بقلم: إيمى جافى
مع ارتفاع أسعار البترول الأسبوع الماضى وتخطى سعر البرميل 115 دولاراً، كشفت الأخبار التى تسربت من البيت الأبيض أنه من المحتمل لجوء الرئيس باراك أوباما إلى الاحتياطى البترولى الاستراتيجى، الذى يصل إلى 695 مليون برميل ولا يلجأ له أى مسئول بالولايات المتحدة إلا فى حالات الطوارئ، ربما يكون الخبر يشير إلى أن واشنطن تريد من دول الخليج اتخاذ الإجراءات اللازمة لخفض أسعار البترول، وقد تكون هذه الأخبار أيضاً محاولة من البيت الأبيض لطمأنة الأسواق بأن الولايات المتحدة لن تسمح بنشوب تلك الحرب المحتملة مع إيران رغم غلقها لصنبور البترول، وذلك من أجل تخفيف وطأة ارتفاع أسعار البترول الحالية.
نحن على يقين من أن هذا التصريح يسلط الضوء على مشكلتين متداخلتين لسياسة الطاقة فى الولايات المتحدة، وهما أن أى رئيس أمريكى منذ عهد رونالد ريجان يستخدم المملكة العربية السعودية كاحتياطى بترولى ستراتيجى فعلى لأمريكا ولا توجد هناك معايير واضحة للوقت الذى يجب أن تلجأ الولايات المتحدة لأمريكا ولا توجد هناك معايير واضحة للوقت الذى يجب أن تلجأ الولايات المتحدة لاحتياطيها الاستراتيجى الحقيقى من البترول، وكلتا المشكلتين بإمكانهما أن تسببا لنا أذى بالغاً.
ترددت الولايات المتحدة، على مر السنين، فى استخدام احتياطى البترول الاستراتيجى خلال أوقات الأزمات مفضلة الاعتماد على السعودية فى معالجة المشكلة عن طريق زيادة إنتاجها، وعلى سبيل المثال، ما فعلته الرياض قبل حرب الخليج الأولى عندما أغرقت الأسواق العالمية بالبترول، كما أنها امدتها بمزيد من البترول قبيل غزو الولايات المتحدة للعراق عام 2003، بالإضافة إلى ذلك زادت المملكة السعودية من إنتاجها للبترول فى اعقاب هجمات 11 سبتمبر التى كانت السبب فى توتر العلاقات الأمريكية – السعودية.
إلا أن الاعتماد على المملكة السعودية لا يخلو من المخاطر حتى فى ظل الظروف السياسية الملائمة، ومن أبرزها فى الوقت الحالى وقوع الرياض تحت ضغوط متزايدة على الصعيدين الداخلى والخارجى نتيجة لتحالفها مع واشنطن منذ فترة طويلة بشأن الحصول على البترول مقابل الأمن.
أصبح لجوء أمريكا إلى السعودية أكثر تعقيداً نظراً لعدم الاستقرار المتأصل فى النظام الاقتصادى والسياسى للمملكة، حيث إن السعودية فى حاجة إلى المزيد من عوائد البترول حتى تستطيع السيطرة على الشعب، كما تتوقع شركة «جدوى» للاستثمار أن السعودية ستضطر لمعالجة عجز فى الميزانية بدءاً من عام 2014 فصاعداً حتى مع وصول سعر البرميل الواحد إلى 90.70 دولار، وهناك توقعات أكثر تشاؤماً بأن يصل سعر البرميل عام 2015 إلى 110 دولارات، أياً كانت التوقعات فإن تعطش المملكة السعودية إلى النقدية يعنى تباين المصالح الأمريكية والسعودية، كما أن الانتفاضات الأخيرة المناصرة للديمقراطية فى مصر وسوريا والبحرين قد تؤثر على العلاقات الأمريكية – السعودية بمرور الوقت وبشكل يصعب توقعه.
ومن المرجح أن تكون الجغرافيا السياسية للشرق الأوسط قد تغيرت للأبد نتيجة لثورات الربيع العربى، ويجب أن ندرك تلك الحقيقة ونتجه لوضع سياسة جديدة لمخزونات البترول الطارئة تتناسب مع وقائع القرن الواحد والعشرين، لذلك فإن واشنطن ليست فى حاجة – فقط – إلى التوقف عن ممارسة عاداتها فى الاعتماد على المملكة العربية السعودية، بل تحتاج – أيضاً – إلى توضيح أهداف وآليات لجوئها إلى مخزونها الاستراتيجى من البترول.
إن تحديد سياسة أكثر فاعلية ووضوحاً لاستراتيجية المخزونات لن يوفر – فقط – حماية أفضل للاقتصاد الأمريكى فى أوقات زعزعة الثقة فى أسواق البترول، بل يمنح أمريكا مزيداً من الحرية فى مناوراتها مع الشرق الأوسط الجديد.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فورين بوليسى