بقلم: أحمد راشد
سألنى صديق أمريكى مؤخراً إلى أى مدى أشعر بالاحباط كمواطن باكستانى مع اقتراب نهاية ولاية اوباما الاولي، فصحيح ان باكستان بدأت كحليف استراتيجى للولايات المتحدة وانتهى بها الامر كدولة منبوذة، ولكننى اذا كنت تونسيا أو مصريا أو ليبيا استطاع ان يطيح بعقود من الديكتاتورية أو سوريا يقاتل فى اكثر الحروب دموية فى الشرق الاوسط ضد اشرس الديكتاتوريين، أو اذا كنت بحرينيا قام حكامه بمنع المتظاهرين الجرحى من الوصول إلى المستشفى دون موافقة واشنطن، كنت سأشعر بنفس خيبة الامل حيال السياسة الخارجية للولايات المتحدة على مدار الاربعة اعوام الماضية.
أثار الرئيس الامريكى باراك اوباما التوقعات فى العالم الاسلامى فى خطابه الشهير بالقاهرة ولكن لم يتحقق منها سوى القليل، فما لبث ان انتهى خطاب القاهرة الا وحكومة اوباما تواجه الانتخابات الايرانية المزورة فى ايران دون ان تعرف كيف تتصرف وبدت سياستها تتضح من مواقفها الواحدة تلو الاخري.
وفى الآونة الأخيرة، استغرقت الولايات المتحدة عدة أسابيع حتى قررت دعم ثورات الربيع العربى حيث أخذت تلك الثورات تجتاح الدول العربية الواحدة تلو الاخرى وتطيح بالطغاة الواحد تلو الآخر وواشنطن تغير موقفها تجاه هذه الدول ببطء شديد، وأخيرا بعد ان انهارت تلك الأنظمة المستبدة على ايدى الناس المتجمهرة فى الشوارع، لم يكن هناك اى متابعة من وزارة الخارجية الامريكية أو دعم من قبل البنتاجون، اذ تركت للأوروبيين مسئولية الدعم العسكرى الغربى لثوار ليبيا.
وعندما انعقدت الانتخابات فى ثلاث دول عربية ووصل الاخوان المسلمون إلى السلطة فى تونس ومصر، كانوا اخوان لم نعرفهم من قبل يتحدثون قليلا عن الشريعة وكثيرا عن حقوق المرأة، وبدا واضحا امام الجميع انهم يحتذون النموذج التركى اى دولة ديمقراطية حديثة تتمتع بقوة اقتصادية وعودة الجيش إلى ثكناته وحكومة مدنية يقودها حزب اسلامي، وينظرون بالكاد إلى النموذج الايرانى أو السعودي، ومع ذلك لا يوجد اى متابعة من قبل الولايات المتحدة.
نجح الربيع العربى فى تغيير نهج تلك المجتمعات التى عاشت تحت حكم الرجل الواحد لعقود طويلة ولكن ببطء شديد، ولم يكن هناك أى رد فعل مناسب لامريكا حيال تلك التغييرات، فان لم يكن بامكان هيلارى كلينتون، وزيرة الخارجية الامريكية، التعامل مع مثل هذه التغييرات الجذرية، فكان ينبغى عليها تعيين كبار دبلوماسيى الولايات المتحدة ممن بإمكانهم قيادة ودعم هذا التغيير، أو تطلب الولايات المتحدة من البنك الدولى أو الامم المتحدة أو اى منظمة دولية اخرى مساعدة هذه الدول فى عمليات الاصلاح، ولكننا لم نجد من واشنطن سوى تجاهل متابعة هذه العمليات الاصلاحية.
وبالنسبة لوطني، فنحن نواجه اسوأ موقف فى باكستان من اى وقت مضي، فعلى الصعيد الخارجى هناك خطة يطلق عليها انتقال المسئولية الامنية من القوات الامريكية إلى القوات الافغانية قبيل حلول عام 2014، ولكن حتى هذه الخطة لم تسر بشكل جيد حيث انه لا يوجد خطة استراتيجية لتأمين العملية السياسية داخل أفغانستان والتى ستصل الأزمة بها إلى الذروة بحلول عام 2014 اى العام الذى من المقرر إجراء الانتخابات الرئاسية به، ومن المرجح ان ينهار الاقتصاد وتعود لواءات الحرب الاهلية، وقد تنقطع أنوار الأمل تماما مع رحيل الامريكان.
مازالت باكستان على حافة الفوضى وتحتاج إلى قوى خارجية تساندها بقوة بداية من مساعدتها اقتصاديا، ولكن يجب ان يساعد الباكستانيون انفسهم ايضا ويبادروا بوضع اجندة للاصلاح تبدأ بوضع نهاية للتعاملات المزدوجة مع طالبان.
العزاء الوحيد للعالم الإسلامى عندما نستعيد حقبة اوباما هو ان فوز الجمهوريين بالرئاسة الامريكية سيكون امرا اكثر كارثية بالنسبة للجميع، لا احد فى المنطقة لديه ادنى شك من ان رومنى سرعان ما سيغرق الولايات المتحدة فى حرب اخرى بالعالم الاسلامى ما سيجعلنا نعيد الكرة من الاول، بالنسبة للعالم الاسلامى لابد من تجنب سياسة رومنى الخارجية بأى ثمن، وفوز باراك اوباما بالانتخابات ومن ثم سيكون اوباما فى حاجة إلى فريق قادر على متابعة العمليات الاصلاحية بالعالم الاسلامى حتى النهاية.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز








