توصلت مصر إلى اتفاق تمهيدى على مستوى الخبراء مع بعثة صندوق النقد الدولى لتوقيع اتفاقية استعداد ائتمانى بقيمة 4.8 مليار دولار، واستند الاتفاق إلى برنامج اقتصادى واجتماعى لايزال يلفه الغموض قدمته الحكومة لصندوق النقد الدولى.
أنهى هذا الاتفاق رسمياً دور بعثة صندوق النقد الدولى وانتقل الملف برمته إلى مجلس إدارة الصندوق المكون من دول ذات حصص تصويتية مختلفة، والذى ينتظر ان يحسم مصير الاتفاقية خلال الشهر المقبل.
أصدر الصندوق والحكومة بيانين منفصلين احتوى كل منهما تلميحات اتسمت بالعمومية عن بعض تفاصيل البرنامج والذى حرص بيان الحكومة على التأكيد أنه برنامج وطنى «يخفض معدلات الفقر والبطالة من خلال النمو وتدعيم العدالة الاجتماعية».
يهدف البرنامج إلى السيطرة على العجز عبر زيادة الإيرادات وهيكلة الدعم، وفى سبيل تحقيق ذلك وعدت الحكومة بخفض العجز فى الموازنة خلال العام المالى الذى سيبدأ اعتباراً من يونيو المقبل إلى 8.5% مقابل 11% فى العام الحالى، للوصول إلى هدف تقليل الدين العام إلى الناتج المحلى ليصبح 70% خلال العام المالى 2016-2017.
تشير التفاصيل التى حرصت الحكومة على إبرازها إلى رفض الحكومة فكرة فرض ضرائب تصاعدية على الشركات وقصرها فقط على الأفراد، والاكتفاء بالحد الحالى عند 25% من أرباح الشركات وبدلاً من ذلك وعدت بتوسيع القاعدة الضريبية وتحسين عمل مصلحة الضرائب فى التحصيل ومكافحة التهرب.
كما تعتزم الحكومة التحول إلى تطبيق الضريبة المضافة على السلع والخدمات خلال العام المالى المقبل، بدلاً من ضريبة المبيعات الحالية.
يبلغ أجل اتفاقية الاستعداد الائتمانى 22 شهراً، وتوقع وزير التخطيط أشرف العربى ان تحصل مصر على الدفعة الأولى من القرض مطلع العام المقبل.
غير ان صندوق النقد الدولى كان أكثر وضوحاً فى ذكر تفاصيل البرنامج، ومنها رفع تصاعدية ضريبة الدخل وتقوية إدارة المالية العامة لتعزيز شفافية الانفاق العام، وفى سبيل تحقيق ذلك ستسعى الحكومة إلى توسيع نطاق تغطية حساب الخزانة الموحد وهو ما يشير إلى نية الحكومة ضم أموال الصناديق الخاصة.
وقال الصندوق إن الحكومة تنوى تعزيز شفافية إجراءات التسجيل وإصدار التراخيص وتيسير مسألة حل النزاعات الاستثمارية ودعم المشروعات الصغيرة والمتوسطة.
أبرز النقاط التى أشار إليها الصندوق هو ان البرنامج سيكون مصحوباً بخطة لاقتراض 14.5 مليار دولار من مجموعة من الشركاء من بينها الصندوق نفسه، وهو ما سيخفض تكلفة الاقتراض بشكل كبير.
على مستوى السياسة النقدية، قال الطرفان فى بيانيهما إن البنك المركزى سيستمر فى تطوير إطار السياسة النقدية وسعر الصرف لتحقيق معدلات تضخم منخفضة فى الأجل المتوسط، ما يدعم من القدرة التنافسية لمصر وبما يدعم التجارة ويساعد على جذب رؤوس الأموال من الخارج ما يسهم فى زيادة الاحتياطيات من النقد الأجنبى لحماية الاقتصاد من الصدمات الخارجية.
قال مسئولون فى البنك المركزى إن الحديث عن تعزيز القدرة التنافسية ودعم التجارة لن يدفع البنك إلى السماح للجنيه بالتراجع أمام الدولار، وهو الموقف الثابت للبنك المركزى منذ اندلاع الثورة.
ووعدت الحكومة بالعمل على رفع الاحتياطى الأجنبى للعملات إلى مستوى 19 مليار دولار بنهاية العام المالى الجارى بدلاً من 15.5 مليار دولار حالياً، وهو ما يعد تراجعاً عن الهدف الذى أعلنته فى بيان الحكومة والذى يقضى بزيادته إلى 25 مليار دولار فى الفترة المذكورة.
وتجنب الطرفان الحكومة والصندوق الحديث عن أى تفاصيل تخص برنامج هيكلة الدعم، واكتفى بيان الحكومة بالإشارة إلى العبء الذى يمثله حالياً وهو ما يقتضى ضرورة تخفيضه.
الصندوق الذى علق تقدم المفاوضات فترات طويلة على ضرورة وجود توافق شعبى حول القرض، قال إن الحكومة تنوى نشر محتوى برنامجها الاقتصادى لمجموعة واسعة من الأطراف المعنية المحلية الأمر الذى يعد مستحسناً.
قال مصدر بوزارة المالية لـ «البورصة» إن الاتفاق الذى تم بالأمس مع صندوق النقد سيكون له انعكاس كبير على الاتفاقات الاستثمارية والعروض التى تلقتها الحكومة من مستثمرين عرب وأجانب، مشيراً إلى ان الاتفاق يعد مؤشراً على ثقة الصندوق فى الاقتصاد المصرى.
أشار المصدر إلى انه بمجرد موافقة مجلس إدارة الصندوق على الاتاحة المالية لمصر من القرض ستعلن الحكومة عن عدد من الإجراءات لتفعيل ما تم الاتفاق عليه مع الصندوق، وذلك من خلال إصدار عدد من التشريعات والقرارات ومن أهمها إصدار قرار حازم بضم أموال الصناديق الخاصة لحساب موحد بالبنك المركزى لتعزيز الرقابة والشفافية على إيرادات وانفاق الجهاز الحكومى، وكان ذلك مطلباً لصندوق النقد الذى استهجن عدم وجود إشراف موحد على هذه الصناديق واستبعد المصدر ظهور اثار الإجراءات التى اتخذتها الحكومة مؤخراً خلال العام المالى الجارى بسبب انقضاء نصفه وارتفاع نسبة العجز المتوقع فيه لدرجة كبيرة بسبب ارتفاع دعم المنتجات البترولية لـ 95 مليار جنيه بدلاً من 70 مليار جنيه كما كان مستهدفاً فى موازنة 2012-2013.
وقال المصدر إن الوزارة فى المنشور الخاص بموازنة 2013-2014 والذى أرسلته للجهات الحكومية طالبتها بتضمين موازناتها الإصلاحات التى أعلنت عنها الحكومة لافتاً إلى ان العجز فى الموازنة والدين العام لن يتخذا منحنى تنازلياً قبل عامين على الأقل.
قال مصدر مسئول بمصلحة الضرائب انه يتوقع ارتفاع حصيلة مركز كبار الممولين والذى يضم نحو ألفى شركة إلى 200 مليار جنيه مع بدء تطبيق الشرائح الضريبية الجديدة.
كتب – محمود شنيشن وناصر يوسف وإسلام زايد