1200 شاب على الأقل اختفوا قسريا أو اختطفوا وألقى بهم فى معسكرات التعذيب وفقا لآخر أرقام رسمية متاحة أعلنت فى مارس ٢٠١١، ومعظم هؤلاء دفعة الرئيس الحالى الدكتور محمد مرسى فى الاعتقال والخطف، بعضهم اختطف واعتقل فى ٢٥ يناير، وجلهم يوم جمعة الغضب، اليوم الذى اعتقل فيه الرئيس محمد مرسى.
الرئيس مرسى لأنه شخصية معروفة عاد سريعا من الخطف فور خلع مبارك، أما هؤلاء الشباب فقد اختفت آثارهم، ولم يعد منهم إلا عدد أصابع اليد الواحدة.
من أجل هؤلاء تشكلت حركة «هنلاقيهم» لتنفيذ حملة للبحث عن مفقودى الثورة، يقوم عليها مجموعة من الشباب والشابات فى العشرينيات، شاركوا فى الثورة وكان من الممكن أن يكونوا هم أيضا فى عداد المفقودين.
فى مؤتمر صحفى بنقابة الصحفيين أمس عقدت الحملة مؤتمرها الصحفى الأول، وعرضت شهادات لعائدين من الخطف وأخرى لأهالى مخطوفين أو مفقودين أو أسرى فى سجون الذين حموا الثورة، ووفق ما أكده أعضاء الحملة فإنه بين الحين والآخر يظهر واحد من المفقودين، الأمر الذى يعطى آملا كبيرا فى إمكانية معرفة مصير الباقين.
وتكاد قصص الخطف والفقد تتشابه: محاولة للهروب من جحيم الحرب التى شنها نظام مبارك على الثوار يوم جمعة الغضب، أشخاص فى زى مدنى يقنعون الباحث عن ملاذ لركوب السيارة معهم، فى الطريق اسبراى مخدر ثم الانتباه على كلابشات فى اليدين وأزيز طائرة يشق السماء ثم تهبط فى مكان فى الصحراء، وبعد أسابيع أو شهور يجد الشاب نفسه ملقى فى العراء.. هذا ما حدث مع الشاب إسلام شريف الخواجة من دسوق محافظة كفرالشيخ الذى اختطف يوم ٢٩ يناير ٢.١١ ووجد نفسه فى صحراء الوادى الجديد بعد شهر تقريبا.
غير أن الخطف لم يتوقف بعد أن وضعت الثورة أوزارها واستقرت تحت حكم العسكر، ففى عيد الثورة الأول ٢٥ يناير ٢٠١٢ خرج الشاب محمد محسن (ويبدو أن هذا الاسم يفتح شهيتهم للقتل والتنكيل وقصة محمد محسن شهيد أسوان فى موقعة العباسية الأولى ليست ببعيدة) خرج محمد محسن الثانى للاحتفال ومن أحد الشوارع الجانبية بميدان التحرير خطفوه إلى قسم زينهم، كما حكت والدته فى المؤتمر «القسم قال إن الشرطة السكرية تسلمته» طرقت كل الأبواب وأخيرا ذهبت إلى وزارة الدفاع ٣ مايو، اليوم الذى سبق بداية مذبحة العباسية الثانية.. مسئول فى الوزارة طمأنها وقال لها إن ابنها موجود فى أحد المستشفيات حيث أصيب بقطع فى الكتف، وحين سألت أى مستشفى أبلغها أنه أجرى اتصالا فعرف أنه تلقى العلاج وخرج، ثم أضاف أنهم يريدونه فقط كشاهد فى قضية العباسية الأولى» ماتقلقيش لما نلاقيه ونقبض عليه هتيجى تاخديه» كانت تلك آخر كلمات سمعتها، وبعدها توجهت إلى قصر الرئيس مرسى، لكن ليس فى قصر الاتحادية من يجيب أيضا!
الخطف لم يقتصر على الرجال فقط، فهذه السيدة غادة عبدالرحمن التى خرجت مع زوجها وأولادها للمشاركة فى ثورة المصريين يوم جمعة الغضب، واختطفت ولم تظهر منذ ذلك الحين.
وأخيرا: لقد جاء وزير جديد للعدل من قلب هذه الثورة.. وقبله جاء رئيس لمصر جرب الاعتقال والاختفاء والفقد، وأظن أنه آن الأوان لإعادة فتح ملفات العدالة الغائبة أو المغيبة بعد الثورة.
بقلم : وائل قنديل – الشروق
