يعانى قطاع الغزل والنسيج الحكومى من مشاكل وتبعات تاريخية تمثلت فى مديونيات للبنوك والهيئات الحكومية وتقادم الآلات والمعدات وعدم تغطية الإنتاج لتكلفة الخامات والأجور، الأمر الذى يجعلها أحد الملفات الشائكة أمام النظام السياسى المصرى الجديد، وأمام البدائل التى وضعها حزب الحرية والعدالة، يترقب قطاع الغزل والنسيج قرارات وخطوات تعيده لمنافسة القطاع الخاص.
قال المهندس صبرى عريضة، رئيس مجلس الإدارة العضو المنتدب لشركة المصرية لغزل ونسج الصوف والقطن «وولتكس» فى حوار لـ«البورصة» إن شركات الغزل تعانى من مديونيات تاريخية تسببت فى تفاقم أوضاعها ومعظم الآلات والمعدات لم يتم تحديثها منذ الثمانينيات.
وأضاف أن محاسبة رئيس الشركة على تفاقم الأداء غير صحيح، الا أنه من الضرورى محاسبة كل مسئول على الأداء خلال السنة المالية ورؤية الحساب الجارى وأرباحه وخسائره، وأن الشركات تريد العمل بطاقة إنتاجية مناسبة تغطى تكلفة الخامات والأجور فى الوقت، الذى تشترى فيه الشركات القطن بسعر قريب جدا من سعر الغزل.
وأشار ضرورة النظر فى المرحلة المقبلة لشركات الغزل والنسيج خاصة الصغيرة منها، لوضع تصور متكامل لتطويرها ودفع معدلات النمو فيها لتحقيق عوائد مناسبة، وأن هناك 3 مصانع قطاع عام فقط، هى التى تعمل فى الصوف، وهى غزل المحلة وستيا و«وولتكس»، وبالتالى يمكن تسويق جميع إنتاجها، ولكنها تحتاج لتحقيق الجودة والكم فى وقت واحد، وذلك لا توفره الماكينات الحالية.
أكد أن سعر قنطار القطن 725 جنيهاً، فيما يتعدى طن الصوف 135 ألف جنيه، يتم الحصول عليه من شركة “ستيا”، التى تستورده من الخارج لامتلاكها بطاقة استيرادية، وبالتالى فإن التوسع فى الإنتاج يحتاج إلى قدر كبير من السيولة، لافتا إلى أن الشركة تواجه مشكلة فى السيولة لتوفير الخامات، خاصة أنها تحتاج نحو 40 طن سنويا.
لفت رئيس “وولتكس” إلى أن الخامات لا تقتصر على الصوف فقط بل هناك ايضا خامات البوليستر والاكليرك، وأنه لابد من وجود رصيد آمن حتى لا يتوقف العمل، الا أن الواقع أن المصنع كثيرا ما يتوقف لعدة أيام بعد نفاد الخامات حتى يتم توفير الخامات المطلوبة.
أوضح أن شركات قطاع الأعمال تواجه مشكلة فى التنسيق بين الإدارات المختلفة فى الشركة الواحدة، ولا تعمل كشبكة متكاملة بعكس القطاع الخاص، وأن 90% من الإنتاج يورد للقوات المسلحة من أقمشة وبطاطين، فضلا عن أن الشركة تتعامل مع شركة “مصر- حلوان” باعطائها الغزول والحصول عليها أقمشة، لكى يتم الوفاء بطلبات الجيش فى مواعيدها منعا للتأخير ودفع غرامات.
ذكر أن قيمة التعاقدات السنوية مع القوات المسلحة تقدر بنحو 3 ملايين جنيه، وأن المشكلة الكبيرة، التى تواجه الشركات هى الأجور، التى كانت أحد أهم أسباب استقالة المهندس محسن الجيلانى، لأن الأولوية الشهرية هى توفير أجور العاملين دون أدنى صلة بالإنتاج، لأن الدور الاجتماعى هو الأهم.
أكد أن القابضة للغزل تسدد 70% من أجور الشركة البالغة 2 مليون جنيه شهريا، وفى حال تأخير السداد تتحمل الشركة الأجور، وتنتظر صرف القابضة لقيمة الأجور لشراء خامات، وأن الأجور التى تسددها القابضة تتحول إلى ديون على الشركات.
أوضح أن آلات الشركة قديمة جدا، فنظام “الماكوك”، الذى يعمل به المصنع الآن انتهى العمل به فى ألمانيا فى 1984، واستحدث أنظمة حديثة تعمل الكترونيا تظهر جميع العيوب فى الأنوال على الشاشة بعكس الأنوال اليدوية، التى يوجد بها عيوب يصعب اكتشافها.
قال عريضة ان تطوير الشركات يحتاج إلى الاستثمار فى الآلة والعامل والإدارة، حتى يكون الجميع على المستوى اللائق لتحقيق الجودة المطلوبة من المستهلك، وأن الشركات العامة تعانى من زيادة العمالة الادارية، التى تصل نسبتها إلى 4 : 1 بالنسبة للعمالة الفنية، التى يحتاجها القطاع بشدة فى وقت توقف تعيين عمالة جديدة بجميع الشركات.
أضاف أن مديونية بنك الاستثمار القومى المتفاقمة، تحمل الشركة نحو 60 مليون جنيه فوائد سنوية، وأن التسوية التى قام بها د. محمود محيى الدين، وزير الاستثمار الأسبق لمديونية البنوك كانت فى صالح البنوك، لأن هذه الديون صنفت طرف البنوك على أنها معدومة، وبعد ذلك حصلت مقابلها على قطع أراض متميزة.
أوضح أنه لا يمكن تحمل مشاكل 20 عاماً على أداء الإدارة الآن، لأن هذه المديونية تزيد شهريا 5 ملايين جنيه فوائد، وأنه بخصم هذه الفوائد يمكن أن تحقق المصانع أرباحاً، فضلا عن أن هيئة التأمينات الاجتماعية أقامت دعوى قضائية على الشركة بسبب وصول المديونية إلى 120 مليون جنيه، وتم التصالح، على أن يتم سداد المديونية بدفع جزء من التأمينات القديمة مع الجديدة.
أشار إلى أن المحكمة حكمت على الشركة بسداد 5 ملايين جنيه أتعاباً ورسوم تقاضي، وتم الحجز على جميع أموال الشركة بالبنوك، ما ترتب عليه مشاكل كثيرة بسبب عدم وجود تأمين للاحتفاظ بسيولة بداخلها واعتمادها الأساسى على البنوك.
لفت إلى أن القائمين على الشركة تقدموا بمناشدات ومذكرات لرئيس الوزراء ووزير العدل وجميع المسئولين لكنها باءت بالفشل، وحتى يتم فك الحجز تم الاتفاق على جدولة المبلغ وسداد 75 ألف جنيه شهريا حتى يتم الانتهاء من سداد المبلغ بالكامل.
أكد عريضة أن حل مشكلة مديونية بنك الاستثمار القومى تحتاج لقرار سياسى على أعلى مستوى بعد مناقشة المديونية واتخاذ قرارات وزارية لفك هذا القيد لأن الشركات لو باعت أصولها بالكامل لن تكفى لسداد ا
لمديونية بفوائدها المركبة.
شدد على أن مديونية الشركة لشركات الأقطان التابعة للقابضة للغزل تولت الشركة القابضة تسويتها حتى لا يتم تكبيل الشركة بفوائد أخرى، وأن التشكيل الجديد لمجلس إدارة الشركة القابضة يضم مجموعة من أفضل الخبرات والكفاءات فى قطاع الغزل والنسيج المصرى وهو ما سيساهم فى حل المشاكل المتراكمة للشركات.
أوضح أنه ضد غلق باب الاستيراد للمنسوجات والأقطان، ولكن يجب وضع رسوم حمائية حتى تكون هناك منافسة فى المنتجات، ويتم التمكن من معرفة كل التحديثات على المنتجات الاجنبية، وأن طول الفترة الانتقالية كان له تأثير سيء على الشركات بسبب دخول منتجات كثيرة مهربة.
قال رئيس “وولتكس” إن الشركة لديها 70 فداناً تم تأجيرها للشركة المصرية للتكرير منذ 10 سنوات بفرع “اسكو” ايجار قديم، ولو كانت تلك الأراضى موجودة فى حوزة الشركة وقت الثورة لتعرضت لمشاكل كثيرة بسبب الانفلات الأمنى.
فى هذا الاطار، قامت الشركة القابضة للغزل بدمج شركة المحلات الصناعية للحرير والقطن “اسكو” والشركة المصرية لغزل ونسج الصوف “وولتكس” تحت مسمى الشركة المصرية لغزل ونسج الصوف والقطن اعتبارا من 15-1-200.
قال صبرى عريضة إن نتائج أعمال مصانع الغزل والنسيج سيئة بسبب عدم ضخ استثمارات جديدة من سنوات طويلة وتحمل الشركات لمشاكل تاريخية، وأنه ليس ضد الخصخصة، لكنه لابد أن تتم بشفافية وتحافظ على العمال، وأن أجر العامل فى القطاع الخاص أكبر من القطاع العام فى ظل انخفاض الإنتاجية بالأخير بشكل كبير.
أضاف أن مشكلة شركة “ديب ايجيبت” تمثلت فى شكوى المستثمر الكورى، الذى قام بشراء الشركة بأن “وولتكس” تأخذ العمال من شركته نتيجة أجورها المرتفعة، وذلك غير صحيح.
أكد أن تنفيذ خطة استثمارية بالشركات يحتاج إلى عمل دراسات جدوى قوية وناجحة، وأن تنفيذه دراسة جدوى ناجحة بشركة “الشبراويشى” التابعة للقابضة للغزل قبل توليه رئاسة “وولتكس” عن طريق تحويلها للعمل بالغاز بدلاً من السولار والمازوت، وبلغت تكلفة المشروع 400 ألف جنيه، مما أحدث وفراً بقيمة 422 ألف جنيه للشركة شهريا، وتم استرداد الاستثمارات فى شهر واحد.
أوضح أن شركته تحتاج 50 مليون جنيه لعمل احلال وتجديد وتطوير بالكامل، الا أنه لم تتم المطالبة بادخال الشركة فى الخطة الاستثمارية، التى تنوى الشركة القابضة للغزل تنفيذها فى 3 شركات تابعة.
يذكر أن «وولتكس» تتبع لها 4 مصانع، هى: وحدة إمبابة ووحدة الغزال المصرى ووحدة مسطرد ووحدة العاشر من رمضان، بإيرادات مجمعة قدرها 20.973 مليون جنيه العام المالى 2010-2011، وبلغت الفوائد المدينة 73.721 مليون جنيه، وحققت صافى خسائر 105.259 مليون جنيه.
ووفقا للحسابات الختامية، بلغت قيمة الأجور 29.219 مليون جنيه لعدد 1183 عاملاً بمتوسط أجر سنوى للعامل 24.720 ألف جنيه بنهاية العام المالى 2010- 2011.
كتب – محمود صلاح الدين
