بقلم : عماد الدين حسين – الشروق
هل كانت القوى السياسية غير الإسلامية فى حاجة لتملأ ميدان التحرير يوم الثلاثاء الماضى كى تثبت لرئاسة الجمهورية ولقوى الإسلام السياسى أنها قادرة على الحشد الجماهيرى أيضا؟.
الحقيقة أن الإجابة هى نعم، لأنه فى العمل السياسى انت مطالب كل فترة بالحصول على شهادة صلاحية أو ضمان من الجماهير حتى تستطيع الادعاء أنك تمثلهم أو على الأقل تمثل بعضهم.
كثير من الإخوان والسلفيين كرر فى الشهور الأخيرة أنهم فقط القادرون على الحشد الجماهيرى، وأن خصومهم أو منافسيهم أو معارضيهم لا يستطيعون جمع ألف شخص، ولا يملكون إلا قوة الصياح والكلام فى وسائل الإعلام خصوصا الفضائيات.
إذن عندما يمتلئ الميدان عن آخره فإن الرسالة تكون قد وصلت إلى من يهمه الأمر، وخلاصتها أن هناك آخرين فى هذا الوطن غير أنصار الإسلام السياسى يفترض سماع صوتهم.
فى مساء الثلاثاء وعندما ارتفع هدير هتافات المتظاهرين فى ميدان التحرير، بدأت لغة الإخوان تتغير وسمعنا من يقول: «إذا كنتم قادرين على الحشد فنحن قادرون على الحشد أضعاف أضعافكم؟!».
هذا تطور جيد، رغم ان بعض الإخوان يقول إن الرئيس منتخب من الشعب وبالتالى لا يصح لأى شخص أن يتظاهر ويهتف ضده أويطالب بإسقاط قرار أو إعلان أصدره.
اتفق مع الرأى القائل بأن علينا أن نحترم الذين انتخبوا محمد مرسى، وجزء كبير منهم لم يكن إخوانيا، لكن نحن ننسى أن الذين انتخبوا مرسى لم يعطوه تفويضا للانقلاب على القانون والدستور المؤقت.
ثم علينا تذكر أن حسنى مبارك كان يدعى أنه منتخب ــ حتى لو كان ذلك شكليا ــ ورغم ذلك أسقطه الشعب بعد أن تجاوز حدوده.
السؤال إذا كانت رسالة التحرير قد وصلت فهل يتم الاستجابة لها وكيف؟!.
من الواضح أن هناك اتجاهين داخل مؤسسة الحكم، الأول يقول إنه «على المعارضين ان يخبطوا رأسهم فى الحائط، لأنهم أقلية بلا تأثير حقيقي، وان الرئيس من حقه أن يفعل أى شىء».
واتجاه آخر أكثر عقلانية يعتقد أن الإعلان الدستورى كان خطأ ــ سواء تم بحسن أو سوء نية ــ والمطلوب إصلاحه وتعديله، وبالتالى ينبغى أن ينصب جهد الجميع على البحث عن مخرج مشرف.
قد يكون مفهوما ان يصر بعض قادة حزب الحرية والعدالة أو القوى السلفية على ضرورة عدم التراجع عن الإعلان الدستورى، ويرفعون سقف المطالب إلى الحد الأقصى، لكن الذى ليس مفهوما أن بعض مستشارى الرئيس تحولوا إلى مجرد ناطقين محليين باسم حزب الحرية والعدالة ونسوا انهم يفترض تمثيلهم للشعب بأكمله.
الذين تظاهروا فى التحرير جزء أصيل من الشعب المصرى وليسوا كائنات فضائية هبطت من كوكب عطارد، ومعظمهم صوت لمحمد مرسى، وحتى لو كانوا صوتوا لأحمد شفيق فهم مصريون ينبغى التعامل مع احتجاجهم بصورة لائقة إذا كنا حقا نريد أن نكون ديمقراطيين.
مرة أخرى هناك كارثة تلوح فى الأفق، الاستقطاب على أشده، ولا نرى تعاملا حكيما مع الأمر حتى الآن.
مساء الثلاثاء سمعت الإعلامى الأستاذ عماد الدين أديب يقول إن لديه معلومات بأن كثيرا من القوى السياسية تتسلح أو تملك أسلحة. لو صحت هذه المعلومات فى ظل هذا التصعيد فإننا مقدمون على كارثة.
بداية الخروج من هذه الدوامة ليس فقط أن يتراجع الرئيس مرسى عن الإعلان الدستورى، بل أن تؤمن جماعته أنها ليست المتحدث الوحيد باسم الشعب المصرى وأن العناد يورث الكفر.








