تستحق الطبقة الوسطى الصينية جائزة من نوع خاص بعد أن غيرت الموازين فى كل شىء بالعالم، فقد رفعت الاستهلاك من الحبوب واللحوم والغذاء بصفة عامة لمستويات قياسية فى العقد الأخير، وفى نفس الفترة أدى ارتفاع مستوى دخل الفرد إلى زيادة الطلب على المواد الخام لتلبية الاحتياجات من السكن والسلع والخدمات الأكثر رفاهة، كما أن نمو الطبقة المتوسطة فى الصين جعلها من أكثر الدول الجاذبة للاستثمار.. واليوم أصبحت من أكبر البلدان المصدرة للسائحين فى العالم إن جاز التعبير.
ويقول تقرير لمجلة «الإيكونوميست» البريطانية إن 38 مليون صينى سافروا إلى وجهات سياحية مختلفة خارج بلادهم فى النصف الأول فقط من العام الحالى بزيادة 18% على ذات الفترة من العام الماضى.
وتشير التقديرات الرسمية – التى قد تقل عن الواقع بكثير – إلى أن السائحين الصينيين الذين قضوا إجازات تختلف مدتها خارج بلدهم انفقوا فى 2011 حوالى 73 مليار دولار، ليحتلوا بذلك الترتيب الثالث بعد الألمان والأمريكان.
وتعتبر الرحلات السياحية للخارج نوعا من الحياة الفاخرة التى أضيفت للمواطن الصينى بفضل النمو الاقتصادى الكبير الذى حولها – على سبيل المثال – إلى واحدة من كبريات سوق السيارات فى العالم حتى الفاخر منها.
قبل فترة التسعينات كانت الحكومة توافق بصعوبة على طلبات السفر للخارج لأغراض السياحة وكان من الصعب الحصول على جواز سفر، لكن – حالياً – أصبح كل ذلك ميسار وأسهل بكثير من ذى قبل ويسمح بكل سهولة للصينيين السفر إلى 140 دولة حول العالم.
يقول اندرو مكايفوى، مدير شركة استراليا للسياحة، إن المنافسة الآن ضارية لجذب السائحين الصينيين، وأعلنت الولايات المتحدة أن طلبات الصينيين من تأشيرات السياحة بلغت مليوناً فى الفترة من أكتوبر 2011 حتى يوليو 2012 بزيادة 42% على نفس الفترة من العامين السابقين.
وينفق السائح الصينى فى رحلته لأمريكا نحو 6 آلاف دولار بزيادة تقدر بالثلث على متوسط السائحين من دول أخرى، حيث يحب الصينيون التباهى بالنفقات الكثيرة والحكومات الأجنبية تعرف ذلك وتستغله.
لكن هناك بعض الوجهات السياحية هبط الطلب الصينى عليها مثل بريطانيا التى استقبلت نحو 147 ألف سائح العام الماضى مقابل 1.2 مليون سائح زاروا فرنسا فى 2011، وقد أطلقت بريطانيا خطة لمضاعفة عدد السائحين الصينيين ثلاث مرات بحلول 2015، كما تعهدت لندن بتسهيل الحصول على التأشيرة حيث لم تنضم إلى اتفاقية «شنجن» التى تسمح بتأشيرة واحدة لدول الاتحاد الأوروبى يمكن للسائح من خلالها التنقل بين أكثر من دولة.
تقول المجلة البريطانية إن الطريقة التى يسافر بها السائحون الصينيون اختلفت عن الماضى، فقد تراجعت ظاهرة مجموعة السائحين الذين يرتدون قبعة بشكل موحد ويسيرون خلف مرشدهم السياحى الذى يحمل علماً، كما أن الشباب الصينى بات يبحث عن رحلات أكثر عمقاً وتضيف إليه بعض الخبرات ويفضلون التجول بشكل مستقل وليس فى مجموعات.