بقلم : عماد الدين أديب – الوطن
من الأقوال المأثورة لعميد الأدب العربى الدكتور طه حسين فى الأربعينات: «فى مصر أمور عجاب لا مثيل لها فى أى دولة من دول العالم».
وما هو حادث فى الشهور والأسابيع والأيام الماضية يؤكد أننا دخلنا فى حالة «الأمور العجاب» وما هو حادث فى الساعات الأخيرة يؤكد أننا نعيش الحالة التى وصفها ويليام شكسبير: «لقد وقعنا فى الفخ».
والمذهل أن البلاد بطولها وعرضها انقسمت إلى حالة الـ«مع» والـ«ضد» إزاء قرارات قانون حماية الثورة التى صدرت مساء الخميس الماضى بشكل حاد ومدمر.
إنها ذات الحالة التى نعانى منها فى جميع الأمور: عودة الكرة أو تأجيل الدورى، استمرار «التأسيسية» أو إلغاؤها، عودة مجلس الشعب من عدمه، رفع أسعار الطاقة أو تأجيل القرار، بقاء الحكومة الحالية أو تقديم استقالتها، بقاء النائب العام السابق أو إحالته للتقاعد.
إنها مقدمات منطقية أوصلتنا إلى مرحلة ابتلاع الأزمة!
كلها أمور دقيقة وخطيرة وأساسية فى حالة المصريين «يتمترس» و«يتربص» كل طرف فيها ضد الآخر.
كلها أمور الحوار فيها محدود، التفاوض حولها غير وارد، والتوافق حولها الأمل حوله شديد الضعف.
وأصبحت المسألة فى جميع الأمور المصيرية التى يعيشها الوطن هى الانقسام الحاد فى «فسطاطين»، على حد وصف أسامة بن لادن حول الصراع بين الشرق المسلم والغرب المسيحى، ودون الدخول فى معركة مَن مع ومَن ضد دون أن أتورط فى حرب القرار أو ضده، أريد أن أركز على «جوهرة الأزمة» العميقة التى نحياها الآن وهى «أسلوب التناطح السياسى بين جميع القوى» فى مصر.
لقد قررنا جميعاً قراراً جماعياً لا رجعة فيه ألا نسمع بعضنا البعض وألا نناقش بعضنا البعض وألا نحاور بعضنا البعض.
لقد قررنا أن نتحول من التنافس المشروع إلى الصراع الحاد القاسم للبلاد والعباد.
كل طرف، وأكرر «طرف» ولا أستثنى أحداً، قرر أنه وحده دون سواه صاحب الحقيقة المطلقة وأن ما يعتقده سواء كان من هذا الطرف أو خصمه هو الصواب الكامل.
إن أسوأ فاتورة ندفعها الآن هى أننا قررنا أن نستخدم كل الوسائل المشروعة وغير المشروعة كى نعطل إرادة بعضنا البعض.
هذا الأسلوب قد يكون فى سلطة إصدار القرار، أو فى الاحتجاج عليه وتعطيله.
هذا الأسلوب يستخدم الشرعية ويستخدم الشارع ضد الشرعية ثم يعود ويستخدم الشرعية ضد الذين حاولوا تعطيل الشرعية عبر الشارع، فيعود الشارع كى يحتج على تعطيل التعطيل!
إنها حالة مدمرة لن تؤدى بنا إلى أى خطوة نحو الاستقرار، إنها حالة «الدائرة المفرغة» المؤدية للفوضى.
إنه خطر «ابتلاع الطعم» والانقسام السياسى الحاد الذى قد يمهد لتقسيم البلاد والعباد.
لقد وقعنا فى الفخ ويصعب علينا الخروج منه إلا بمعجزة.








