بقلم- عماد الدين حسين
أحد الجوانب الايجابية القليلة فى قصة صراع مؤسسة الرئاسة والنائب العام، أن رئيس الجمهورية لم يعاند ويكابر، أو «يركب رأسه» ويتمسك برأيه وليذهب الآخرون إلى الجحيم.
محمد مرسى والمؤسسة بكاملها تصرفوا تصرفا جيدا فى النهاية حينما قرروا الالتزام بالقانون، حتى لو كانوا يعتقدون ان موقفهم سليم، وانهم اتخذوا القرار بعد موافقة المستشار عبدالمجيد محمود على تعيينه سفيرا فى الفاتيكان أو اى دولة عربية.
نفس هذا الموقف سبق لمحمد مرسى ان اتبعه حينما اعاد مجلس الشعب المنتخب ثم حكمت المحكمة الدستورية العليا ببطلان إعادته فالتزم بالحكم.
قبل أيام نسب إلى وزير التربية والتعليم إبراهيم غنيم انه مع إعادة ضرب التلاميذ فى المدارس، وعندما «هاجت الدنيا وماجت» قال الوزير انه لم يقل ذلك، وانه ضد اسلوب الضرب جملة وتفصيلا وانه تحدث فقط عن ضرورة التصدى بكل قوة لأى إهانة يتعرض لها المدرس.
وقبل أيام قليلة قال الدكتور عصام العريان ان مكالمة النائب العام التى وافق فيها على تعيينه سفيرا مسجلة، ثم عاد بعدها بساعات قليلة ليقول انه لم يقل ان الرئاسة تسجل المكالمات.
قد تكون المواقف السابقة مجرد دبلوماسية، فرضتها الظروف ولا تنم عن موقف اصيل، ورغم ذلك علينا ان نرحب بها لأنه فى السياسة العبرة بالمعلن وليس بالنية.
العند والمكابرة والتعالى كانت صفات رئيسية أساسية عند مبارك وبسببها انتهى إلى ما انتهى إليه. لكن علينا أن نذكر الناس ان مبارك فى بداياته كان شديد التواضع، كان يسأل كل مستشاريه وعلى الهواء مباشرة عن معلومة هنا أو رأى هناك.
وكل ما نتمناه ان تكون صفة «الاعتراف بالخطأ والعودة عنه» صفة أساسية فى الحكم الجديد، وليست طريقة مؤقتة فى بداية الحكم ستزول عندما يثبت هذا الحكم فى مواقعه.
وإذا كنا نرحب بعدم الإصرار على الخطأ فاننا نلفت النظر إلى ضرورة ان ينتبه أهل الحكم الجدد إلى ان الاستمرار فى لعبة التجريب لها عواقب وخيمة فى المستقبل أقلها انها تظهر مؤسسة الحكم وكأنها تتخبط، تتخذ قرارا الآن وتلغيه غدا، تقول تصريحا فى الصباح وتتراجع عنه فى المساء.
يفترض ان التجارب السابقة ستدفع مؤسسة الرئاسة وكل الوزارات إلى التروى والتفكير والدراسة مطولا قبل الإقدام على اتخاذ أى قرار.
قلنا مرارا من قبل ان إدارة الرئيس مرسى تنقصها رؤية شاملة بشأن المستقبل، وذلك أحد أسباب التخبط الذى نعيشه.لو أن هذه الرؤية موجودة، ولو أن كل وزارة أو مؤسسة أو هيئة تقوم بتطبيق الجزء الذى يخصها ما تعرضت المؤسسة إلى كل هذه المواقف المحرجة. بالطبع ستكون هناك أخطاء فى العمل اليومى، لكنها ستكون قليلة للغاية.
وإلى ان تكون هناك خطة شاملة أو رؤية معمقة أو حتى برنامج عمل واضح، فالرجاء من كل السادة المسئولين التأنى قبل إطلاق تصريحات قد يتراجعون عنها بعد فترة، ودراسة هذا التصريح من كل جوانبه، لأنه ان يتأخر المسئول فى اتخاذ القرار قليلا خير من ان يتخذه بسرعة ثم يعود عنه بسرعة أيضا.







