عندما أعلنت جماعة الإخوان المسلمين تأسيس حزب سياسى لها العام الماضى بعد الثورة كانت واحدة من النقاط الأساسية فى برنامجه الاقتصادى إحياء نظام الوقف.
وينص برنامج الحزب على «تعديل قانون الوقف الحالى لكى يعمل على تشجيع الأثرياء لإنشاء أوقاف جديدة.. وإطلاق مبادرات جديدة للنفع العام»، الأمر الذى أوحى بأن الوقف سيكون ضمن الأدوات التى سيعمل الاسلاميون على تطويرها أثناء تواجدهم فى مجلس الشعب، إلا أن المجلس جرى حله قبل ذلك.
وتقول الأحزاب الاسلامية التى استحوذت على 70% من مقاعد مجلس الشعب الأخير إنها ستعمل على تشجيع أدوات التمويل الاسلامى المختلفة بعد طول تجاهل، وتخطط لجعل الزكاة والوقف من بين دعائم الاقتصاد المصرى فى صورته الجديدة والتى يفترض أن تكون أكثر عدلا فى توزيع الموارد والثروات.
قال د. سعد الهلالى، عضو هيئة الرقابة الشرعية ببنك المصرف المتحد وأستاذ الفقه المقارن بجامعة الأزهر إن الوقف عبارة عن تبرع دائم أو مؤقت لصالح أمر من الأمور النافعة كالتبرع بقطعة أرض لانشاء مدرسة أو مسجد أومستشفى أو أى عمل خيرى يطبق من قبل الجمعيات الأهلية. وقال الهلالى إن الوقف يأخذ نوعين أحدهما يسمى الوقف الخيرى المعروف كأن يهب الشخص قبل وفاته ما يملك من أراض أو عقارات أو أموال إلى احدى الجهات الخيرية ويجعلها وقفا عليها لاستفادة المجتمع منها دون استفادة الورثة الشرعيين منها.
والنوع الآخر من الوقف يسمى الوقف الأهلى الذى يقوم فيه الشخص بوقف أملاكه لصالح جهة معينة مع استفادة الورثة الشرعيين بالأرباح فقط دون تملك الأصول وهو ما تم الغاؤه فى خمسينيات القرن الماضى.
وصدر فى 14 سبتمبر 1952م قانون إلغاء الوقف الأهلى بمصر الذى نص على منع إنشاء أوقاف جديدة على غير الخيرات، وحلَّ الوقف الأهلى وتقسيم أعيانه على مستحقيه، وهو ما قلص الدور الأهلى فى الحياة الاجتماعية وفقا للهلالى.
أشار إلى أن الدولة ألغته لظهور مشاكل كثيرة أبرزها رفض التعليم والعمل لوجود راتب شهرى يتم الحصول عليه من وزارة الأوقاف المصرية اعتمادا على ما تم وقفه من أراض وعقارات، بالإضافة إلى الفقر الشديد الذى يعانى منه الورثة لعدم الحصول على حقوقهم كاملة، كما أن العقارات تحتاج إلى صيانة كاملة يغفل عنها سكانها لانهم ليسوا مالكين لها وهو مايهدد العقار بالانهيار، وكذلك الأراضى التى تحتاج الى زراعة وعناية دائمة لاتتوفر عند المآجرين كلها أسباب دعت إلى اتخاذ قرار بإلغاء هذا النوع من الوقف بقانون جمهورى.
وشدد الهلالى على ضرورة إصدار تشريع جديد ينظم الوقف من قبل الحكومة الحالية، راهنا تحقيق ذلك بوجود دراسات جدوى متعددة تدعم اصدار قانون جديد وهو ماينتظر طرحه عليها خلال الفترة المقبلة حيث إن كل فكرة جديدة تعود على المجتمع بالنفع يجب أن يهتم بها.
وقال إن صعود رئيس يمثل جماعة الإخوان المسلمين الى منصة الحكم كفيل بحل مشاكل الوقف واستعادة صورته بشكل صحيح حيث سيتم دعمه من قبل الرئيس الحالي.
واعتبر أن التشريع الجديد للوقف الأهلى ينبغى أن يكون مقصوراً فقط على الشركات والمصانع التى يخشى بموت صاحبها وذهابها الى الورثة أن يتوقف الانتاج ويتم تسريح العمالة الموجودة داخل الشركة بسبب عدم فهم الورثة ادارة شئونها وهنا يكون الوقف هو الطريقة المثلى للحفاظ على العمالة والانتاج بجانب تحقيق المنفعة للورثة للحصول على أرباح.
قال محمد الشحات الجندى، الأمين السابق للمجلس الأعلى للشئون الاسلامية وعضو مجمع البحوث الاسلامية إن الوضع الحالى للوقف يدعو إلى إعادة النظر فيه من خلال اصدار قانون لتنظيمه باعتباره أحد مصادر التمويل الاسلامية للأنشطة الاجتماية والاقتصادية ولابد أن يراعى فى القانون الجديد أن يتم تطبيقه فى اطار مستمد من الشريعة الاسلامية.
ورهن الشحات تطبيق القانون بضرورة مراعاة التطور المعاصر مع تقليص مهام وزارة الأوقاف وجعلها مهاما تنسيقية فقط واخضاع الوقف لاشراف أكثر من جهة بالاضافة الى تطبيق الوقف وفقا لشرط الشخص الواقف.
اعتبر أن صعود التيار الدينى لسدة الحكم سيسهم فى تطوير الوقف وخلق آلية لتصميمه وتنفيذه مستمدة من الشريعة الإسلامية.
قال يوسف إبراهيم، مدير مركز صالح كامل للاقتصاد الاسلامى بجامعة الازهر فى تصريحات سابقة إن الزكاة والوقف قادران على حل الكثير من المشكلات التى يعانيها المجتمع، لأن الزكاة تستطيع أن تقضى على مشكلة البطالة، إذ يمكن من خلالها توفير الأعمال للعاطلين من الفقراء عن طريق توفير رأس المال للتاجر للقيام بتجارته، وأدوات الحرفة لصاحب العمل الفقير، فمن شأن هذا أن يدخل مئات الآلاف من العاطلين فى سوق العمل، كذلك فإن الوقف قادر على أن يحقق الحياة الطيبة للمجتمع عن طريق روافده فى المشروعات الصحية والتعليمية وبناء الطرق وإقامة المساكن لغير القادرين كل ذلك من خلال الوقف سواء كان المستفيد غنيا أو فقيرا فالوقف يمكن استخدامه فى حل جميع مشاكل المجتمع، ولدينا العديد من الأدوات بالأنظمة الاقتصادية الإسلامية القادرة على النهضة بالمجتمع ولكن ما ينقصنا هوتفعيل هذه الأدوات للاستفادة بها فى تحقق التقدم والتنمية.
كتبت – ايات البطاوي






