أبدى المهندس حاتم صالح، وزير الصناعة والتجارة الخارجية تفاؤله بشأن مستقبل الاستثمار فى مصر، مشيراً إلى أن المرحلة المقبلة ستشهد مزيدا من الاستقرار على المستويين السياسى والاقتصادى.
وقال فى حواره مع «البورصة»: مع بداية العام المقبل ستكون مؤسسات الدولة اكتملت بوجود رئيس مدنى منتخب لأول مرة ومجلس شعب ودستور، وينعكس هذا على المستوى الاقتصادى عبر بث رسائل واشارات جيدة عن دخول مصر عصر جديد من الاستقرار.
وأكد صالح أن الحكومة لمست اقبالا كبيرا من المستثمرين والدول العربية والأجنبية على الاستثمار فى مصر، مشيرا إلى الوفود المتعددة التى التقاها مؤخرا من السعودية والامارات وأمريكا وتركيا وإيطاليا.
وقال: هذه اللقاءات أسفرت بالفعل عن اتفاقات محددة لإقامة مشروعات جديدة فى مجالات الطاقة الجديدة والمتجددة والزراعة والصناعات المغذية للسيارات والأخشاب والمفروشات والبتروكيماويات.
و قدر قيمة التعاقدات الخاصة بالاستثمارات المشتركة أو التبادل التجارى والاتفاقيات، التى وقعتها الحكومة خلال الشهرين الماضيين بعد لقاءات وزيارات خارجية بما يتراوح بين 7 و9 مليارات دولار.
و أشار إلى أن من أبرز المشروعات التى تم الاتفاق عليها مجمع بتروكيماويات باستثمارات 3.7 مليار دولار فى منطقة شمال غرب خليج السويس والذى تقيمه شركة التحرير التابعة لشركة “كاربون القابضة”، ويشارك فى تمويل المشروع كل من بنك الصادرات والواردات الأمريكى وبنك الصادرات والواردات الكورى والهيئة الكورية للتجارة وانتهت الشركة من دراسات المشروع ومن المقرر البدء فيه خلال الفترة المقبلة.
قال صالح ان الحكومة لديها خطة لتنمية سيناء والمناطق المجاورة لها من خلال 3 مناطق رئيسية وهى شمال غرب خليج السويس، والمنطقة الصناعية بشرق بورسعيد، ووادى التكنولوجيا بالاسماعيلية، مشيرا إلى أن هذه المناطق تضم بعض المصانع القائمة حاليا فى مجالات البتروكيماويات والسيراميك وصناعة المعدات كما أن هناك مشروعات يجرى تنفيذها أو الاتفاق عليها حاليا.
و أكد صالح الاتفاق على اقامة 10 مشروعات جديدة بمنطقة وادى التكنولوجيا بالاسماعيلية فى مجالات الخلايا الشمسية واستخدامات الرمال البيضاء باستثمارات اجمالية تقدر بمليارى جنيه.
و قال ان أحد هذه المشروعات الذى ينتج الخلايا الشمسية تعتبره الحكومة من المشروعات الهامة لتعلقه بإنتاج الكهرباء من الطاقة الشمسية ويتكلف مليار جنيه باستثمارات مصرية قطرية.
و أشار إلى مشروع إنتاج السكر فى منطقة شرق بورسعيد والذى تدخل فيه هيئة التنمية الصناعية شريكا بقيمة الأرض وتصل تكلفته الاستثمارية 400 مليون دولار لإنتاج نصف مليون طن من السكر، متوقعا أن تصدر الهيئة موافقتها النهائية على المشروع فى اجتماع مجلس ادارتها المقبل.
وأضاف أنه من بين المشروعات التى تم جذبها لسيناء مشروع للشركة المصرية للأملاح والمعادن “اميسال” لإنتاج كربونات الصوديوم (الصودا أش) بطاقة 500 ألف طن سنويا بمنطقة بئر العبد فى شمال سيناء، وتبلغ استثمارات المشروع قرابة 1.8 مليار جنيه، كما أن الحكومة تدرس أيضا عرضا من شركة تركية لاقامة مشروع إنتاج الأسمنت باستخدام فحم المغارة.
وأكد صالح أن الحكومة ستمنح المستثمرين الأجانب الأراضى فى سيناء بحق الانتفاع وهو النظام المزمع تطبيقه فيما يتعلق بمشروع الأسمنت، بينما لا توجد مشكلة فى تملك المصريين للأراضى بتلك المنطقة.
و قال ان الحكومة ترى مستقبلا واعدا للاستثمار فى سيناء خاصة فى الصناعات القائمة على الخدمات اللوجيستية والشحن والتفريغ وصناعة السفن، الا أن تفعيل هذه المشروعات يحتاج إلى وقت والعامل المهم هو توافر ارادة سياسية لتنمية وتعمير سيناء مؤكدا أن هذه الارادة لم تكن موجودة فى فترة ما قبل الثورة.
و أشار إلى أن هناك مخططا لتطوير المنطقة المجاورة لقناة السويس لتعظيم الاستفادة من حجم التجارة الذى يمر عبرها، موضحا أن حجم التجارة التى تمر من القناة 1.5 تريليون دولار تمثل 10% من تجارة العالم وان مصر تستفيد منها بـ 5 مليارات دولار فقط فى صورة رسوم.
و تعكف الحكومة على دراسة مجموعة حوافز تتعلق بآليات طرح وتسعير الأراضى وتشغيل العمالة لجذب المستثمرين لسيناء والصعيد.
قال صالح ان الربع الأول من العام الجارى شهد تحقيق نمو ايجابى لأول مرة منذ الثورة فى الربع الأول من العام الجارى بنحو 6.2% مقارنة بمعدلات سالبة خلال العام السابق، مشيرا إلى أن الحكومة تستهدف 5% نموا للقطاع الصناعى خلال العام المالى الجارى كما تسعى لتوفير 700 ألف فرصة عمل 150 ألف منها للنشاط الصناعى.
و أشار إلى أن النمو الايجابى يعطى اشارات حول عودة الثقة للمستثمرين فى الاقتصاد المصرى ورغبتهم فى التوسع والاستثمار خلال المرحلة المقبلة.
و قال ان الحكومة ترصد بالفعل رغبة لدى المستثمرين للتوسع واقامة المشروعات سواء المحليين أو الأجانب، مشيرا إلى أن المزايا النسبية لمصر لم تتغير بعد الثورة وان هناك ادراكاً بأن الظروف الأمنية والسياسية التى مرت بها البلاد مؤقتة، وأن الأوضاع الأمنية تتحسن بشكل ملحوظ خلال الأسابيع الأخيرة وأنها فى حالة تطور مستمر.
و لم ينف صالح اتجاه العديد من المستثمرين لتصفية أعمالهم فى مصر خلال الفترة الأخيرة الا أنه بررها بظروف الاقتصاد العالمى والتباطؤ الذى تشهده أوروبا، مشيرا إلى أن بعض المصانع أقيمت فى مصر اعتمادا على تصدير منتجاتها لأوروبا وأن الأزمة التى تمر بها الأخيرة أضرت بمصالح هذه المشروعات.
و أكد أن أغلب الشركات التى صفت أعمالها لم تكن بسبب تداعيات الثورة أو مخاوف أمنية، مشيرا إلى أن المستثمرين الأتراك تعرضوا لمشكلات كبيرة بعد الثورة الا أنهم استمروا فى السوق ايمانا بالقدرات التى تمتلكها مصر وأن الظروف التى مرت بها ستنتهى خلال الفترة المقبلة.
و أضاف ان عددا من القطاعات حققت نموا ايجابيا منها الصناعات الغذائية التى نمت بنحو 20% رغم كل المؤشرات السلبية خلال العام الماضى، بينما تضررت قطاعات أهمها المنسوجات.
و علق صالح على الانتقادات التى وجهت للحكومة بسبب اعلانها عن جذب مليارات الدولارات من الزيارات الخارجية دون أثر لها فى الواقع وقال ” ان الحكومة لا تهدف إلى دغدغة مشاعر الشعب بالاعلان عن هذه المليارات ولكنها تعلنها من باب بث الأمل والمصارحة ولا تعنى أنها ستكون فى جيوب الناس فى اليوم التالى “.
و قال ان أى مشروع يتم الاتفاق عليه حاليا يحتاج إلى عامين أو ثلاثة على الأقل لكى يبدأ ولابد أن يكون هناك تفهم أن العائد لن يكون فوريا وأن هناك مشكلات هيكيلة لابد من اصلاحها أولا.
و أشار إلى أن ما يثار حول خطة الـ 100 يوم أو غيرها من الخطط غير واقعى، وان الحكومة تهدف من هذه الخطط وضع مستهدفات تسعى لتحقيقها وتقيس أداءها من خلالها.
و قال ان تحقيق خطط فاعلة للتنمية والتقدم الصناعى والتحول من “الفساد والمحسوبية والبيروقراطية والتخلف ” إلى الازدهار والتقدم يحتاج 10 أو 12 عاما، مؤكدا أن الحكومة لن تخدع الناس بنفس ممارسات النظام السابق موضحا أن التجربة الماليزية احتاجت 10 سنوات لتحرز التقدم الذى حققته الآن.
و أضاف أن الميزة الحقيقية للحكومة الحالية أنها لأول مرة” نابعة من إرادة الشعب ” ولديها خطط للتقدم وتتعامل بشفافية مع الشعب ودون ” أجندات مستترة “.
قال ان النظام السابق كانت لديه خطط وأجندات خفية وراء القرارات والمشروعات التى ينفذها مثل الخصخصة على سبيل المثال حيث إن من قاموا بها كانوا يسعون للسمسرة وتحقيق المكاسب الشخصية، مؤكدا أن الصالح العام هو الذى يحكم عمل الحكومة الحالية.
و أشار صالح إلى أنه ” لا يجب أن يخاف الناس من المقترحات والأفكار الجديدة لادارة شركات القطاع العام بما يحقق الاستفادة المثلى منها، مشيرا إلى ضرورة تقسيم هذه الشركات إلى رابحة يتم الابقاء عليها وأخرى خاسرة تنقسم إلى شركات يمكن هيكلتها وتعويمها وضخ استثمارات جديدة بها لاحيائها، وأخرى لا يمكن هيكلتها يجب تصفيتها أو بيعها أو توكيل شركات متخصصة بادارتها، مؤكدا عدم جدوى الاستمرار فى دعم شركات خاسرة من أموال الضرائب ودون فائدة.
قال ان الحكومة تعمل حاليا على الانتهاء من مشروع القانون الموحد لتخصيص الأراضى والذى يضع اطارا تشريعيا واضحا لعملية التخصيص وتنظيم اجراءات منح التراخيص وتقديم حوافز للمستثمرين بما يخدم الأهداف الاقتصادية للدولة، ومكافحة الغش والتهريب، موضحا أن الوزارة انتهت أيضا من قانون سلامة الغذاء.
و كشف صالح عن قرار مجلس ادارة هيئة المجتمعات العمرانية أمس الأول بنقل ولاية الأراضى الصناعية إلى هيئة التنمية الصناعية لتكون الأخيرة المسئولة عن تقديم تراخيص الصناعة والمبانى للمصانع حتى لا يضطر المستثمر للتعامل مع أكثر من جهة لتنفيذ المشروع، مشيرا إلى أن الوزارة تعمل على مشروع لتفعيل خدمات الشباك الواحد مع وزارة الاستثمار حاليا لتوفير الجهد والوقت والتسهيل على المستثمرين.
و قال صالح ان نقل الولاية يشمل الأراضى السابق تخصيصها فى المناطق الصناعية والأراضى الجديدة، وأن هيئة التنمية الصناعية ستتولى عملية الترفيق من خلال الصندوق التابع لها كما أنها ستقوم بسداد قيمتها لهيئة المجتمعات وبمجرد اعتماد مجلس الوزراء لقرار هيئة المجتمعات سيتم طرح 5 ملايين متر مربع على المستثمرين فى 11 مدينة صناعية.
أكد صالح أن الحكومة تتجه لمزيد من التعاون مع القطاع الخاص فى عملية ترفيق الأراضى للتخفيف من الأعباء المالية على الموازنة العامة، مشيرا إلى أن خطط التنمية تحتاج إلى توفير 7 ملايين متر مرفقة سنويا والحكومة لا يمكنها توفير سوى مليونى متر مربع.
ويرى صالح أن نظام المطور الصناعى جيد والفترة المقبلة ستشهد طرح أراض جديدة وفقا لهذا النظام وتعمل الوزارة حاليا على اعداد تصور جديد للمطور يتجنب المشكلات التى شابته فى المشروعات السابقة ومتوقعا عرضه على مجلس الوزراء خلال الأيام المقبلة.
قال صالح ان المجلس الأعلى للطاقة وافق فى اجتماعه الأخير على فتح باب استيراد الغاز وأن وزارة البترول تعمل حاليا على وضع آليات تنفيذ القرار، مشيرا إلى أن القطاع الخاص سيكون له الدور الأكبر فى عمليات الاستيراد لتوفير الطاقة اللازمة لخطة هيئة التنمية الصناعية.
و اكد صالح أن مصر لم تعد دولة مصدرة للغاز بل تدرس الاستيراد موضحا أن وزارة البترول تدرس أيضا آلية لمنع تداول الغاز بسعرين مختلفين بين الأسعار العالمية والمحلية فى السوق المصرية.
و أكد صالح أن الحكومة لديها دراسة لهيكلة أسعار الطاقة للمصانع فى اطار خطة لاعادة النظر فى منظومة دعم الطاقة، مؤكدا أنه تجرى حاليا نقاشات وحوارات مع مجتمع الأعمال لبحث البدائل المناسبة للتعامل مع ملف دعم الطاقة مؤكدا أن الحكومة ” حذرة ” فى التعامل مع هذه القضية.
و قال: «لم يعد مقبولا استمرار الدعم بوضعه الحالى حيث ان 50% منه يستفيد منها نسبة 20% الأكثر ثراء فى المجتمع و9% من الدعم تذهب لأقل 20% دخلا».
أكد أن الهدف من الحوار المجتمعى حول التعامل مع الدعم يهدف إلى ضمان توصيل الدعم للمستحقين والعدالة فى التوزيع وعدم تأثر محدودى الدخل.
قال صالح ان أكبر مشكلة تواجه المستثمرين حاليا هى الاضرابات العمالية والاحتجاجات الفئوية، مؤكدا أنه لا يستبعد أن تكون هناك ” أياد خفية ” و” تمويل ” وراء هذه الاضرابات بهدف ” تخريب ” البلد.
و رغم اعترافه وايمانه بالحق فى الاضراب الا أنه طالب العمال بـ ” ألا ينساقوا ويستدرجوا أو يكونوا أداة فى أيدى أحد “، وأضاف أن الحروب حاليا لم تعد تقوم على الأسلحة التقليدية لكنها حروب لإعاقة التنمية، على حد قوله.
و قال ان القرار الذى أصدره بمنع الاضراب أو الاعتصام فى الوزارة يتماشى مع القانون الذى ينظم علمية الاضراب مؤكدا أنه سيعاقب أى مخالف لهذه التعليمات بمنع الاضراب فى وقت العمل وعدم اتلاف المنشآت أو تعطيل الزملاء فى العمل عن الإنتاج.
حوار: عبدالقادر رمضان








