بقلم : عماد الدين أديب – الوطن
كم عدد المواطنين المصريين الذين يعرفون بالضبط طبيعة ونوعية الخلاف حول مواد الدستور المصرى؟
من يعرف بالضبط من النخبة المثقفة نص المواد المحددة التى يستحكم الصراع حولها بين الأطراف إلى الحد الذى يهدد بانهيار اللجنة التأسيسية لصياغة الدستور؟
المذهل أن هناك من يؤيد وهناك من يعارض وهو لم يطلع بعد على المسودة ولا يعرف حقيقة أى شىء حول أى شىء.
والمتأمل لتركيبة اللجنة التأسيسية -ولهم شديد الاحترام الشخصى- كان يمكن له من اليوم الأول أن يتوقع هذا الصراع المرير الذى نحياه الآن.
لماذا؟
الإجابة ببساطة: انظر إلى أفكار ومواقف وولاءات التركيبة المكونة لأعضاء الجمعية التأسيسية وسوف تفهم بالضبط المسألة كلها.
الجمعية تحتوى على مدارس فكرية تحمل اختلافات تعكس اختلالات وعمليات ثأر تاريخية بين مجموعات متناحرة مثل:
1- خلاف بين مدرسة فكرية دينية وأخرى مدنية.
2- خلاف بين التيار الليبرالى والتيار الشعبى القومى.
3- خلاف بين التيار الإخوانى والتيار السلفى.
4- خلاف داخلى بين الجماعة السلفية المعتدلة والأخرى المتشددة.
5- خلاف بين أنصار الفقه الدستورى المدنى بشكله ومدارسه الغربية وآخرين يرون أن الدستور يجب أن يحتوى على عناصر من الشرع وأحكامه.
6- مدرسة ترى أن دستور 1971 وضع جميع مبادئ الشرع اللازمة، وآخرون يرون أن دستور 1971 وضع الشرع بشكل «ديكورى» وأن الأمر يحتاج إلى نصوص صريحة لإعمال الشرع والأحكام.
7- هناك من يرى أن الدستور تكتبه الأغلبية الفائزة زمن صياغة الدستور وآخرون يرون أن الدستور عقد بين الأمة يقوم على التوافق ولا علاقة له بأغلبية وأكثرية على أساس أن من هو أغلبية اليوم قد يكون أقلية غداً.
8- هناك من يؤمن بأن الدستور مؤامرة على الديمقراطية وآخرون يرون أن الذين يرفضونه متآمرون يريدون تعطيل أى تقدم سياسى.
9- هناك من يرفض الدستور لأنه بنصه الحالى فى المسودة هو ليبرالى يخدم أعداء الإسلام، وهناك من يرفضه بشكله فى المسودة لأنه دينى يخدم أنصار التيار الإسلامى.
10- هناك من يريد إصداره فى أسرع وقت حتى تتم الدعوة لإجراء الانتخابات البرلمانية قريباً وهناك من يريد تفجيره حتى يشترى بعضاً من الوقت حتى لا تتم هذه الانتخابات لأنه ليس مستعداً لها.
11- وأخيراً هناك من يرفض وهو لا يعرف السبب وهناك من يؤيد وهو لا يعرف السبب.
إن مأساة قصة صياغة الدستور الجديد، دستور الثورة فى مصر، هى قصة محزنة ومؤلمة سوف يحاسبنا التاريخ عليها لأننا ببساطة لم نكن على مستوى مسئولية الموقف ولا قدسية الحدث.






