بقلم : عماد الدين حسين – الشروق
هل يستحق النائب العام المعين المستشار طلعت عبدالله أن نشكره على قراره بالتراجع عن نقل المستشار مصطفى خاطر المحامى العام لنيابات شرق القاهرة إلى بنى سويف بسبب ما تردد أنه إجراء عقابى لإفراج الأخير عن المتهمين فى أحداث قصر الاتحادية؟.
تقديرى الشخصى الذى قد يصدم كثيرين هو نعم، علينا أن نشكره على هذا القرار الشجاع، لأنه كان يمكن أن «يركب دماغه» ويصر على رأيه وتزداد المشكلة تعقيدا، ويكون الخاسر الوحيد هو مصر بأكملها التى تنزف يوميا بفعل الصراع المستعر على أكثر من جبهة.
المؤكد أن المستشار عبدالله المعين بإعلان دستورى غير مشروع أخطأ خطأ فادحا بقرار نقل خاطر، لا نجادل فى أن ذلك حقه ومن صلاحياته أم لا؟.. لكن للمرة المليون نسأل عن المواءمة السياسية وتوقيت اتخاذ القرار وهى أشياء يبدو أن غالبية مسئولى المرحلة الراهنة يفتقدونها بامتياز.
لا نشكر فقط المستشار طلعت عبدالله على تراجعه بل ونشكر كذلك كل من نصحه أو شجعه أو طلب منه اتخاذ هذا القرار الأخير.
ومخلصا لوجه الله تعالى فإننى أناشد المستشار عبدالله أن يتحلى بالشجاعة ويطلب من الرئيس محمد مرسى أن يعفيه من مسئولية هذا المنصب فورا.
هناك أسباب كثيرة موضوعية تحتم على المستشار عبدالله أن يتخلى بإرادته الحرة عن مكانه، لأن هذا المنصب صار وسيصير عبئا على الرئيس والرئاسة وحزب الحرية والعدالة.
أى قرار سيتخذه النائب العام حتى لو كان سليما وصحيحا قانونا، فإن كثيرين سوف يفسرونه باعتباره ضغطا من الرئاسة والحكومة والإخوان على النائب العام، خصوصا بعد كل الذى قيل فى الاجتماع الطارئ لرجال النيابة مساء أمس الأول الخميس.
هذا المنصب صار خصما من رصيد الرئيس وليس إضافة له، وبالتالى يستطيع الرئيس مرسى أن يصطاد أكثر من عصفور بحجر واحد.
هو أبعد المستشار عبدالمجيد محمود وعين طلعت عبدالله مكانه، والأخير مثار انتقاد من كل المعارضة لأنه جرى تعيينه بإرادة منفردة من الرئيس.
الآن إذا تقدم النائب العام المعين باستقالته فإنه سيعفى الرئاسة من الحرج، ووقتها يمكن له أن يخرج على الشعب ويقول: «لقد قبلت استقالة الرجل وأطلب من المجلس الأعلى للقضاء ترشيح نائب عام جديد يعبر عن جموع القضاة».لو حدث ذلك فسوف يتم حل جزء كبير من الأزمة الراهنة.
للأسف الشديد فإن كثيرا من أهل الحكم لا يرون بوضوح أنهم يخسرون كل لحظة من صدامهم الدامى مع مؤسسة القضاء.
يمكننا تفهم إحباط الرئيس والرئاسة والإخوان من أشياء كثيرة بشأن القضاء، واعتقادهم بتوظيف البعض لقدسية القضاء فى تسوية حسابات سياسية.. هناك الكثير مما يقال.. لكن كيف يمكن التوفيق بين كل هذا، وبين عهد جديد يقول إنه يحترم استقلال القضاء، والأهم كيف يمكن فى ظل هذا المناخ الانطلاق إلى الأمام فى المرحلة المقبلة؟!.
لعبة شد الحبل واختبار الإرادات بين الرئاسة والإخوان من جهة وبين غالبية القضاة من جهة أخرى ــ إذا استمرت بشكلها الراهن فالمؤكد أننا سائرون إلى حالة شلل كامل فى مرفق القضاء ومرافق أخرى.
يا سيادة النائب العام المعين، شكرا على تراجعك عن خطئك.. وتذكر أن فى يدك الآن جزءا كبيرا من حل الأزمة الراهنة.








