«استلمت وزارة السياحة بإشغالات لا تتجاوز 20% عقب ثورة 25 يناير».. هكذا بدأ منير فخرى عبدالنور حواره مع «البورصة»، مؤكدا أن وزارته تستهدف العودة بنفس معدلات التوافد خلال 2010 التى حقق فيها القطاع 14.7 مليون وافد بإيرادات 12.5 مليون جنيه.
الحوار مع عبدالنور لم يكن حواراً سياحياً فقط وانما تخللته استفسارات سياسية وقطعته بعض المكالمات الهاتفية مع شخصيات سياسية كبيرة بالدولة لكونه كادراً حزبياً كبيراً بحزب الوفد حول الأوضاع التى تعيشها مصر فى الوقت الراهن وأهمية الدولة المدنية وسير العملية الانتخابية.
وقال عبدالنور إن الرضا بنتيجة الصندوق الانتخابي، طالما تم الاحتكام إليه، كفيل بتدفق حركة السياحة الدولية إلى مصر خلال الفترة المقبلة خاصة أن السياحة والاستقرار الأمنى والسياسى وجهان لعملة واحدة.
ربط عبدالنور فى حواره مع «البورصة» الوصول إلى نفس معدلات العام الأسبق بالاستقرار الأمنى، وقال إن الأحداث السياسية والانفلات الأمنى جعل العاملين بالوزارة مثل الضابط الذى يطفئ الحرائق يميناً ويساراً دون أن نتملك فرصة لالتقاط الانفاس، على حد قوله.
وقال إن وزارته بدأت طرق الأسواق الجديدة بأمريكا اللاتينية وشرق آسيا عبر آليات تسويقية جديدة وخطوط طيران بكل من البرازيل واليابان، مع إمكانية التسويق المشترك مع مقاصد سياحية بالمنطقة فى الفترة المقبلة عقب الاستقرار السياسى.
وأضاف أن الفترة الماضية شهدت إصدار العديد من القرارات المنظمة للقطاع من الداخل خاصة فيما يتعلق بخضوع المطاعم لولاية وإشراف وزارة السياحة، سعيا لرفع جودة الخدمة السياحية وتوفير إيرادات ضريبية للدولة تتجاوز 1.5 مليار جنيه سنويا.
وعن ترتيب البيت من الداخل قام عبدالنور بإجراء حركة تنقلات بين القطاعات المختلفة والاستعانة بقيادات من خارج الوزارة خاصة اللواء طارق سعد الدين رئيس هيئة التنمية السياحية واللواء هانى وديع رئيس قطاع الرقابة على الشركات والمحلات السياحية.
ورفض عبدالنور إطلاق “رجال الوزير السابق” على قيادات وزارة السياحة مؤكدا أن رؤساء القطاعات المختلفة عملت مع وزراء قبل زهير جرانة وعملت مع عبدالنور وستعمل مع غيره قريبا.
وأكد أن الوزارة لا يوجد بها سوى مستشارين اثنين، هما المستشار القانونى شريف إسماعيل والدكتورة عادلة رجب المستشار الاقتصادى لوزير السياحة ورئيس وحدة الحسابات القومية بالوزارة، بينما لا يتجاوز أكبر راتب بالوزارة 25 ألف جنيه.
توقع منير فخرى عبدالنور أن تنخفض حركة توافد السائحين إلى مصر خلال شهرى مايو ويونيو الجارى عن معدلاتها خلال الربع الاول من العام الجارى الذى حقق نحو 2.5 مليون وافد، بسبب تخوف شركات السياحة الاجنبية المنظمة للرحلات من مصاحبة الانتخابات الرئاسية أي أعمال عنف سواء فى المرحلتين الأولى أو الثانية مشيرا إلى أن الجولة الاولى لم يصاحبها أي أعمال عنف.
وأضاف أن شهر مايو الماضى حقق نموا فى أعداد الوافدين بلغ 19% بعدد 850 ألفاً مقارنة بـ807 آلاف وافد خلال نفس الفترة من العام الماضى، متوقعا أن يحقق شهر يونيو الجارى نفس المؤشرات.
وأوضح أن المؤشرات الإيجابية فى الربع الاول من العام الجارى والتى حقق فيها القطاع 2.5 مليون وافد بنمو 40% عن نفس الفترة من العام الماضى، تؤكد أن مصر فى طريقها إلى استعادة عافيتها السياحية.
وقال: “نسير فى الطريق الصحيح ونأمل ألا تقع أى أعمال عنف خلال الفترة المقبلة”.
وأبدى عبدالنور تفاؤله بشأن حركة التدفقات السياحية الوافدة إلى مصر خلال النصف الثانى من 2012، موضحاً أن مصر عليها طلب سياحي مؤجل من نهاية العام الماضى ما يجعل المؤشرات السياحية تتجه للنمو خاصة فى النصف الثانى من العام الجارى.
وربط وزير السياحة بين النمو السياحى خلال العام الجارى بقبول الشارع بنتيجة الانتخابات الرئاسية أياً كان الفائز قائلاً «علينا أن نرضى بالرئيس أياً كان هو طالما جاء عن طريق الصندوق الذى احتكمنا إليه».
وشدد على أن النمو السياحى يعكس الحالة الأمنية والاستقرار السياسى بالدولة.
وقال الوزارة تعمل فى ظروف صعبة للغاية وأصبحت مثل الضابط الذى يطفئ الحرائق يمينا ويسارا»، فبخلاف التخوف الخارجى من زيارة مصر والظروف الاقتصادية التى يعيشها العالم هناك أيضا حالة أمنية تؤثر على القطاع هبوطا وصعوداً.
وأضاف «منذ اندلاع شرارة الثورة والأحداث سريعة لا تسمح لك بالتقاط الانفاس ورغم شدة الانخفاض السياحى خلال العام الماضى الذى وصل إلى 80% خلال شهر فبراير 2011 حققت مصر 9.8 مليون وافد بإيرادات 8.8 مليار دولار».
ولم تتغير خريطة السياح الوافدين كثيرا خلال الربع الجاري، عن خريطة الأسواق الرئيسية المصدرة للسائحين إلى مصر سنويا
وأوضح أن روسيا تتصدر الوافدين حتى الوقت الحالى وتستحوذ على 20% من حجم التوافد وتستحوذ بريطانيا على 10% وتأتى أسواق فرنسا وبولندا وإيطاليا فى مراكز متقاربة، فيما تؤكد الاحصائيات تصدر أوربا الشرقية لحركة السفر لمصر خلال النصف الأول من 2012.
وتابع أن مصر تستحوذ على حصة لا بأس بها من الأسواق التقليدية خاصة السوق الانجليزى الذى يتسم بالاستقرار والطلب الفعال على مصر طوال أشهر العام، خاصة أنه السوق الوحيد الذى لم يحظر على مواطنيه السفر إلى مصر عقب الثورة.
وقال إن الوزارة استهدفت رفع جودة الحملات الترويجية بالأسواق التقليدية، مما أثر بالايجاب على حركة السفر الوافدة منها، وان اقتربت هذه الأسواق
من التشبع، بما يعنى أن أى نمو منها سيكون محدودا.
وتستهدف الوزارة مضاعفة الوافدين إلى مصر 30 مليون وافد حتى 2020 بإيرادات سياحية تتجاوز 25 مليار دولار، ومعدلات نمو مزدوج 15% سنويا، على أن يتم التركيز على الاسواق الجديدة، بحسب منير فخرى عبد النور.
وأشار الوزير إلى الحصول على موافقة مجلس الوزراء على منح بعض الجنسيات الوافدة إلى مصر تأشيرات دخول بالمنافذ، كما تم منح السائح الروسى إعفاء لمدة 3 شهور.
وتوقع أن يساهم ذلك الإجراء فى رفع التدفق السياحى، فيما تستهدف الوزارة رفع عدد الوافدين الروس لأكثر من 3 ملايين خلال 2012 .
وأوضح أن الاسواق السياحية الجديدة تعد أمل السياحة المصرية خلال الفترة المقبلة خاصة أسواق شرق آسيا وجنوبها وأمريكا اللاتينية مشيرا إلى أن هذه الأسواق بدأت وزارة السياحة فى وضع مجموعة من الخطط وهى قيد التنفيذ.
وأضاف: «نجحنا فى تسيير خط طيران بين طوكيو والقاهرة بمعدل رحلة أسبوعيا ونأمل فى زيادتها لرحلتين، كما أن الوزارة بصدد تسيير خط طيران بين القاهرة أوزاكا، ثانى أكبر المدن اليابانية بعد طوكيو، بالتعاون مع وزارة الطيران المدنى.
وشدد على عدم امكانية التوسع فى تسيير رحلات طيران منتظم إلى جميع الاسواق الجديدة والبعيدة، فى ظل الامكانيات المحدودة لشركة مصر للطيران التى تكبدت خسائر كبيرة خلال العام الماضى، خاصة أن حركة السفر من هذه الاسواق لم تصل بعد إلى درجة كبيرة من النمو تغطى تكلفة، كما أن الطيران الشارتر لا يمكنه تنظيم هذه الرحلات الطويلة.
وأضاف علينا أن نشجع شركات الطيران المحلى على النمو والارتباط بالاسواق الجديدة، الذى اعتبره استثماراً على المدى الطويل فى ظل إعتماد نحو 95% من حركة السفر الوافدة إلى مصر على الطيران.
ودعا عبد النور إلى التخطيط لتأسيس شركات طيران للقطاع السياحى، بالاستفادة من تجارب دول أخرى بالمنطقة خاصة تركيا التى تجاوز عدد وافديها 20 مليونا سنويا”.
واستبعد أن تساهم وزارة السياحة فى تأسيس هذه الشركات، لأن دور الوزارة يقتصر على الاشراف على القطاع عبر رسم استراتيجية عمله وتوفير المناخ المناسب لتنفيذها.
وشدد على أن الوزارة تكتفى بتمويل برامج التدريب لرفع مستوى جودة الخدمات السياحية، ويجب أن تبتعد عن الاستثمار، خاصة أن القطاع السياحى العام فاشل، على حد تعبيره.
وقال إن الوزارة اتبعت طرقا غير تقليدية للتوجه إلى الاسواق الجديدة بأمريكا اللاتينية تعتمد على وسائل الاتصال الحديثة بداية من شبكات التواصل الاجتماعى الفيس بوك ومواقع السياحة العالمية وكبرى المجلات والبرامج المتخصصة.
على الجانب الآخر، اتفقت الوزارة مع دول المنطقة للتسويق المشترك فى هذه الاسواق خاصة اليونان ولبنان وتركيا والاردن، إلا أن هذه الاتفاقيات لم تدخل حيز التنفيذ بعد، بسبب الظروف السياسية والاقتصادية التى تعيشها المنطقة بالكامل.
وأوضح أن التسويق المشترك فى الأسواق الجديدة يتم عبر الترويج لبرامج سياحية ضمن حزمة واحدة خلال مدة معينة تتم فى عدة دول بمناطق إقليمية متقاربة، بما يرفع من جودة المنتج السياحى.
وتستعد مصر للطيران لتسيير رحلة طيران إلى البرازيل أسبوعيا بداية من يوليو المقبل، وتتوقع الوزارة ان تساهم هذه الاتفاقية فى رفع حركة التوافد من سوق امريكا اللاتينية عبر الدخول فى اتفاقات جديدة مع دول أخرى بالمنطقة.
أما السياحة النيلية الطويلة بين الاقصر والقاهرة، فمن المقرر أن تستأنف رحلاتها خلال الشهر الجارى عقب موافقة رئيس مجلس الوزراء على عودتها مجددا، بعد انقطاع دام أكثر من 15 عاماً، فيما وفرت الوزارة جميع امكانياتها لعودة هذه الرحلات.
وقال الوزير إن هذه الرحلات ستعمل على رفع معدلات التدفق السياحى من الوافدين ذوى الانفاق العالى من جميع الاسواق العالمية، وزيادة معدلات الاشغال الفندقى بالمناطق الداخلية خاصة بالاقصر وأسوان إضافة إلى رفع مستوى الانفاق.
وتوقع تدنى التوافد العربى خلال موسم السياحة الصيفى وشهر رمضان فى ظل الانطباع السيئ لدى الوافد العربى بالانفلات الامنى نتيجة تعاطى الاعلام المحلى والعربى مع الواقع السياسى الذى تعيشه مصر فى الوقت الحالى، رغم أهمية السوق العربية باعتبارها أحد أهم الأسواق الرئيسية المصدرة للسياحة إلى مصر.
وأعرب الوزير عن أمله فى ارتفاع معدلات تدفق السياحة العربية خلال اشهر الصيف خاصة شهر رمضان المقبل، الذى سيشهد اقامة العديد من الاحتفاليات بهدف رفع معدلات التوافد، فيما تم الإعداد لإرسال وفد من الوزارة إلى دول المغرب العربى بالتعاون مع غرفة شركات السياحة للترويج لزيارة مصر.
وأضاف ان الوزارة تلقت خطابات من السفير الجزائرى تعبر عن رغبة مواطنيه زيارة مصر خلال موسم الاجازات.
وقال كثفنا التواجد خلال العام الماضى بجميع المعارض الرئيسية والاقليمية لرفع حجم التوافد وتقليل النمو السلبى خاصة فى النصف الأول من العام الماضى مما ساهم فى نمو الحركة خلال النصف الثانى.
وأضاف «لا يمكن ان نتوقف عن الترويج السياحى فى ظل الأزمة التى كادت أن تعصف بالقطاع، لذلك فالانتقادات الموجهة للإنفاق على هيئة التنشيط السياحى تعد غير مفهومة لعدم ارتفاع ميزانية هيئة التنشيط رغم الجهد المبذول خلال العام الماضى».
وأضاف أن التنشيط السياحى لا يكلف الدولة أى مبالغ، فالميزانية السنوية تبلغ 40 مليون دولار يجمعها صندوق السياحة من داخل القطاع، للترويج فى المؤتمرات الدولية، كما تجر
ى حاليا اعادة هيكلة مكاتب الهيئة بالخارج.
ومن المقرر أن تشمل الهيكلة نقل مكتب من مكان لآخر وتغطية المنطقة التى يوجد بها من دولة مجاورة، خاصة فى ظل انخفاض أعداد المكاتب السياحية المصرية بالخارج التى تبلغ 17 مكتباً لا تكفى للترويج لمصر، فيما تصاعدت الحاجة لفتح مكاتب بدبى والصين وأمريكا اللاتينية.
حوار: عبدالرازق الشويخى