بقلم: فيليب ستيفين
ايا كانت نظرتنا حيال الإطاحة بصدام حسين، فلا يوجد هناك ادنى شك أن جورج بوش وتونى بلير اقترفا خطأ فادحا عندما قاما بغزو العراق، فهما لم يزنا الامور بشكل صحيح، ويكمن الخطر الحقيقى الآن فى تكرار الولايات المتحدة لنفس الخطأ بدعمها ضرب اسرائيل لإيران.
نحن لا نعلم ما اذا كان لدى الحكومة الإسرائيلية خطة بعينها للهجوم على منشآت ايران النووية قبيل انتخابات الرئاسة الامريكية، فالواضح أمامنا هو ان الشخصيات البارزة داخل الموساد والمؤسسات العسكرية الاسرائيلية على قدر كبير من الحذر والرفض لمثل هذا الاجراء، وعلى الجانب الاخر نجد بنيامين نتنياهو، رئيس الوزراء الاسرائيلي، قد يدفعه تهوره الى فرض سلطاته عليهم واتخاذ قرار الهجوم على طهران.
وتخشى ادارة اوباما من انزلاقها الى اى نزاع قبل انتخابات نوفمبر، ولم يخف رئيس الوزراء الاسرائيلى ان ميت رومينى هو اختياره للبيت الابيض، ومما يثير القلق أيضاً العلامات التى تشير الى ابتزاز نتنياهو لادارة اوباما، فاذا كانت اسرائيل يتعين عليها ممارسة اجراءات ضبط النفس فى الوقت الراهن، فيجب ان ترد لها امريكا هذا الجميل بتحديد الرئيس الامريكى موعداً نهائياً للمفاوضات قبل اطلاق عنان الجيش الامريكى ضد ايران.
ويمكنك ان ترى بوضوح الاسباب التى تصبح معها مثل هذه المساومة مغرية للبعض فى واشنطن؛ حيث انها سوف تضع القضية الايرانية خارج حسابات حملة الرئاسة الامريكية كما أنها ستحد من اى ميزة انتخابية يمكن ان تعود على احد المرشحين جراء هذه القضية خاصة ميت رومينى الذى يتصف بكونه اكثر ميلا الى الحروب.
ويقول المسئولون المؤيدون لموقف اوباما انه لم يتراجع عن التزامه بمنع ايران امتلاك قنبلة ذرية، فقد يكون اوباما لجأ الى الدبلوماسية اكثر مما لجأ اليها بوش ولكنه اكثر صرامة فى الواقع حيال حيازة ايران لأسلحة نووية، ولكن حتى نكون واقعيين يعتمد جزء من استرتيجية المحادثات والعقوبات على التهديد باستخدام القوة.
اما بالنسبة لسؤال: ماذا سيحدث بعد قصف اسرائيل لايران، فقد أجيب عنه بشكل سطحي، فمن المتوقع ان يرد النظام الايرانى على هذه الهجمات غالبا من خلال منع مرور شحنات البترول عبر الخليج مع توجيه هجمات صاروخية على إسرائيل من قبل حزب الله فضلا عن احتمال ضعيف بشن حملات ارهابية، كما انه من الممكن ان يستخدم نفوذه لدعم حركة طالبان فى افغانستان.
وتعد هذه التوقعات بمثابة تعتيم على التأثير الحقيقى لهذا القصف داخل ايران، يقترح الدبلوماسيون ثلاثة احتمالات، الاول ان هذا الهجوم سوف يزيد من صلابة قادة ايران ويضعف الساسة المعتدلين ويجرد المعارضين من حجتهم القوية فى مناهضة النظام، وسوف يدعى النظام الملالى انه كان محقا فى سياسته مع الولايات المتحدة.
الاحتمال الثانى أن ينسحب النظام الايرانى من اتفاقية حذر انتشار الاسلحة النووية بحجة أنها الطريق الوحيد لتجنب اى اعتداءات اخري، والاحتمال الثالث أن يدعم هذا القصف موقف النظام الايرانى تجاه شعبه من ان العزلة ثمنا ليس غاليا مقابل الدفاع عن السيادة الايرانية.
ويقول ميير داجن، رئيس الموساد الاسرائيلى السابق، ان قصف اسرائيل لايران سوف يؤدى الى حرب اقليمية ويحل المشاكل الداخلية لجمهورية ايران الاسلامية فضلا عن حشد المجتمع الايرانى وراء قاداتهم والقضية النووية كما انه سيمنح ايران مبررا قويا لاحياء مشروعها النووى وسوف تدعى حال الهجوم عليها من قبل العدو الصهيونى أنها بحاجة لامتلاك اسلحة نووية.
والجدير بالذكر ان نظام على خمينى فى موقف لا يحسد عليه، فالثورة التى اندلعت ضد بشار الاسد فى سوريا سلبت ايران اهم حليف استراتيجى، واضعف الظهور السريع لتركيا كاكبر قوى بالمنطقة من ادعاء إيران هيمنتها الاقليمية، نظرا لتشديد العقوبات عليها، ووصلت المفاوضات حيال البرنامج النووى مع القوى الدولية الرائدة الى طريق مسدود، فهذا هو افضل وقت تستطيع فيه الولايات المتحدة اختبار نوايا طهران عن طريق اقتراح كل شىء على طاولة مفاوضات ثنائية.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز






