بقلم : معتز بالله عبد الفتاح- الوطن
نتائج الانتخابات المتوافرة لدينا حتى وقت كتابة هذه السطور تضع السيدين محمد مرسى وأحمد شفيق فى مقدمة السباق الرئاسى ويلاحق الأخيرَ بشراسة السيد حمدين صباحى.
وأيا ما كانت الحسبة التى حسبها المصريون لكن لا شك من أن فجوات ظهرت، وتزداد فى الظهور بين الأطراف المختلفة.
هناك لا شك فجوة بين آحاد الثوار ورموز الثورة الذين تأرجحوا، كعادتهم، بين مواقف متفاوتة، لكنها تصب فى مصلحة غيرهم؛ فبين من طالب بالمقاطعة ومن ركز جهده وحشد لصالح عدد من المرشحين بما فتت القوة التصويتية.
هناك ثانيا فجوة بين الثوار ككتلة وبين أحاد المصريين من الأغلبية الصامتة، التى حين تتحدث فإنها تنطق بتفضيلات بعيدة عن أولويات الثوار. حتى وإن كان من بين هؤلاء من أيد الثورة، لكنهم يرون أنها انحرفت كثيرا عن طريقها الأصلى حين بدأت تشكك فى الكثير من مؤسسات الدولة، وعلى رأسها المجلس الأعلى للقوات المسلحة، والذى يمثل على كل عيوبه وأخطائه التى لا ينكرها أحد، المؤسسة التى حالت دون انهيار جميع مؤسسات الدولة الأخرى.
هناك ثالثا فجوة بين مرشحى الرئاسة أنفسهم حين قرروا ألا يدخلوا فى تحالفات تضمن لبعضهم انتصارا جزئيا بدلا من منطق «كسب كل شىء أو خسارة كل شىء» الذى عمل به الجميع. والحقيقة أن هذا ينطبق على الجميع من كل التيارات: الإسلامية، الدولاتية، الثورية.
هناك رابعا فجوة بين الكتلتين الإسلاميتين الكبيرتين من الإخوان فى مواجهة السلفيين، مع فجوة أكبر بين الإسلاميين ككتلة فى مواجهة غير الإسلاميين.
هناك خامسا فجوة واضحة بين القوى الرجعية (بما فيها المحسوبون على الحزب الوطنى السابق، الذين يريدون معاقبة الثورة والثوار) والمحافظة (بما فيها الذين صوتوا للسيد أحمد شفيق كرمز للدولة الحامية لهم ولمصالحهم دون الرغبة فى استنساخ تجربة الحزب الوطنى) فى مقابل القوى الثورية (التى أرادت هدم أسباب الفساد والاستبداد عبر آليات الثورة التقليدية، مثل التظاهر والإضراب والاعتصام) ومعها القوى الإصلاحية (التى أرادت هدم أسباب الفساد والاستبداد عبر نقل الثورة من الميدان إلى البرلمان والديوان عبر المشاركة الفاعلة فى الانتخابات).
ما معنى هذه الفجوات؟
أولا هناك من ثار على الثورة بصوته فى الانتخابات؛ بعبارة أخرى هناك من أراد أن يقول إن الثورة لم تأت لهم بالخير الذى كانوا يتوقعونه. وقطعا هذه ليست مسئولية الثوار بالضرورة بقدر ما هى مسئولية الجهة التى أدارت الفترة الانتقالية. ولكن الحوادث الدموية العديدة، التى وجد فيه المصريون بعضا من أبنائهم يدخلون فى صراعات دموية مع قوى الشرطة والجيش، فجرت مشاعر ومخاوف من أن من يجيد إشعال الثورة لن يجيد بالضرورة إدارة الدولة.
ثانيا هناك من ثار على «الثَّوْرَجِية» وليس على الثورة بتصويته فى الانتخابات، والثورجية هم من اتخذوا الثورة وكأنها مهنة أو النشاط الأول فى حياتهم بعشق الأدوات الثورية (التظاهر والإضرابات وغيرهما) بغض النظر عن الأهداف والنتائج.
ثالثا هناك من ثار على الفوضى بصوته فى الانتخابات، باحثا عن قوة الدولة، إما فى خبرة شخص قادم من الدولة وله خلفية عسكرية وحكومية بارزة، أو فى تنظيم قوى يستطيع أن ينهض بشئون البلاد.
وخلاصة ما سبق أن الفائز بهذه الانتخابات هو الشخص الذى سينجح فى خلق منطقة توافقية بين الإسلاميين وغير الإسلاميين وبين الثوريين وغير الثوريين. وهذا يتطلب جهدا ذهنيا وفكريا قبل أن يكون سياسيا وحركيا.