اثارت تصريحات المهندس حاتم صالح، وزير الصناعة والتجارة عن تبنى الحكومة برنامجاً لنقل المصانع من أوروبا إلى مصر الجدل بين مجتمع الأعمال حول مدى إمكانية تنفيذ المشروع فى ظل الاضطرابات السياسية والاقتصادية التى تشهدها البلاد فى الوقت الراهن، ومدى استفادة الاقتصاد المصرى من نقل تلك المشروعات.
قال هانى قسيس، وكيل المجلس التصديرى للصناعات الكيماوية عضو مجلس الأعمال المصرى الأمريكى، إن خطة الحكومة لنقل مصانع من أوروبا إلى السوق المحلى لن تؤثر على الصناعة المحلية مشيراً إلى ان هذه الخطوة تسهم فى زيادة التنافسية بالسوق المحلى فى مختلف القطاعات، خاصة فى ظل خبرات المصانع المنقولة للسوق المحلى.
أشار إلى ان تلك المصانع تتيح المزيد من فرص العمل على المستوى المحلى، خاصة انها لا تنتقل بعمالتها، وهو ما يسهم فى القضاء على البطالة التى ارتفعت مؤخراً عقب أحداث الثورة، والمثال على ذلك شركة «بروكتر آند جامبل» الأجنبية العالمية التى تعمل – حالياً – بعمالة مصرية.
شدد فى تصريحاته لـ «البورصة» على ضرورة إجراء دراسات حول تلك المصانع وما إذا كانت ملوثة للبيئة من عدمها.
أضاف ان نظام العولمة فى القطاع الصناعى حول العالم إلى قرية صغيرة يمكن من خلاله تبادل الخبرات، ونقل أحدث التكنولوجيات للسوق المحلى.
فى ذات السياق، طالب محمد المهندس، نائب رئيس غرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات بضرورة عقد حوار مفتوح من قبل وزارة الصناعة والتجارة الخارجية مع مختلف القطاعات الصناعية يمكن من خلاله معرفة مدى استفادة كل قطاع من هذا البرنامج.
أكد أن قطاع الصناعات الهندسية بحاجة إلى الخبرات فى مجال الصناعات المغذية والآلات والمعدات، وبالتالى فإن إقامة مصانع فى ذلك المجال تقلل من فاتورة الاستيراد السنوية.
استبعد المهندس نقل مصانع الأجهزة الكهربائية للسوق المحلى، خاصة انه تشبع من تلك الصناعة بدليل وجود شركتى «يونيفرسال» و«الكتروستار» وغيرهما واللتين أثبتتا نجاحهما فى السوق المحلى وفتحتا المزيد من الأسواق التصديرية.
قال د. ناجى ألبير، رئيس لجنة العلاقات الخارجية بغرفة الصناعات الهندسية باتحاد الصناعات، مستشار جمعية الصداقة والتعاون المصرية الإيطالية ان اتجاه الحكومة لنقل المصانع الأوروبية للسوق المحلى سوف يعمل على زيادة الصادرات المصرية، ورفع الاحتياطى النقدى الأجنبى، وتوفير المزيد من فرص العمل بالسوق المحلى.
أضاف ان تلك المصانع سوف تطرح جزءاً من إنتاجها بالسوق المحلى وما يفيض عن ذلك سوف يصدر وهو ما سوف تستفيد منه الخزانة العامة للدولة.
أشار إلى انه سبق ان تفاوض بعض المستثمرين الإيطاليين حول نقل مصانع فى قطاعات الأخشاب والألوميتال وتدوير المكونات الالكترونية للسوق المحلى.
توقع اتجاه المزيد من الاستثمارات الإيطالية للسوق المحلى بسبب ارتفاع الضرائب وأجور الأيدى العاملة هناك، إضافة إلى قوانين البيئة المتشددة التى تعيق عمل مصانع تدوير الأجهزة الالكترونية.
قال د. مكرم مهنى، رئيس غرفة صناعة الأدوية باتحاد الصناعات ان الاضطرابات السياسية التى تشهدها البلاد الفترة الراهنة تحول دون ضخ استثمارات بالسوق المحلي، الأمر الذى يصعب معه نقل المصانع الأجنبية للسوق المحلى، مُرحباً بأى استثمارات جديدة تساعد فى تغيير حالة الركود الاقتصادى التى يعانيها الاقتصاد القومى من خلال زيادة حجم العمالة والقضاء على البطالة.
من جانبه، قال فؤاد أبوزغلة، وزير الصناعة والتجارة الخارجية الأسبق انه يجب تحديد نوعية المصانع القادمة إلى مصر وقبول ما سوف تستفيد منه السوق المصرى – فقط – وتحقق له الكفاية التى تحول بينه وبين الاستيراد من الخارج.
أضاف أبوزغلة فى تصريحاته لـ «البورصة»: إن تلك الخطوة تقلل من حجم فاتورة الاستيراد السنوية للمصانع المحلية.
أعرب مجدى طلبة، الرئيس السابق للمجلس التصديرى للملابس الجاهزة أن الخطوة التى تدرسها وزارة الصناعة والتجارة الخارجية ان يساهم نقل المصانع من الدول الأوروبية للسوق المحلى فى زيادة حجم الاستثمارات محلياً لإنقاذ الاقتصاد القومى، وسد عجز الموازنة العامة للدولة.
تابع ان مميزات نقل المصانع لن تتوقف عند ذلك الحد فحسب، انما تمتد إلى تحسين أداء العمال وتطوير منظومة التعليم الفنى والتدريب المهنى وتكنولوجيات السوق من خلال تلك الخبرات الأجنبية للمصنع الوافدة للسوق المحلى.
قال إن بعض الناس تروج شائعات تشكك فى هذه الاستثمارات وتصفها بأنها بوابة لنقل صناعات ملوثة إلى مصر ولكن حقيقة الأمر عكس ذلك، فلا أحد من المسئولين أو غيرهم ممن يبرمون اتفاقيات سوف يوافق على نقل مثل هذه المصانع.
استبعد د. وليد جمال الدين، رئيس المجلس التصديرى لمواد البناء إمكانية نقل المصانع الأوروبية إلى مصر فى الوقت الحالى، بسبب الحالة الأمنية والاقتصادية غير المستقرة وكذلك الأزمة المالية التى تعانيها أوروبا وتعوق مثل ذلك.
أضاف ان عملية نقل المصانع الإيطالية إلى مصر ستحقق فائدة كبيرة تتمثل فى استثمارات وخبرات وتشغيل عمالة ولكن من الصعب فى الوضع الراهن أن يتحقق ذلك.
أوضح ان ما يقال عن أن الاستثمارات الخارجية ستأتى إلى مصر نظراً لرخص العمالة غير صحيح فالاضرابات المستمرة للعمال ومطالبهم الكثيرة فى الوقت الحالى تجعلان المستثمر يفكر أكثر من مرة قبل ضخ أمواله.
فى ذات السياق، قال سيد البرهمتوشى، عضو غرفة صناعة النسيج إن الوضع الحالى لا يشجع على أى استثمار، فالمصانع الموجودة لم تستكمل بنيتها التحتية، مشيراً إلى مصانع الغزل والنسيج التى لم يصلها الغاز وتعمل بالسولار تكبدها خسائر كبيرة وعدم القدرة على المنافسة، مضيفاً ان الاستثمارات الأجنبية ستحقق فوائد على السوق المصرى ولكن المناخ فى الوقت الحالى لا يساعد.
وقال إن هناك 854 مصنعاً باستثمارات تقدربنحو 950 مليون جنيه، لم تخرج للنور بسبب أزمة توصيل الغاز للمنطقة الصناعية بالعاشر من رمضان وحالة الاضطرابات السياسية والاقتصادية التى تشهدها البلاد مؤخراً.
وأشار إلى أنه من باب أولى حل أزمة تلك المصانع التى توفر نحو 5873 فرصة عمل، بدلاً من نقل المصانع من الخارج.
قال رأفت رزيقة، عضو المجلس التصديرى للصناعات الغذائية، إن عملية نقل المصانع الأجنبية إلى مصر أمر جيد ومفيد للسوق المصري، وتساعد فى تشغيل العمالة المصرية وزيادة القوة الإنتاجية والتصدير وتحقق مكاسب للجميع مضيفاً أن المصانع عندما تنقل إلى مصر وتنتج تحت نفس الظروف التى تعيشها المصانع المصرية دون تمييز سيحقق ذلك الكثير من المكاسب ولا يشكل ضرراً نهائياً، مؤكداً أنه طالما تم التصنيع فى مصر أصبح المنتج محلياً.
وشدد على ضرورة نظر الدولة بعين الاعتبار إلى الصناعات القادمة حتى لا تفتح الباب أمام دخول صناعات ملوثة للبيئة، مؤكداً أن الظروف الحالية التى تمر بها البلاد قد تعوق هذه الاستثمارات فى الوقت الحالى وتضعف ثقة المستثمرين وتثير الشك والتردد.
من جهته استبعد عبد الغنى الأباصيري، وكيل المجلس التصديرى للصناعات النسيجية، رئيس جمعية مستثمرى 15 مايو، وعضو مجلس إدارة غرفة الصناعات النسيجية باتحاد الصناعات، نقل تلك المصانع الفترة المقبلة، بسبب عدم تهيئة البنية التحتية للمناطق الصناعية لاستقبالها.
وشدد على أهمية تهيئة تلك المناطق وإعادة النظر فى اللوجيستيات لجذب الاستثمارات المحلية ومن ثم استيراد المصانع من الخارج.
أشار إلى أن حالة الانقسام التى يشهدها المجتمع المحلى والاحتقان بين الإخوان والسلفيين ومختلف القوى السياسية الأخرى تأتى على الأخضر واليابس من الاستثمارات الفعلية بالسوق المحلي، وظهر ذلك فى إغلاق 7 مصانع تعمل فى قطاع الملابس الجاهزة والأحذية والأخشاب من أصل 66 مصنعاً بالمنطقة الصناعية فى 15 مايو.
وتساءل الأباصيرى كيف يثق المستثمر الأجنبى وينقل مصنعه للسوق المحلى فى حين أن الاستثمارات المحلية تخرج منه؟
كتب – نهال منير ومصطفى فهمى
