خفض فوائض الإنتاج الصينى الموجه لمصر يفرض هدنة فى إغراق السوق المحلية
“بلبل”: تجنب الحديد التركى واحتياطيات «ظهر» سترسم ملامح القطاع الفترة المقبلة
“أديب”: 30% الحد الأدنى لرسوم الإغراق للاستفادة من تراجع الإنتاج الصينى
“شلبى”: ربط “المحلى” بالمشاريع العملاقة و4.5 دولار للغاز حصانة ضد الإغراق
يلعب تعافى الطلب بسوق الحديد فى الصين دورا فى التأثير على القطاع الصناعى فى مصر ولاسيما صناعة الحديد، من خلال تقليل فوائض الحديد الصينى الموجه للسوق المصرى، بالإضافة الى ارتفاع أسعار شحن الحاويات وخام الحديد (Iron Ore) ما يشكل فرصة لالتقاط المنتجين المحليين بمصر أنفاسهم أمام حرب الإغراق التى عانوا منها الفترة الماضية.
جاء نمو الطلب بالصين بعد الاستقرار النسبى فى سوق العقارات لديها خلال العام الحالى، ولا سيما بعدما شهدته السوق من تقلبات فى العام 2016.
وكشفت مصلحة الدولة للإحصاء بالصين وفقا لمسح تم إجراؤه على 70 مدينة صينية، فقد شهدت 45 مدينة ارتفاعاً فى أسعار المنازل السكنية الجديدة على أساس شهرى فى يناير الماضى بدافع من نمو الطلب، مقارنة بـ 46 مدينة فى ديسمبر الماضى و55 مدينة فى شهر نوفمبر الماضي.
وشهدت أسعار المنازل السكنية الجديدة فى مدينة بكين استقرارا على أساس شهري، فيما انخفضت الأسعار بشكل طفيف فى شانجهاى بنسبة 0.1%، مقابل انخفاض بنسبة 0.5% فى شنتشن المجاورة لهونج كونج.
وقالت كميلة بلبل محللة القطاع الصناعى بشركة «سيجما كابيتال»، إن أثر نمو الطلب بالصين سيكون مردوده إيجابيا على مرونة التسعير لمنتجى الحديد بمصر الفترة القادمة، وتحقيق الاستقرار النسبى لسعر الحديد، ولكنه سيكون مرهوناً بتنحية خطر إغراق الحديد التركى والذى يعتبر السوق الأقرب لمصر من الصين، حيث وصل سعر الطن التركى 430 دولارا للطن، بالإضافة لعوامل أخرى ستكون اللاعب الرئيسى فى التأثير على القطاع الصناعى بمصر ولاسيما قطاع الحديد مثل احتياطيات الغاز الطبيعى المسال لدى مصر.
وأضافت بلبل أن خطة الحكومة الصينية الموضوعة منذ 2015 كانت تستهدف تقليل حجم الإنتاج بمقدار 200 مليون طن حديد بحلول 2017، وبالفعل تم إلغاء إعفاءات وميزات ضريبية كانت تمنح للمصانع المصدرة بالصين، منها إلغاء ميزة (Export Tax Repaid) والتى كانت تعطى فيه الحكومة الصينية إعفاء بمقدار 15 دولارا لطن الحديد المصدر، ومن المستهدف أن تقل شحنات الحديد المصدرة بمعدل 30% من هذا الإجراء وفقاً لـ«سيجما كابيتال».
بالإضافة الى سن القوانين المتعلقة بحماية البيئة وفرض عقوبات على المصانع المخالفة، ما ساهم فى حل المعضلة الأزلية التى تعانى منها الصين من فوائض الإنتاج (over capacity).
وترى أن من ضمن العوامل التى ستكون مؤثرة بجانب تعافى الطلب الصينى، مدى توافر الغاز الطبيعى المسال، وأسعاره الفترة القادمة.
وأضافت بلبل أنه منذ 2014 وقبل اكتشاف حقل ظهر، تفاوضت شركة «يونيون فينوسا» و«BG» و«دولفينوس القابضة» مع بعض بلدان الجيران فى شرق البحر الأبيض المتوسط، لاستيراد الغاز الطبيعى إلى مصر، لذلك بعد أخذ احتياطيات حقل ظهر فى الحسبان والذى يمثل 53% من احتياطيات حقول محور الأبيض المتوسط، يجعل هناك وفرة للمعروض من الغاز الطبيعى بمصر.
ووفقاً للسوق العالمية فإن سوق شرق الأبيض المتوسط للغاز الطبيعى المسال (LNG)، سيحقق فوائض من المعروض، خلال 2017-2022، ما سيضغط على أسعار الغاز، بالإضافة الى ظهور النفط الصخرى الأمريكى على الساحة ما سيجعلها أكبر مصدر للغاز الطبيعى بحلول 2023 متخطية قطر واستراليا، ما سيصب فى صالح القطاع الصناعى فى مصر والذى يدفع 7 دولارات للمليون وحدة حرارية من الغاز الطبيعى.
وأضافت أنه سيزداد تحسن السوق العالمى للغاز، ولاسيما بعد عودة مفاعل فوكوشيما باليابان إلى العمل، بعد توقفه الفترة الأخيرة ما رفع من الطلب على الغاز المسال مؤخراً بعد توقفه، أعقاب الزلزال العنيف الذى ضرب شمال البلاد نوفمبر الماضى.
وقال مارك أديب محلل قطاع الحديد بمركز بحوث فاروس القابضة، إن تعافى الطلب الصينى سيشكل دورا فعالا فى تقليل الفوائض الموجهة لمصر، ولكن المردود الإيجابى سيرتبط بتأثير عوامل أخرى مثل ثبات العملة الصينية الفترة القادمة، بالإضافة إلى الحديد التركى والأوكرانى.
ويرى أديب أن استفادة الصناعة المصرية من تراجع فوائض انتاج الحديد الصينى الموجه لإغراق السوق المصرى، سيكون مرهوناً بالقيمة الفعالة لرسم الإغراق الواجب فرضها لإحداث التوازن بين السعر العالمى والمحلى لحماية المنتجين المحليين.
وحدد ألا يقل رسم الإغراق عن 30% من سعر طن الحديد المستورد من الصين وتركيا وأوكرانيا، والذى سجل من 420 إلى 430 دولارا للطن ما يعادل 7310 جنيها للطن مقابل 8700 جنيه سعر طن الحديد المحلى، حتى يتسنى لمنتجى الحديد المحليين الاستفادة من تراجع الفوائض الصينية وإتاحة قدر من المرونة فى التسعير وفقاً لتكاليف الإنتاج.
وقال إن الطلب الصينى على قطاع الحديد نما بمعدل 1% منذ بداية العام الحالى وذلك وفقاً لخطة الصين لتقليل فوائض الإنتاج لديهم بمقدار 150 مليون طن.
وأضاف ان الطلب على الحديد بمصر خلال الفترة القادمة مدعوم بمشروعات البنية التحتية، وستتحسن نسب التشغيل لمصانع الحديد ولاسيما حديد عز وعز الدخيلة الذى يستحوذ على 50% من انتاج الحديد المحلى، لتصل نسب التشغيل خلال 2017 إلى 80 لحديد عز و85% لعز الدخيلة.
ومن جانبه قال أحمد شلبى مدير إدارة الاستثمار بشركة القاهرة لإدارة الصناديق، إن تراجع الإنتاج الصينى أمر إيجابى، ولكن الأهم هو توافر الحماية اللازمة للقطاع بمصر من توقف إمدادات الغاز، وفرض رسوم إغراق من شأنها حماية الحديد المحلى، فقد عانى قطاع الحديد الفترة الماضية من إغراق المثلث التركى والصينى والأوكرانى، بالإضافة إلى توقف إمدادات الغاز خلال العام المالى الماضى، وارتفاع سعر الغاز إلى 7 دولارات للمليون وحدة حرارية وهو أعلى من السعر العالمى البالغ 6 دولارات للمليون وحدة، ما أدى إلى أن تعمل المصانع بـ 30% من طاقتها الإنتاجية.
وأضاف أن منتجى الحديد كانوا يعولون على تصريحات وزير التجارة والصناعة طارق قابيل، بتخفيض سعر الغاز لمصانع الحديد والصلب من 7 دولارات إلى 4.5 دولار للمليون وحدة حرارية، ما سيوفر 1.4 مليار دولار فى سعر الخام.
بشرط أن يعمل المصنع بكامل طاقته الإنتاجية، وستتم مراجعة تطبيق القرار كل 3 شهور على أن يطبق التخفيض لمدة عام وهو ما لم يتم تطبيقه.
ونوه شلبى على أمرين اولهما الحاجة الملحة لفرض رسوم إغراق تنهى الفروق السعرية بين الحديد المستورد والمحلى الفترة القادمة، خصوصاً الفترة التى تشهد إطلاق عدة مشاريع بنية تحتية عملاقة، وربط تلك المشاريع بالإنتاج المحلى دون الاعتماد على المستورد.
