بقلم: ايان بريمر
ندد رجب طيب أردوغان، يوم الاثنين الماضى، بالعدوان الإسرائيلى على غزة ووصفها بالدولة الإرهابية، وسواء كنت موافقاً أو معترضاً على هذا الكلام، يجب أن تتوقف لحظة حتى تتمعن تلك الكلمات، ان هذا الحكم على إسرائيل لم يأت من كيانات ليس من الغريب ان تقول ذلك، فهو لم يصدر عن جنود سوريا أو ملالى إيران أو حتى أفراد العائلة المالكة بالسعودية، فتركيا دولة ديمقراطية وإسلامية معتدلة وأحد أعضاء حلف شمال الأطلسى، كما انها إحدى الدول التى حافظت منذ القدم على وجود علاقات بناءة مع إسرائيل، واردوغان لم يستنكر موقف إسرائيل بعينه فحسب كما فعل فى عام 2010 عندما قصفت غارة إسرائيلية سفينة المساعدات التركية التى كانت متجهة إلى غزة، ولكنه وصفها بمصدر الإرهاب.
والسؤال.. ما الجديد حقاً بشأن تبادل إطلاق النار بين الإسرائيليين والفلسطينيين؟ انها ليست السياسة الإسرائيلية، فهناك أنباء عن إجراء انتخابات مبكرة فضلاً عن إشارات بأن نتنياهو، رئيس الوزراء الإسرائيلى، يواجه خطر فقدان منصبه، كما ان تزايد أعداد وخطورة الصواريخ التى تطلقها حماس وكتائب القسام على تل ابيب ليست – أيضاً – السبب وراء هذا التغيير.
انها الأجواء المحيطة بالجانبين التى تغيرت، وأكثر ما يثير القلق ما تشهده جاراتها المقربة، ان الاضطرابات الحالية فى مصر تضع قادتها المدنيين فى مأزق يدفعهم إلى تضييق الخناق على إسرائيل والشىء ذاته يمكن ان ينطبق على الأردن، بالإضافة إلى ذلك فإن أصدقاء إسرائيل من جانبى الحرب الأهلية الطاحنة قلة فى سوريا.
فضلاً عن ذلك فإن حكومات الشرق الأوسط – حتى تلك المستقرة نسبياً – شديدة القلق حيال غضب الرأى العام أكثر من أى وقت مضى ومن الصعب خارج الولايات المتحدة ان تجد دولة مازال الرأى العام يقف بجانب إسرائيل، ولكن أكثر ما يثير القلق وسط كل هذه التغييرات هو كيفية تعامل إسرائيل حيالها وكأن أياً من هذه الأمور لا يهمها.
رغم ان حماس تمكنت من تخزين كمية كبيرة من الأسلحة المتطورة على نحو متزايد، وان إسرائيل بامكانها بكل وضوح استعادة النظام بقوتها الغاشمة، إلا ان حماس ستستمر فى القتال رغم ان قدرات إسرائيل تفوق ما تمتلكه حماس.
على الصعيد الدولى، فإن هذا الصراع وردود الفعل التى أثيرت من قبل الحكومات المعتدلة مثل تركيا، غيرت موازين اللعبة، حيث لم يعد هناك حلفاء أقوياء لإسرائيل فى المنطقة، من المؤكد ان واشنطن سوف تدافع عن حليفتها، وقد أعلن الرئيس الأمريكى أوباما انه يدعم العمليات الإسرائيلية فى غزة قلباً وقالباً، ورغم ان هيلارى كيلنتون، وزيرة الخارجية الأمريكية زارت المنطقة الأسبوع الماضي، ولكن لا يبدو ان الولايات المتحدة ستكون الدولة الأكثر نشاطا وتأثيرا فى الشرق الأوسط خلال السنوات المقبلة، ومن المتوقع ان تحل مكانها الصين، تلك القوى التى مازالت ناشئة ولا تربطها أى روابط ثقافية أو ايديولوجية مع إسرائيل حتى تسعى لحمايتها.
نظراً لكل هذه الأسباب لا يوجد حالياً شئ أهم، بالنسبة لأمن إسرائيل على المدى الطويل من العمل على إقامة سلام دائم مع الفلسطينيين وحمايته، ولكن للأسف بعد سنوات من الجمود السياسى، فضلاً عن ان ما يحدث من أعمال عنف دامية بين الطرفين بات التوصل إلى السلام بينهما أمراً بعيد المنال أكثر من أى وقت مضى.
اعداد – نهى مكرم
المصدر: فاينانشيال تايمز