بقلم: رولا خلف
عندما انفجر مقر مكتب الأمن القومى بدمشق فى يوليو الماضى واسفر عن مقتل ثلاثة من كبار مسئولى الأمن للرئيس بشار الأسد، ازدادت قوة الثوار السوريين، واكتسبوا حماسة كانوا بأشد الحاجة إليها فى نضالهم للإطاحة بالأسد منذ ثمانية عشر شهرا ، وغيروا وجهة قتالهم إلى العاصمة لأول مرة ودخلوا فى معركة مع قوات الأمن فى حلب، المدينة الثانية فى سوريا، ومع خروج معظم الريف السورى عن نطاق سيطرة نظام الأسد، اقترب الثوار أكثر من نهاية الأسد.
وبعد مرور شهرين على هذا الانفجار، يبدو أن الصراع السورى عاد إلى حالة الجمود المحبطة حيث استعاد النظام السورى سيطرته على دمشق وفرض جمودا عسكريا فى حلب، كما أطلق النظام عنان قواته الجوية على المناطق التى تم تحريرها بالبلاد، ممزقا سعى المعارضة للحكم الذاتى فى المناطق الشمالية وتزايدت اعداد القتلى المدنيين فى محاولة واضحة من قبل نظام الأسد لينقلب الناس ضد الثوار.
واستمر تدفق الأسلحة إلى المعارضة من دول الخليج الا انهم لم يحصلوا بعد على كميات كبيرة منها مثل الصواريخ المضادة للطيران حتى يتمكنوا من مواجهة النظام، ومناشدات الجمعية العامة للأمم المتحدة الأسبوع الماضى بضرورة وضع حد للصراع السوري، الا ان اهتمام الغرب بالأزمة تقهقر وسط تذمر بعض العامة من اتخاذ الاجراءات اللازمة لمعالجة الأزمة التى يواجهها الغرب واستمرار معارضة روسيا والصين لاى انتقال سياسى فى سوريا دوليا.
ويقول احد الدبلوماسيين الغربيين ان الضغط الوحيد الواقع على الحكومات الغربية هو ضرورة تعاملها بحذر مع الأزمة السورية حيث يضعون فى اعتبارهم الدعم المتزايد للمعارضة السورية خاصة ان جيش الثوار اتحد مع مجموعات صغيرة من الجهاديين الأجانب، واضاف ان القلق حيال تفكك المعارضة المسلحة تفاقم فى واشنطن فى اعقاب هجوم على السفارة الامريكية ببنغازى الشهر الجارى والذى اودى بحياة السفير الامريكى كريستوفر ستيفينز.
صحيح ان الاتجاه السائد على مدار الثمانية عشر شهرا الماضية هو التفكك التدريجى للنظام وتزايد نفوذ القوة العسكرية للثوار، حتى اصبح سقوط الاسد مسألة وقت اكثر منه احتمالاً، بينما يقول الدبلوماسيون والمحللون ان استمرار الحرب الاهلية فى سوريا مازال هو السيناريو المرجح الا اذا تم التعجيل بنهاية الأسد عن طريق هجوم آخر مفاجىء كالذى وقع فى دمشق يوليو الماضي، او من قبل تدخل دولى شرس أو تغيير مفاجيء فى موقف روسيا، الداعم الدولى الرئيسى للأسد.
يعد خطر وصول الأزمة السورية إلى طريق مسدود وازدياد مخاطر زعزعة استقرار الدول المجاورة امرا مقلقا بالنسبة لأنصار الثوار بالمنطقة، وأوضح حمد بن جاسم آل ثانى، رئيس وزراء قطر، لشبكة سى ان ان، الاخبارية إن الدول العربية تعمل على تنفيذ خطة بديلة لمعالجة الأزمة منها مناطق حظر للطيران، ويقول الاشخاص المطلعون على الخطة انها مازالت تحت المناقشة مع دول غير عربية تتضمن تركيا وفرنسا، كما تهدف الخطة إلى اقامة حكومة مؤقتة فى شمال سوريا، ولكن لا تطرح فكرة مناطق حظر للطيران الا ويرفضها مخططو وواضعو السياسة العسكرية الغربيون.
تخشى الحكومات الغربية من وقوع الاسلحة الثقيلة فى ايدى المعارضة التى باتت اكثر تطرفا، وقال المتحدث باسم الثوار ان الولايات المتحدة حذرت دول الخليج من ارسال صواريخ مضادة للطائرات للمعارضة السورية، ولكن دون اى محاولة خارجية لتنظيم المعارضة، سيزداد انشقاق الحركة الثورية فى دمشق وسينضم المزيد من العناصر الجهادية إلى صفوفها.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز






