسيس شركة ذات مسئولية محدودة وفقاً للشروط التى وضعتها المنهجية للحالة موضع الدراسة 4 إجراءات، والأيام المطلوبة للتنفيذها 6 كما أن تكلفة التأسيس لها تبلغ 7.4% نسبة إلى متوسط دخل الفرد فى حين دول مثل نيوزيلندا (عدد الإجراءات 1 والأيام المطلوبة لها نصف يوم (لكون جميع الإجراءات مميكنة) والتكلفة 0.3% نسبة إلى متوسط دخل الفرد).. لا ننكر الجهود التى تبذلها هيئة الاستثمار وفريق العمل بها حيث زادت لديه الخبرة فى كيفية التعامل مع مثل هذا التقرير، ولكن مازال هناك متسع كبير للتحسين –وهم يعلمون ذلك ويحاولون فى ذات الاتجاه- والوصول إلى الدول العشر الأولى على مستوى مؤشر بدء النشاط.. ولاشك أن ما تحقق على صعيد هذا المؤشر هو الأفضل بين جميع المؤشرات.. ولكن مازال الطريق مليء بالكثير للانتقال إلى صفوف الدول العشر أو العشرين الأولى عالمياً.. حيث سيكون موضوع الحلقة القادمة بالتركيز على دول مثل نيوزيلندا وسنغافورة.
ونصيحتى.. العمل ثم العمل ثم العمل.. فالموضوع يحتاج فقط إلى التنسيق الجيد بين الوزارات إلى جانب فهم جيد للمنهجية واللعب بنفس قواعد اللعبة التى يلعب بها الآخرون ولسنا فى حاجة إلى اختراع العجلة من جديد.. فالسباق فيه كثير من اللاعبين المحترفين.. والمنافسة محتدمة.
ومازال للحديث بقية..
وما نبغى إلا إصلاحاً…
إبراهيم مصطفى
[email protected]