بقلم : عماد الدين أديب – الوطن
تم تعريف الذكاء على أنه القدرة والمفاضلة بين البدائل، وكرّم الله الإنسان بأن أعطاه الانفراد بميزة العقل، وبالتالى الذكاء الذى يؤدى إلى القدرة على الاختيار.
وبقدر ارتفاع معدل الذكاء أو ما يعرف بالإنجليزية بالـ«أى. كيو» فإن الإنسان يُحسن بشكل فطرى اختياراته.
ويأتى التعليم والثقافة وخبرة الحياة وتجاربها كى تدعم حسن الاختيار لدى الإنسان.
وعكس الذكاء هو الغباء، وبالتالى يصبح الغبى بهذا التوصيف السابق هو من لا يحسن الاختيار بين البدائل.
وأسوأ أنواع الغباء هو «الغباء السياسى» لأنه لا يؤدى إلى خسارة شخصية له فحسب، ولكن لشعبه، وأحياناً للعالم كله.
كان نيرون من الغباء السياسى أن أدى إلى حرق روما وإضعاف الإمبراطورية.
أما هتلر فقد أدى جنونه إلى اندلاع حرب عالمية ثانية وسقوط أكثر من 7 ملايين إنسان ما بين قتيل وجريح ومفقود، وتدمير البنية التحتية لأكثر من 44 دولة فى العالم.
وأدى الغباء السياسى للرئيس العراقى صدام حسين إلى تحميل بلاده والعالم خسائر مادية تقدر بـ 4 تريليونات دولار فى 3 حروب، الأولى مع إيران، والثانية فى غزو الكويت، والثالثة فى الغزو الأمريكى لبلاده.
فى كل مرة أساء صدام التقدير والاختيار بشكل يجعله أشهر مخطئ سياسى فى العصر الحديث.
أما أسامة بن لادن، فإنه تحول من مجاهد ثرى قرر أن يهجر الرفاهية والثروة من أجل ما يؤمن بأنه «نصرة لدين الله ضد كل أنواع الظلم والجبروت العالمى سواء كان مصدره الاتحاد السوفيتى الشيوعى أو الولايات المتحدة الرأسمالية»، إلى أكبر إرهابى مطلوب فى العالم.
كان بن لادن يعطى لنفسه «صك استخدام العنف وقتل النفس التى حرّم الله قتلها بدافع نصرة الإسلام والدفاع عن دين الله».
وقام بن لادن بقراره الكارثى فى 11 سبتمبر 2005 فى غزوة «مانهاتن» باستفزاز زعيم يمتاز بحماقة لا مثيل لها هو جورج بوش الابن، الذى أصيب بحالة من الجنون السياسى جعلته يدخل حرباً تبدأ من واشنطن إلى كابول إلى بغداد.
هذه نماذج محددة من قرارات فردية تتميز «بالغباء السياسى» إلى حد الوصول إلى حالة من «الاستحمار الفكرى» (عفواً للحمير) ولكن هو نوع من التشبيه.
الأخطر من كوارث الاستعمار «بالعين» هو حالة الاستحمار «بالحاء» التى تؤدى إلى تسليم مقاليد الأمور لمن لا يقرأ، وإن قرأ لا يفهم، وإن فهم لا يتأثر وإن تأثر لا يفعل، وإن فعل لا يعترف بالخطأ، وإن أخطأ لا يتراجع ولا يعتذر.
لذلك كله قرر الغرب وقررت الثقافة الأنجلوسـكسونية أن تضع كوابح «أى فرامل» للانفراد بالسلطة ووجود عدة أنظمة مراقبة ووسائل مراجعة للقرار.
فى الدول المتقدمة يقول العقل لظاهرة الغباء السياسى «أحبوش»!