على الرغم من أن بنك التنمية والائتمان الزراعى يعد من أغنى بنوك مصر ويبلغ حجم محفظته الائتمانية نحو 24 مليار جنيه، الا أنه مكبل بالأعباء المالية والادارية و يصل عدد العاملين به إلى 25 ألف موظف يتقاضون نحو 1.8 مليار جنيه سنويا بعد اقرار علاوة الرئيس الجديد الدكتور محمد مرسي.
قال الدكتور محسن البطران رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى فى حوار مع «البورصة» انه رغم الامكانيات الهائلة التى يمتلكها البنك والأصول الضخمة الا أنها غير مستغلة ما يدفعه لتحقيق خسائر سنوية بسبب السياسات الخاطئة التى تم اتباعها فى التعامل معه على مدار السنوات الماضية، بالاضافة إلى «الفساد المتوحش» فى جميع أركانه وفروعه، ما جعله غير قادر على اتخاذ أى خطوة نحو التقدم.
وأعرب عن أمله فى تحقيق 25% نموا فى حجم أعمال بنك التنمية والائتمان الزراعى خلال العام المالى الجارى رغم كل الأعباء التى يواجهها وفى مقدمتها عدم رغبة الموظفين فى العمل وتحمل المسئولية حسب قوله .
قال البطران أن عدد العاملين بالبنك بنحو 25 ألف موظف، فى حين أن حاجة العمل لا تتطلب أكثر من 8 آلاف موظف فقط يمكنهم ادارة البنك بكفاءة عالية، فى حين أدى استغلال النظام السابق للبنك على مدار السنوات الماضية فى تحقيق أغراض سياسية وتعيين الآلاف به من اجل حصد الأصوات الانتخابية والمجاملات، مشيراً إلى أن الأمر تعدى حاجز المعقول بتعيين خريجة ” باليه ” ببنك التنمية والائتمان الزراعي.
أضاف أن عدداً كبيراً من الموظفين يرفضون العمل ويحصلون على رواتب بدون تقديم خدمة حقيقية، ما يجعلهم عبئاً على ادارة البنك التى لا يمكنها تحمل فواتير سياسة المجاملات التى تم اتباعها فى تعيينات البنك على مدار السنوات الماضية التى جعلت نسبة كبيرة من الموظفين من غير المتخصصين فى الشئون الاقتصادية أو المصرفية.
وشدد على ان القرارات التى كان يتخذها الرئيس المخلوع باسقاط ديون المزارعين كانت لها آثار سلبية كبيرة على الأداء المالى للبنك، نظرا لان الدولة لم تكن تتحمل تكلفة مثل هذه القرارات التى تقدر بملايين الجنيهات، وكان البنك يتحملها من رصيده، وانعكست بالسلب على أداء المزارعين للديون ، لأنهم علموا وتأكدوا أنه سيأتى اليوم الذى يسقط فيه الرئيس مديونياتهم، فامتنعوا عن السداد.
وأظهر حصر جميع العملاء المتعثرين لدى البنك وصول اجمالى الديون الرديئة إلى حوالى 1.9 مليار جنيه، منها 400 مليون جنيه قروضاً زراعية و1.5 مليار جنيه قروضاً استثمارية.
وقال رئيس البنك ” للأسف ينظر الجميع إلى المتعثرين ببنك التنمية على أنهم من صغار المزارعين ويطالبون باسقاط الديون عنهم، رغم أن النسبة الأعظم للقروض الاستثمارية وليست الزراعية”.
وكشف البطران أن المستحقات الحالية للبنك لدى الدولة بلغت فى أول يونيو الماضى نحو 1.75 مليار جنيه تتوزع بين 1.090 مليار جنيه مستحقات عن صندوق موازنة أسعار الأسمدة، و639.2 مليون جنيه مستحقات مبادرة الحكومة بشـأن المزارعين المتعثرين بالاضافة إلى 23.2 مليون جنيه متأخرات على هيئة السلع التموينية عن موسم توريد القمح للعام الماضي.
وساهمت المبادرات التى أطلقها البنك خلال الفترة الماضية فى تسوية مديونيات 5 آلاف عميل من بين 32 ألف متعثر.
وبلغت قيمة الاعفاءات المقدمة للمتعثرين حوالى 387.1 مليون جنيه تحملها البنك مقابل 53.5 مليون جنيه تحملتها الحكومة بالاضافة إلى مبادرة متعثرى شمال وجنوب سيناء التى بلغت 106 ملايين جنيه استفاد منها 3960 عميلا ومتعثرى الوادى الجديد التى بلغت قيمتها 12 مليون جنيه استفاد منها 360 متعثرا.
وقدر د. محسن البطران تكلفة العلاوة التى أقرها الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية على البنك بنحو 400 مليون جنيه، مشيراً إلى أنها رفعت اجمالى الأجور السنوية إلى نحو 1.8 مليار جنيه.
من جهة أخرى، أوضح رئيس بنك التنمية والائتمان الزراعى أن الهدف من التوسع فى انشاء الفروع الاسلامية ليس “ركوب الموجة” ، ولكنها محاولة لاستغلال الشباب الموجود بالبنك ولديه رغبة حقيقية فى النجاح، حيث يقوم البنك باعدادهم ومنحهم دورات تدريبية على العمل المصرفى وبعدها يتم فتح الفروع الاسلامية وتسكين هؤلاء الشباب بها للاستفادة منهم.
ويستهدف البنك الوصول بعدد الفروع الاسلامية إلى 100 فرع بنهاية العام الجارى، بعد أن تم افتتاح 25 فرعا حتى الآن، وجار تجهيز عدد آخر من الفروع تمهيدا لتحويلها للتعاملات الاسلامية، خاصة فى ضوء انخفاض اقامة تلك الفروع لأن المواقع موجودة بالفعل ومملوكة للبنك، لتقتصر تكلفته على أعمال التشطيب والأثاث فقط بالاضافة إلى عملية التدريب واعداد الكوادر.
واعتبر التوسع فى افتتاح الفروع الاسلامية من أهم خطوات تنمية عمل البنك وتعظيم موارده خلال السنوات المقبلة، خاصة فى ظل تنامى الطلب على هذا النوع من الخدمات المصرفية فى السوق المحلى.
وكشف عن وضع خطة استراتيجية لعمل البنك خلال المرحلة القادمة ابرز ملامحها نقل مجموعة من الأصول تقدر بنحو 800 مليون جنيه للشركة التابعة له، لاعادة استغلالها والاستفادة منها خاصة فى ظل القيود التى يفرضها البنك المركزى والخاصة بضرورة الفصل بين النشاطين التجارى والزراعي.
ورفض الافصاح عن طبيعة تلك الأصول فى الوقت الراهن، لافتا إلى أنه سيتم عرضها على مجلس الادارة لاقرارها قبل اتخاذ الاجراءات القانونية لتلافى الوقوع فى أى خطأ قانونى أثناء التنفيذ.
كما تتضمن استراتيجية البنك أيضا التوسع فى القرو
ض الزراعية ورفع الفئة التسليفية الحالية لجميع المحاصيل بنسبة 10% بما يعادل 700 مليون جنيه، لتتناسب مع قيمة الزيادة فى أسعار المدخلات الزراعية، بالاضافة إلى زيادة الفئة التسليفية لمحصول قصب السكر لرفع الأعباء من على كاهل المزارعين.
وأشار إلى اطلاق التنمية والائتمان الزراعى مبادرة جديدة لتمويل المشروعات الصغيرة والمتوسطة خاصة المرتبطة بالزراعة والانتاج الحيوانى والسمكى لخريجى كليات الزراعة والطب البيطرى، وانه تقدم للاستفادة منها حتى منتصف الشهر الجارى نحو 1710 شباب حصلوا على قروض تقدر بنحو 7 ملايين و873 ألفًا و450 جنيهاً سيتم تنفيذها فى حوالى 239 موقعاً.
كما اتخذ البنك مجموعة من المبادرات لرفع الأعباء عن المزارعين، أبرزها تأجيل اتخاذ الاجراءات القانونية ضد المتعثرين البالغ عددهم نحو 32 ألف متعثر، لمدة 4 شهور ومنحهم الفرصة لتوفيق اوضاعهم وسداد مستحقات البنك، بالاضافة إلى تركيز البنك على مشاركة المحافظات ذات الطبيعة الخاصة مثل شمال سيناء والوادى الجديد واقامة مشروعات قومية بها وزيادة الاهتمام بالجوانب الاقتصادية والاجتماعية بتلك المحافظات.
كما خطط البنك للاستفادة بنسبة 100% من السعة التخزينية الموجودة لديه والمقدرة بنحو 2.2 مليون متر دون اضافة أعباء مالية جديدة، نظرا لان البنك لا يستفيد سوى بنحو 60% فقط من هذه السعة التخزينية، على أن يتم استغلال جانب من الايرادات القادمة من هذه العملية فى التطوير.
وفى الاطار السابق، يسعى البنك لوضع ضوابط جديدة للتسعير ومدد الايجار بما يتناسب مع طبيعية كل مخزن وشونة وامكانية ادخال العملاء بعض التطوير أثناء مدة التأجير.
وتوقع أن تسهم الاستراتيجية الجديدة فى زيادة ايرادات السعات التخزينية بنحو 70 مليون جنيه سنويا.
وتسلم بنك التنمية والائتمان الزراعى القمح من المزارعين حيث سجل رقما قياسيا خلال الـ 15 عاما الماضية، بعد أن تجاوز ما تسلمه العام الجارى 1.7 مليون طن بنسبة 107% من المستهدف.
أضاف البطران أن ادارة البنك حريصة على القيام بجولات ميدانية أسبوعية لمتابعة توزيع الأسمدة وحل المشاكل التى تعترضها أولاً بأول وبصفة عاجلة، والوقوف على أداء فروعه فى المحافظات المختلفة وطبقا لجدول زمنى محدد.
كما اعتمد البنك دليلا للسياسة الائتمانية الجديدة والاجراءات التنفيذية، لتلافى المشاكل الائتمانية السابقة وكذلك مراعاة المحافظات ذات الطبيعة الخاصة.
وأكد ان البنك وفر 250 مليون جنيه للشركة القابضة للغزل والنسيج لشراء القطن من المزارعين بدفعات اسبوعية تراوحت بين 50 و70 مليون جنيه مما ساهم بنسبة 70% فى حل ازمة تسويق القطن الموسم الجاري.
يذكر أن بنك التنمية والائتمان الزراعى أسسته الدولة تحت مسمى بنك التسليف الزراعى المصرى بموجب المرسوم بقانون رقم 50 لسنة 1930 بالترخيص للحكومة بإنشاء بنك زراعى برأسمال مليون جنيه والمرسوم الملكى بانشاء بنك التسليف الزراعى المصرى عام 1931 ابان الأزمة الاقتصادية العالمية ليقدم القروض للمزارعين المصريين ويحميهم من البنوك العقارية الأجنبية والمرابين وصدر القانون رقم 117 لسنة 1976 لتعديل اسم البنك إلى «البنك الرئيسى للتنمية والائتمان الزراعى» ليقدم جميع الخدمات المالية والتمويلية وغيرها من أنشطة والتى تناسب جميع العملاء فى الريف والحضر بالاضافة إلى تطوير الخدمات المصرفية بما يوفر حزمة من المنتجات لعملائه ويحقق اغراض البنك فى تنفيذ سياسة الدولة الزراعية وخدمة الاقتصاد القومى.
وبناء على المتغيرات السريعة والمتلاحقة فى السوق المصرفى وظهور الكيانات الضخمة المحلية والأجنبية وظهور منظمة التجارة العالمية وصدور قانون البنك المركزى رقم 88 لسنة 2003 وبدء تطبيق مقررات بحث «بازل 2» فقد قام البنك بوضع استراتيجية فى أدائه تتركز على تنمية أصول البنك المادية والمعنوية وتطوير وتنويع الخدمات المصرفية الحالية واستحداث خدمات جديدة تتناسب مع المتغيرات الاقتصادية وضع آليات فعالة لمساندة حالات التعثر.
كتب – عخر عبد الحميد ورانا فتحي






