بعد عشرة أيام من توليه رسمياً رئاسة مصر، دخل محمد مرسي، فى تحد مع جنرالات المجلس العسكرى الذين يصرون بوضوح على أن يكونوا أصحاب القول الفصل فى إدارة البلاد.
فى العاشر من يوليو أعلن مرسى عودة البرلمان الذى تهيمن عليه الإخوان المسلمين بعد انتخابات جرت بين نوفمبر وفبراير، فى تحد لأمر من المحكمة، المدعومة من قبل الجنرالات، التى كانت قد أصدرت قرارا بحل مجلس الشعب فى شهر يونيو الماضى، لكن فى الحادى عشر من يوليو تراجع مرسى.. وقال مكتبه انه سيحترم قرار المحكمة «لأننا دولة قائمة على القانون». والنتيجة النهائية لهذه الحجة (احترام القانون) ستحدد إلى حد كبير مستقبل مصر.
السؤال الآن هو هل ستدار البلاد من قبل الاسلاميين المنتخبين من قبل الشعب أم من قبل الجنرالات الأكثر علمانية الذين يعتمدون القهر وعلى مؤسسات راسخة عبر 60 عاماً من الحكم العسكرى، وهل ستعود المحاكم كمؤسسات محترمة للظهور من جديد؟.
جذور الخلاف تعود إلى الانتخابات النيابية، والتى قامت على الإجراء الذى حدده قانون انتخابى ينص على تخصيص ثلثى المقاعد للقوائم الحزبية والبقية للأفراد كمستقلين واعضاء الاحزاب كأفراد، واعتبرت المحكمة العليا أن هذه الطريقة غير دستورية، بحجة أنه يعطى ميزة للأحزاب على المرشحين المستقلين غير المنتمين لاى حزب.
ومع ذلك فان توقيت الحكم كان مشبوها خاصة أن جنرالات المجلس الأعلى للقوات المسلحة، حلوا البرلمان قبل يومين – فقط – من الاعلان عن نتيجة الانتخابات الرئاسية، لجولة الاعادة حيث اعتبره البعض “انقلاب ناعم” ضد الديمقراطية. وارتفعت الصرخات بصوت أعلى عندما اصدر المجلس العسكرى مرسوما دستوريا يجرد الرئيس المقبل للكثير من صلاحياته، بما فى ذلك الإشراف على القوات المسلحة. بصراحة فان الجنرالات لا يتسامحون مع احتمال فوز رئيس من الإخوان المسلمين فى ظل وجود برلمان تسيطر عليه الجماعة. مصر كانت فى “منطقة دستورية غير واضحة” بعد تنحى حسنى مبارك كرئيس للبلاد منذ أكثر من سنة.
ويرى ايليا زروان عضو المجلس الأوروبى للعلاقات الخارجية، أن مرسى حاول من خلال اعادة البرلمان، استعادة الصلاحيات التى جرى تجريدها من السلطة المدنية. “وهذا سيسجل فى التاريخ باعتباره خطوة جادة أولى نحو التحول الديمقراطى فى مصر”.
ويقول عمر عاشور، وهو أكاديمى مصرى أن الاختبار النهائى لعملية انتقال ديمقراطى هو ما اذا كان المدنيون هم المسئولون عن القوات المسلحة أم لا.
لكن حمدين صباحى، ممثل الجناح اليسارى الذى جاء فى المركز الثالث فى جولة الانتخابات الرئاسية الأولى، هاجم هذه الخطوة باعتبارها “اهدارا للسلطة القانونية”. وكتب زعيم المعارضة الليبرالية، محمد البرادعي، تغريدة تقول إن قرار مرسى يحول مصر من حكم القانون إلى حكم الأشخاص.
ربما تكون هذه المعارضة ساعدت على إقناع مرسى والاخوان المسلمين، الذين يريدون تشكيل حكومة وحدة وطنية، بتأجيل المواجهة مع الجنرالات والمحاكم فى الوقت الراهن. لكن القضاء فى مصر أضر بسمعته التى تلطخت بالفعل كسلطة يجب ان تكون مستقلة، وذلك بسبب التسرع غير المبرر فى حكمها بحل البرلمان وبالخطبة العصماء الأخيرة ضد الإسلاميين من قبل رئيس نادى القضاة، أحمد الزند. ومع ذلك، فإن بعض المراقبين المستقلين يعتقدون ان جماعة الاخوان المسلمين يجب أن تقبل قرارات المحاكم، باعتبار أنه من حق القضاة وضع ضوابط على السلطة التشريعية، لاسيما إذا سيطرت عليها أيديولوجية واحدة.
إعداد: ربيع البنا
المصدر: الإيكونوميست






