بقلم : عماد الدين أديب – الوطن
لم نتعلم منذ نعومة أظافرنا الاعتراف بالخطأ، ولكن علمنا الخوف من العقاب كيفية إتقان الأعذار والهروب من المسئولية حتى لو كان الحل هو الكذب!
هذا الموروث الشعبى المخيف صنع حالة شبه جماعية فى ثقافتنا الوطنية تبحث عن الأعذار وتتجنب الاعتذار!
كم مرة فى نصف القرن الماضية شاهدنا اعتذاراً صريحاً من مسئول سياسى عن خطأ، أو اعتذار لاعب كرة أو فنان أو شخصية عامة عن خطأ أو خطيئة تورط فيها؟
كم مرة شاهدنا مقدم أو مقدمة توك شو يراجع النفس عن خطأ ارتكبه فى حق ضيف أو مشاهد أو يعتذر عن عدم دقة معلومة أساءت لشخص أو جهة ما؟
الإجابة: قليل للغاية!
بنفس هذا المنطق وهذه الثقافة الراسخة نجد أن الأزمة الحالية التى قسّمت الأمة الواحدة تقوم على نظرية المذنب الكامل، مقابل الضحية الكاملة.
كل طرف يرى أنه وحده دون سواه الذى يمتلك ناصية الصواب المطلق والحق المطلق والحقيقة الكاملة، تعالوا نستعرض مواقف الأطراف فى الآونة الأخيرة:
أولاً: كل طرف يتهم الآخر بأنه المسئول عن الأزمة سياسياً، وأن نقطة البدء فى هذه الأزمة ليست مسئوليته ولكن مسئولية «خصمه»!
ثانياً: كل طرف يحمّل الآخر مسئولية التصعيد اللفظى، ثم مسئولية العنف البدنى ضد الآخر.
الإخوان يرون أن جبهة الإنقاذ وأنصارها من الفلول هم من حرق.
وجبهة الإنقاذ ترى أن الإخوان وأنصارهم هم من ضرب واعتقل المتظاهرين السلميين أمام الاتحادية.
ثالثاً: حتى فى نتائج الجولة الأولى من الاستفتاء يرى الإخوان أن جميع اللجان كانت دقيقة وسليمة، بينما ترى جبهة الإنقاذ أنها رصدت الآلاف من الخروقات التى تبطل هذا الاستفتاء.
أما إذا عدنا إلى القصة فقد نبدأ من الموقف الأيديولوجى لكل طرف ورؤية هذا الموقف الثابت لأفكار ونوايا وسياسات الطرف الآخر.
لم نسمع كلمة اعتذار واحدة من طرف تجاه الآخر؛ لأن كل طرف يعتقد أن ملايينه التى تخرج إلى الشوارع يستحيل أن تخطئ فى لفظ أو كلمة أو فعل أو رصاصة!
إن منطق مراجعة النفس وهو سلوك إنسانى أصيل وإحدى فضائل الروح الإسلامية المتسامحة غير وارد.
الكبار فقط يعتذرون ويتحملون المسئولية ويراجعون النفس والقراءات مهما كان الثمن.







