تلعب الدبلوماسية المصرية دوراً رئيسياً فى دعم الاقتصاد، خاصة فيما يتعلق بالاتفاقيات التجارية.
وفى تلك الفترة الانتقالية الحرجة والاقتصاد المنهار والعلاقات المتأزمة مع بعض البلدان الأفريقية، كثفت وزارة الخارجية من جهودها لدعم علاقاتها ببلدان القارة السمراء خاصة دول حوض النيل.
ولم تتوان الدبلوماسية المصرية من أجل عودة مصر إلى مكانتها الريادية فى الدول الأفريقية فى جميع المجالات خاصة الاقتصادية من خلال التعاون المشترك.
أبرمت مصر مؤخراً اتفاقاً مع زامبيا لإنشاء مزرعة مشتركة على مساحة 6 آلاف فدان، وجددت الاتفاقية بين البلدين لخمس سنوات مقبلة.
وتعمل الدبلوماسية المصرية على زيادة حجم التعاون المصرى الزامبى وتبادل الخبرات فى العديد من القطاعات خاصة الزراعى والحيوانى والرعاية الصحية.
وتشارك الدبلوماسية المصرية بقوة فى رسم ملامح السياسات الأفريقية، كان آخرها ما يتعلق بمشكلة دولة مالى التى دعا معظم دول العالم إلى حلها عسكرياً الا ان مصر رفضت واقترحت الحل السلمي.
السفيرة منى عمر، مساعد وزير الخارجية للشئون الأفريقية ورئيس النادى الدبلوماسى المصري، قالت إن الوزارة تقدمت خلال رئاستها مؤخراً لمجلس السلم والأمن الأفريقى بحل لأزمة دولة مالى قبل اللجوء إلى التدخل العسكرى للقضاء على الحركات المتطرفة.
وأكدت فى حوار مع «البورصة» أن القاهرة رفضت مشاركة أى قوات مصرية لضرب مسلمين سواء فى مالى أو غيرها، ولكنها عرضت الاتصال بالأطراف المتنازعة هناك كمحاولة للتوصل إلى حل توافقى يحقق السلم والأمن فى هذه المنطقة التى تمثل أهمية كبرى للأمن القومى المصرى لكونها امتداداً للصحراء الغربية المصرية التى تعانى من عدة مشاكل أمنية تتمثل فى تهريب السلاح والمخدرات والإتجار بالبشر، وأن مصر أكدت أهمية وجود غطاء من الأمم المتحدة قبل التدخل العسكري، لافتة إلى ان مشاركة مصر فى مجلس السلم والأمن الأفريقى أضافت لدورها الدولى والأفريقى الكثير من خلال دورها فى حل القضايا والنزاعات الأفريقية.
أكدت السفيرة منى عمر أن الخارجية المصرية لم تقصر فى دورها خلال عصر الرئيس السابق محمد حسنى مبارك ولكن الإشكالية تكمن فى عدم نقل الإعلام المصرى سواء المكتوب أو المرئى أو المسموع دور الخارجية فى القارة السمراء.
وأوضحت أن الحديث الدائم من قبل المسؤلين المحليين عن أن مصر لها فضل على دول القارة الأفريقية أدى خلال المرحلة الماضية إلى غضب الدول الأفريقية من مصر، وإن المساعدات المصرية إلى افريقيا خلال العقود السابقة واجب قومى لحماية الأمن القومى المصرى وليست مناً من مصر على هذه الدول.
وأشارت إلى ان الدول الأفريقية كان لها دور فعال للوقوف بجانب مصر فى العديد من الأزمات ومنها حرب أكتوبر لعام 1973 عندما قطعت علاقاتها مع إسرائيل.
وقالت إن هناك شكوى متكررة من السفراء الأفارقة من سخرية المواطن المصرى من المواطن الأفريقى أثناء تواجده فى مصر بسبب لونه ولغته، بالإضافة إلى إحتواء المسلسلات والمسرحيات والأفلام المصرية على مقاطع سخرية من البشرة الأفريقية السوداء.
وطالبت السفيرة منى عمر بتفعيل المبادرة المصرية فى التسعينات لإطلاق قمر صناعى مصرى خاص بأفريقيا بعد ان توقف بسبب الصعوبات المالية وعدم الاهتمام الكافى من قبل المسئولين المصريين فى ذلك الحين ما أدى إلى اجهاض المبادرة.
وأكدت أهمية فتح مصر مكاتب إعلامية فى جميع الدول الأفريقية والعمل على تدشين قناة خاصة بأكثر من لغة كخطوة أولى للتواجد هناك ونقل مايحدث فى هذه الدول إلى مصر ونقل مايحدث فى مصر إليهم.
اضافت ان هناك اهتماماً من قبل القيادة المصرية الحاكمة حالياً برئاسة الدكتور محمد مرسى بالتوجه نحو أفريقيا خلال المرحلة المقبلة، خاصة مع حضور الرئيس مرسى القمة الأفريقية بأديس أبابا ولقائه مع عدد كبير من الزعماء الأفارقة وزيارته كمبالا مؤخراً، بالإضافة إلى مشاركته احتفالات أوغندا بعيد الاستقلال التى عكست آثاراً إيجابية على العلاقات بين البلدين.
وأضافت أن الدور المصرى تقلص خلال السنوات الماضية فى أفريقيا بسبب الغياب عن المشاركات فى المؤتمرات على المستوى الرئاسى الذى يرجع إلى النواحى الأمنية المترتبة محاولة اغتيال الرئيس السابق حسنى مبارك فى أديس أبابا.
وأكدت أن هناك تعليمات مستمرة من قبل محمد عمرو وزير الخارجية للسفارات والقنصليات المصرية بتقديم الدعم اللازم لرجال الأعمال والوفود المصرية التى ترغب فى الاستثمار بالدول الأفريقية.
وأشارت إلى أن رحيل رئيس الوزراء الاثيوبى «ميليس زيناوى» لم يؤثر على العلاقات المصرية الاثيوبية خاصة أنها كانت تمضى قدما خلال المرحلة السابقة فى جميع المجالات، وهناك مشاورات تجرى حالياً لإنشاء منطقة صناعية مصرية كاملة فى إثيوبيا لمستثمرى مدينة بدر لتضاف إلى سلسلة المصانع المصرية هناك.
وأوضحت أن زيناوى لعب دوراً كبيراً فى توطيد العلاقات المصرية الاثيوبية بعد إعلانه إرجاء تصديق أديس أبابا على الاتفاقية الإطارية الجديدة لحوض النيل حتى اختيار رئيس مصرى جديد، بالإضافة إلى إعلانه موافقة حكومته على تشكيل لجنة ثلاثية تضم مصر وإثيوبيا والسودان لبحث موضوع سد النهضة.
وأشادت السفيرة بالدور الذى تلعبه الكنيسة المصرية فى أفريقيا لتدعيم العلاقات المصرية هناك، خاصة فى إثيوبيا.
واردفت ان السفارات المصرية فى الدول الأفريقية تبلغ وزارة الخارجية بالمناقصات التى تطرحها دول القارة السمراء والتى ترسلها الخارجية إلى اتحاد الصناعات المصرية والهيئات والمنظمات وجمعيات رجال الأعمال المصرية المختلفة الراغبة فى الاستثمار بتلك الدول.
وقالت ان وزارة الخارجية انشأت ما يسمى الصندوق المصرى بالتعاون الفنى مع أفريقيا ومن خلاله ارسلت مصر نحو 7 آلاف خبير فى جميع أرجاء القارة الأفريقية والمساهمة فى عمليات التنمية بهذه الدول فى القطاعات المختلفة خاصة الزراعى والرى والطب والتعليم، بالإضافة إلى تنظيم وزارة الخارجية نحو 8 آلاف دورة تدريبية للجاليات الأفريقية فى مصر بجميع المجالات.
وشددت على أهمية زيادة الاستثمارات المصرية فى القارة السمراء خلال المرحلة المقبلة وذلك من خلال تزايد عدد رجال الاعمال المصريين هناك، والعمل أيضاً على إقامة العديد من المصانع والمعارض التجارية المصرية بصفة دورية بهذه الدول بهدف شعور المواطن الأفريقى بوجود مصر بجانبه ما سيؤدى إلى عودة الدور المصرى مرة أخرى فى هذه الدول.
وأكدت السفيرة، أن الغياب شبه المستمر لأغلبية الوزارات المصرية فى المؤتمرات الأفريقية اثر على تراجع الدور المصرى مؤخراً.
اضافت أن حجم التجارة الخارجية لمصر خلال العامين السابقين انخفض بشكل كبير بسبب تراجع حجم الإنتاج وانعدام الثقة فى الاقتصاد المصرى من قبل المستثمر الأجنبى وهو ما أدى إلى هروب بعض رجال الأعمال الأجانب للاستثمار خارج مصر والتوجه إلى بعض الدول المستقرة فى المنطقة العربية.
أوضحت أن هناك تنسيقاً كاملاً بين الخارجية المصرية ونظيرتها السودانية للتفاوض مع دول حوض النيل لحل مشاكل المياه وإحداث تقارب وتخطى أى خلافات قائمة والوصول إلى صيغة توافقية من خلال اتفاق يوقع عليه جميع دول حوض النيل.
وأكدت أن دول حوض النيل تحظى بأولوية واهتمام كبيرين من قبل وزارة الخارجية المصرية، مشيرة إلى أن القطاع الأفريقى بوزارة الخارجية يؤكد دائماً أن مستقبل مصر الاقتصادى متعلق بشكل كبير بالتعاون والتجارة مع الدول الأفريقية، وان أفضل سوق للمنتجات المصرية هى افريقيا.
وقالت السفيرة منى عمر ان الإعلام المصرى المسئول عن تهويل دور إسرائيل داخل القارة السمراء مقابل تهوين دور مصر دون مبرر، مؤكدة ان كلاً من إسرائيل وتركيا وإيران توغلت خلال المرحلة السابقة فى أفريقيا واصبحت لاعباً أساسياً فى الصراعات فى ظل ترك مصر دورها على مدار السنوات السابقة.
وتوقعت ان تصبح مصر منطقة تجارة حرة للدول الأوروبية والأفريقية بعد إستقرار الاوضاع السياسية الحالية من خلال بناء مصانع لشركات أجنبية فى السوق المصرى للتصدير مباشرة إلى السوق الأفريقي، مضيفة أن مصر تمنح المستثمر الأجنبى نفس المزايا الجمركية والتنافسية التى يحصل عليها رجال الأعمال المصريون، بالإضافة إلى سهولة نقل البضائع من مصر إلى الدول الأفريقية حيث انها الأقرب جغرافياً إلى دول القارة السمراء.
وأكدت أن وزارة الخارجية انتهت مؤخراً من خطة التوجه نحو دول القارة الأفريقية المرحلة المقبلة لدفع وتشجيع العلاقات وقدمتها إلى الجهات المصرية المعنية لاتخاذ القرارات اللازمة.
تستهدف الخطة زيارة أكبر عدد من الدول الأفريقية لدعم وتشجيع العلاقات المصرية الأفريقية، والبحث عن مجالات للتعاون.
وقالت ان هناك اتجاه أيضاً خلال المرحلة المقبلة لتفعيل حجم التعاون المصرى الزامبى وتبادل الخبرات فى العديد من القطاعات خاصة الانتاج الزراعى والحيوانى والرعاية الصحية.
وأوضحت ان مباحثات تجرى حالياً بين مصر وزامبيا لانشاء مزرعة مشتركة جديدة هناك على مساحة 6000 فدان خلال المرحلة القادمة، بالإضافة إلى تجديد اتفاقية المزرعة المشتركة بين البلدين لخمس سنوات اخرى.
وأكدت ان مصر سوف تشارك فى القمة الأفريقية المقبلة فى أديس أبابا ومن المتوقع ان يحضر الدكتور محمد مرسى رئيس الجمهورية فى هذه القمة.
كانت مصر قد حضرت اجتماع القمة الأفريقية الأخيرة التى عقدت فى أوغندا ورأسها الوفد الوزارى لمصر فى اجتماع وزراء الخارجية.
وأعربت عن تفاؤلها باستقرار الوضع السياسى فى مصر فى أقرب وقت ممكن للخروج من النفق الاقتصادى المظلم الحالى، لافتة إلى اهمية توافق الشعب المصرى خشية حدوث انقسام بين أبناء الشعب الواحد.
وفى سياق آخر، أكدت السفيرة منى عمر أن مصر تعد أكثر الدول الداعمة للقضية الفلسطينية، وانها لم تتوان فى حصول فلسطين عن عضوية دولة مراقب غير عضو فى الأمم المتحدة وحسم حدود الدول الفلسطينية باتفاق الرابع من يونيو 1967 والتى تشكل نقطة تحول أساسية في الصراع الفلسطينى ـ الإسرائيلى.
وأكدت أن الاعتراف بفلسطين كدولة مراقب غير عضو فى الأمم المتحدة سيجعلها تنتقل إلى دولة تحت الاحتلال والذى سيترتب عليه حقوق قانونية وسياسية للشعب الفلسطينى ودولة فلسطين ومنها انضمامها إلى محكمة الجنايات الدولية.
وفى سياق آخر، قالت منى عمر والتى ترأس أيضاً النادى الدبلوماسى المصرى، ان النادى طالب مؤخراً بالمشاركة فى الجمعية التأسيسية للدستور لمناقشة مواد الأمن القومى المصرى ولكنها قوبلت بالرفض فى البداية ولكن بعد ذلك تم الاستماع إلى مقترحاته من خلال جلسة استماع خاصة عقدت بوزارة الخارجية.
وقالت إن مصر ستستضيف سكرتير عام مبادرة «النيباد» لمناقشة مشروع ” القاهرة – كيب تاون ” بداية العام المقبل للتعرف على اخر ما وصلت إليه عمليات إنشاء الطريق والذى ينفذه الجانبان المصرى والجنوب أفريقى سواء كان الطريق الشرقى ” قسطل واشكيت ووادى حلفا “، أو الغربى “ارقين ودنقلا ” ومتابعة الجهود الخاصة بالتنسيق بشأن التشغيل المشترك للمنافذ على جانبى الحدود للمساهمة فى تسهيل عبور الأفراد وشاحنات البضائع.
كتب – أحمد سمير
