بعد الإنتعاش الذي حل على الأسواق العالمية فقد تصدر إعادة تقييم الأسهم مرة أخرى الأزمة الإقتصادية التاريخية. حيث أننا نرى فرصة ضئيلة للإنتعاش الدوري ولا نتوقع إعادة شاملة للتوزيع من السندات الى الأسهم على المدى القصير، والعوائد المحتملة لأسواق الأسهم تبقى محدودة وترتفع مخاطر التصحيح تدريجياً.
توقع محللو بنك ساراسين ضمن تقرير “إستراتيجية الأسهم” لشهر سبتمبر 2012، أن هناك امكانيات ضئيلة للأسهم في غياب النشاط الدوري المتصاعد أوإعادة توزيع واسعة النطاق. ولأن قيمة الأسهم الآن معقولة فيمكن للمستثمرين أن يتوقعوا نسبة عوائد سنوية تبلغ 6% لجهة النمو وتوزيع الأرباح. كما توقع المحللون أن إنتعاش الأسهم خلال الأشهر الماضية يجب أن ينخفض بشكل ملحوظ وسيزيد خط التصحيح تدريجيا لجهة التقييم.
خريف ساخن مع محفزات إيجابية:
لقد فاق نشاط الأسهم توقعاتنا بسبب تحول العقبات المحتملة إلى محفزات إيجابيةحيث أوفى البنك المركزي الأوروبي بوعوده وأصدر في بداية سبتمبر تفاصيل برنامج شراء السندات لدعم سندات بلدان الدول الطرفية في الإتحادالأوروبي. وبعد أسبوع واحد وبضربة مزدوجة تجاوز البنك الفيدرالي الأمريكي توقعات المستثمرين واثار إعجاب الأسواق المالية مع السياسة النقدية. إذا كانت هذه الإجراءات ستأتي بالنتائج المرجوة وعلى الرغم من أن الدين العام لم ينخفض إلا أن العديد من المستثمرين متفائلين والسؤال الذي يطرح نفسه حول أسواق الأسهم لم يعد يدور حول مخاطر الإنتكاسة بقدر ما يدور حول حجم المكاسب المحتملة.
وفي إطار تعليقه على التقرير، قال فليب بايرتستشي، كبير الإستراتيجيين في بنك ساراسين: “بعد الإنتعاش الذي حل على الأسواق العالمية فقد تصدر إعادة تقييم الأسهم مرة أخرى الأزمة الإقتصادية التاريخية. حيث أننا نرى فرصة ضئيلة للإنتعاش الدوري ولا نتوقع إعادة شاملة للتوزيع من السندات الى الأسهم على المدى القصير، والعوائد المحتملة لأسواق الأسهم تبقى محدودة وترتفع مخاطر التصحيح تدريجيا.
البنك المركزي الأوروبي يستعد لإطلاق مفاجأته:
أوفى البنك المركزي الأوروبي بأهم شرط من شروط الأسواق المالية لناحية إستعداده لشراء غير محدود لسندات حكومية للبلدان الطرفية على المدى القصير في الأسواق الثانوية. ويتخوف المستثمرون من أن تكون خطة إنقاذ الإتحاد الأوروبي صغيرة جدا وقد تتبخر في وقت لاحق. وهناك مخاوف من السلاح القوي الذي يسلطه البنك الأوروبي المركزي في وجه البلدان التي تنوي اللجوء إلى البنك لطلب المساعدة ويبدو هذا واضحا من أداء مقايضة العجز عن سداد الإئتمان في سوق سندات البلدان الطرفية في الإتحاد الأوروبي بعد تعهدات البنك المركزي الأوروبي فإن الرهان على التخلف عن سداد الديون الإيطالية والإسبانية لم يعد مجديا. وعلى الرغم من أسهم البنوك الأوروبية قد حققت إنتعاشا قويا إلا أنها أرتفعت باقل حدة من مقايضة العجز عن سداد الإئتمان.وذلك لأن الميزانيات العمومية للبنوك قد سجلت ارباحا نتيجة إنخفاض أسعار الفائدة إلا أن أرباحها لاتزال ترزح تحت وطأة ركود منطقة اليورو. منذ التوقعات حول أرباح كامل منطقة اليورو إلا أنها تدهورت خلال الأسابيع الأخيرة ويستمد إنتعاش الأسهم طاقته فقط من تراجع إرتفاع مخاطر إنهيار اليورو.
قرار الفيدرالي يلهب أسواق الأسهم:
فاجأ بنك الإحتياطي الفيدرالي الأسواق بشكل إيجابي وذلك من خلال تحديدد المدة الزمنية لإنخفاض أسعار الفائدة حتى منتصف عام 2015 وإعلانه عن برنامج شراء جديد ومفتوح للسندات. رد المستثمرون بشدة على الأخبار وتأملوا أن يكون تأثير ذلك مشابها لخطة التيسير الكمي الأولى والثانية وإذا نظرنا إلى الفجوة الكبيرة بين الميزانية العمومية للبنك الإحتياطي الفيدرالي و مؤشر S&P 500لراينا انللأسهم مجال للتسلق. ومع خطط شراء تبلغ 600 مليار دولار أمريكي خلال الأشهر 12 المقبلة فإنه يمكن لمؤشر S&P 500 أن يصل بسهولة إلى مستوى قياسي جديد فوق 1600 نقطة.
البنك المركزي يقود انتعاش الأسهم:
بعد الإنتعاش الأخير قلل سوق الأسهم كثيرا من الأخبار الجيدة. وعلى النقيض من برامج التيسير الكمي السابقة يبدو أن البنك الإحتياطي الفيدرالي قد إتخذ تدابير وقائية. وكانت آخر البيانات الإقتصادية مختلطة وتشير توقعات التضخم فقط إلى إنخفاض مخاطر التضخم. وعلى عكس برنامجي التيسير الكمي الأول والثاني فإن قرار الإحتياطي الفيدرالي لم يأتي في وقت إنحسار الأسواق ولكنه جاء مساعدة إضافية لتسهيل عجلة المسيرة الحالية.
التقيد بمحدودية التقييم
أدت الإجراءات التي اتخذتها البنوك المركزية إلى انخفاض حاد في النفور من المخاطرة بين المستثمرين. وقد أنهى الكثير من المستثمرين تحوطاتهم خلال الأسابيع الأخيرة الأمر الذي أدى إلى إنخفاض تكاليف التحوط إلى أدنى مستوياته منذ العام 2007. كما أدى ذلك أيضا إلى إعادة تقييم الأسهم وخفضت أسعار الأسهم وانخفضت بلمقابل تقديرات الأرباح في معظمها وقد وصلت نسبة الأرباح / السعر إلى مستويات قريبة من تلك المستويات التي بلغتها إبان الأزمة التاريخية. مع نسبة أرباح إلى أسعار تبلغ 13 باتت الأسواق الأمريكية غير مكلفة وينطبق الشيء نفسه على السوق الأوروبية، حيث إنخفضت نسبة الربح الموزع إلى السعر أقل بكثير من المتوسط لمدة 5 سنوات.
التقييم لم يعد يفضل الأسهم
في نموذج التقييم لدينا والذي يأخذ في الإعتبار العوامل المختلفة فإن التقييم لايزال منخفض نسبيا بفضل العائدات المنخفضة جدا وقد اظهرت التقييمات الأخيرة الماضية أن التقييم كان ما دون 0.5 حيث أنها نقاط دخول ليست جيدة جدا في سوق الأسهم. كان الإستثناء في عام 2009 عندما كانت أرباح الشركات في الحضيض. ومع ذلك فإن ارباح الشركات وصلت حاليا إلى مستويات قياسية وهوامش الربح مرتفعة جدا ومع ذلك فإن هناك خطر إنخفاض الأرباح وحدوث مفاجآت سلبية على ضعف النمو. نعتقد أن الإجماع الحالي يشير إلى الإعتقاد بإمكانية تحقيق نسبة أرباح مرتفعة جدا في العام 2013 لا تقل عن 10%. هذا يعني أن تقييم أسواق الأسهم في الولايات المتحدة الأمريكية يستند إلى الأرباح المستقببلية بالرغم من أنها مكلفة. ولايزال لدى سوق الأسهم الأوروبية مع نسبة أرباح إلى أسعار تصل إلى 10 أضعاف، القليل للحاق بالركب المتوقع ولكن من المرجح أن يضع الإستمرار بالركود، المزيد من الضغوط على الأرباح. وفي حال غياب طفرة في الدورية الجديدة ستبقى إمكانيات أسواق الأسهم محدودة.
لا إعادة توزيع قبل إرتفاع أسعار الفائدة
يتطلب التغلب على التقييم السائد في حقبة ما بعد الأزمة إجراء هيكلة أساسية لاعادة توزيع السندات أو أصول سوق المال لجهة الأسهم. يوضح الرسم البياني التالي أنها ستكون تجارة مربحة تعتمد على عودة الإحتمالات على المدى المتوسط.
نتوقع أن تولد الأسهم عائدات أعلى بكثير على مدى خمس سنوات مقارنة بالسندات الحكومية والتي نتوقع أن تكون عائداتها سلبية بالإجمال. وعلى الرغم من هذه التوقعات إلا أن الماضي يظهر ميل المستثمرون عموما إلى الإنتقال من فئة اصول ناجحة إلى أخرى بمجرد حدوث تغييرات في المدلولات.ولن تتم عملية إعادة التوزيع إلا عندما يتعرض المستثمرون إلى خسارة مالية في السندات وأفضل مؤشر لذلك سيكون عندمايرفع البنك المركزي أسعار الفائدة. ولأن ذلك لن يتم على نطاق واسع قبل العام 2015 فإعادة التوزيع الذي سيطول انتظارها لن تتم في الوقت الراهن أيضا.
ينشر بالاتفاق مع فوربس الشرق الأوسط








