قال الدكتور حسين شحاتة الأستاذ بجامعة الأزهر والخبير الاستشارى فى المعاملات المالية الشرعية إن مشروع قانون الصكوك الاسلامية المقدم من وزارة المالية أثار العديد من التساؤلات والملاحظات.
ومن وجهة نظر شحاتة فإن أبرز المخاوف التى ظهرت فى اجتماع مجمع البحوث الإسلامية الأخير تتمثل فى:
أولا: أن لفظ السيادية الوارد فى مشروع القانون يعطى إيحاء بأن الدولة يمكنها الاستيلاء على هذه الصكوك واستخدامها فى تمويل العجز فى الموازنة.
والاقتراح هو تغيير مصطلح سيادية إلى عامة وتكون المشروعات التى سوف تمول بها هذه الصكوك فى صورة شركة مساهمة عامة لها شخصية معنوية مستقلة ولا يجوز التأميم أو المصادرة وفقا للدستور وأن تكون مشروعات فعلية تساهم فى التنمية، وفى ذلك تأمين لمخاوف حملة الصكوك.
ثانياً: تخوف من تملك غير المصريين لهذه الصكوك وفى ذلك مساس لسيادة مصر.
والاقتراح هو حظر تملك غير المصريين لهذه الصكوك سواء بطريقة مباشرة أو غير مباشرة وتوضع الضوابط القانونية والشرعية لتحقيق ذلك ويراقب هذا الجهاز المركزى للمحاسبات والرقابة الادارية ومجلس النواب.
ثالثا: تخوف أن تباع الأصول الثابتة العامة أو ترهن لغير المصريين.
والاقتراح: هو أن يكون لحملة الصكوك حق الانتفاع وليس حق الرقاة أو حق الرهن أو ما فى حكم ذلك، ويلغى من المشروع مصطلح البيع، وتوضــــع الضوابط القانونية والشرعية لتحقيق ذلك.
رابعا: تخوف أن يشمل مشروع هذا القانون المشروعات القائمة الاستراتيجية مثل قناة السويس أو المطارات أو الموانى وما فى حكم ذلك، وفى ذلك مساساً للأمن القومى لمصر.
والاقتراح هو أن يطبق مشروع القانون على المشروعات الانتاجية والخدمية الجديدة والتى لا تمس الأمن القومى ولها دور فعال فى التنمية فى مجال الضروريات والحاجيات والتى تساهم فى تحقيق العدالة الاجتماعية والتمية الاقتصادية.
خامسا: التخوف من سيطرة بعض رجال المال على الصكوك وهذا يؤدى إلى الاحتكار ذو النفوذ السياسي.
والاقتراح هو أن يوضع قيد بأن المساهمة فى هذه الصكوك للفرد الطبيعى أو المعنوى لا تزيد على نسبة معينة فرضاً 10% بحيث نتجنب السيطرة أو الاحتكار كما يمكن تحقيق ذلك من خلال أجهزة الرقابة المالية الادارية والشرعية.
سادسا: التخوف من أن الدولة سوف تأخذ قيمة هذه الصكوك لتمول بها العجز فى الموازنة أو سداد المديونية ولا تقيم بها مشروعات إنتاجية أو خدمية.
والاقتراح هو أن يكون لكل مشروع دراسة جدوى اقتصادية وشخصية معنوية مستقلة ومجلس إدارة ولجنة رقابة مالية داخلية ومراقب حسابات خارجى أو أكثر وكذلك هيئة رقابة شرعية من كبار العلماء والفقهاء للرقابة والتأكيد على أن قيمة الصكوك مستثمرة فى مشروعات فعلية.
سابعا: التخوف من كلمة إسلامية
والرد على ذلك هو أن مشروع القانون مطبق عى العالم بأسره أوروبا وأمريكا وماليزيا وتركيــــا ودبى وقطر والسعودية ولقد أخذه الغرب من الشريعة الإسلامية ولا سيما بعد الأزمة المالية العالمية والذى كان من أسبابها التمويل بالقروض بفائدة والآن يطبقون صيغ عقود التمويل الإسلامى ومن ناحية أخرى كل الأديان السماوية تحرم فوائد القروض، إن تمويل المشروعات الانتاجية والخدمية والتجارية وغيرها من خلال صيغ التمويل الإسلامى يساهم فى النمو والتطور وقد أوصت به معظم مؤسسات الأعمال فى العالم.
ثامناً: التخوف من فشل مشروع الصكوك الإسلامية ويكون مصيره مصير شركات توظيف الأموال التى فشلت.
والرد على هذا التخوف هو أنه يسمح للمؤسسات المالية أن تغطى العجز فــى الاكتتاب، كما أن الضمانات التى تقدمها الدولة لحملة الصكوك يحقق الأمن لهم، ومن ناحية أخرى يجب إعداد دراسات جدوى موضوعية وفقا للمعايير الفنية المتعارف عليها عالميا، كما أنه سيكون لكل مشروع من المشروعات التى تمولهـــا الصكوك أجهزة رقابة متعددة، وهذه الأمور لم تكن قائمة فى تجربة توظيف الأموال.
الملاحظات السابقة التى ساقها الدكتور حسين شحاتة، مؤسس دار المشورة على المشروع الحكومى لقانون الصكوك تعترض على نقاط ليست مرتبطة بالشريعة فى معظمها، وهى:
1ــ أن تتحول الصكوك إلى أداة ملكية فى أصل المشروع وليس فى منفعته.
2ــ تملك الأجانب للصكوك.
3ــ إصدار صكوك للهيئات الكبرى مثل قناة السويس والمشروعات العملاقة.
4ــ حدود ملكية الشخص الواحد أو الجهة الواحدة للصكوك، ويطالب بوضع حد أقصى لملكية المستثمر لصكوك فى المشروع تجنباً للاحتكار.
5ــ أجل الصكوك والتى وضع القانون حداً أقصى لها 60 سنة يمكن تجديدها مرة واحدة، ويطالب بتقصير هذا الأجل.
وتمثل هذه النقاط اعتراضات مجمع البحوث الاسلامية على القانون المقترح، والتى بناء عليها رفض الموافقة عليه وإحالة إلى هيئة كبار العلماء.
وساق الأزهر أسبابا لتبرير رفضة مشروع القانون تتعلق بالأمن القومى تحت دعوى أن المشروع المقدم من وزارة المالية لم يراع الأسس الشرعية فى التملك، كما أنه يحمل مخاطر عديدة فيما يتعلق بإمكانية رهن بعض الأصول الحكومية.
وقال محمد البلتاجى، رئيس الجمعية المصرية للتمويل الاسلامى إحدى الجهات التى رحبت بقرار مجمع البحوث الاسلامية إن رفض الأزهر مبدأ تملك الأجانب الصكوك لا يستند إلى أسس شرعية، إنما هو تعبير عن التخوف من تهديد هذا المبدأ لسيادة الدولة.
وأضاف أن تملك الأجانب لأصول داخل الدولة لا يتعارض مع الشريعة فى شىء، والبلدان التى سبقتنا فى إصدار صكوك تسمح للأجانب بتملكها.
وقال إن هناك لبساً فى فهم مجمع البحوث الاسلامية لتمويل مشروعات البنية التحتية والمشروعات الاستراتيجية اعتماداً على الصكوك، مشيرا إلى أن هناك انواعاً متعددة للصكوك ستتم إتاحتها وتسمح بتمويل تلك المشروعات، مؤكداً أن هذا التحفظ ايضا لا يستند لأسس شرعية.
إلا أن البلتاجى شدد على أهمية أن يكون هناك قانون موحد لإصدار الصكوك سواء كانت للشركات أو للجهات الحكومية، مشيرا إلى أن وجود أكثر من قانون يسمح بإدخال الاستثناءات سواء للجهات المختلفة أو للحكومة نفسها، كما أنه لابد من وجود جهة رقابية موحدة على كافة إصدارات الصكوك، مشيرا إلى أن ذلك كان الاتفاق النهائى الذى توصلت له الحكومة مع كل من حزبى الحرية والعدالة والنور والجمعية المصرية للتمويل الإسلامى.
وتسمح مصر منذ فترة طويلة للأجانب بالعمل فى أسواقها المالية وتملك أسهماً فى شركات مصرية، كما تسمح لهم بتملك الأراضى والعقارات ولا يوجد ما يمنعهم كذلك من تملك السندات التقليدية التى تصدرها جهات حكومية أو خاصة. كما نفذت الحكومة برنامجا واسع النطاق لخصخصة شركاتها استمر 20 سنة تقريبا باعت خلالها بعضا من أهم الشركات الحكومية لمستثمرين أجانب.
وحتى وقت قريب كان للأجانب دور مهم فى الاستثمار فى أدوات الدين الحكومى التقليدية المتمثلة فى أذون وسندات الخزانة، وبلغت استثماراتهم فى الأذون قبل الثورة مباشرة 60 مليار جنيه تقريبا، كانت تمثل أكثر من 25% من أرصدة الأذون القائمة على الخزانة العامة.
وتعد استثمارات الأجانب فى الأوراق المالية الحكومية أو الخاصة من أهم مصادر النقد الأجنبى، وكلف خروجهم بعد الثورة أكثر من نصف الخسائر التى منى بها احتياطى النقد الأجنبى.
ويمثل تقييد عمل الأجانب فى تداول الصكوك فى إذا تم فى المشروع الجديد ردة فى سوق تجاهد للحصول على تمويلات من الخارج، خاصة فيما يتعلق بأداة قد تجلب استثمارات جديدة ضخمة من منطقة الخليج حيث يفضل عدد متزايد من المستثمرين توظيف اموالهم فى ادوات مالية متوافقة مع أحكام الشريعة.
ومن جانبه قال أحمد النجار، عضو اللجنة الاقتصادية بحزب الحرية والعدالة أن النقاط الخلافية على المشروع بين الحزب والحكومة هى نقاط فنية وبعيدة عن التوافق الشرعى، مشيراً إلى أنه لابد أن يكون القانون شاملاً لجميع الجهات المصدرة للصكوك الإسلامية ويكون موحداً، فالقوانين لا تتجزأ وفقا لكل حالة، مشيرا إلى أن الأسبوع المقبل سيتوجه الحزب والجمعية المصرية للتمويل الإسلامى وحزب النور بمشروع قانون شامل ينظم اصدارات الصكوك من جميع الجهات.
ولا يتناسب تخوف الأزهر من رهن الأصول الحكومية لفترات طويلة مع توجه الدولة للتوسع فى تنفيذ المشروعات بنظام الشراكة مع القطاع الخاص، والذى يسمح للقطاع الخاص بانشاء المشروعات الحيوية ومشروعات البنية الأساسية والانتفاع بها لعدد من السنوات قد يصل إلى ثلاثين عاما قبل إعادتها للحكومة.
كما لا يتفق مع توجه الحكومة للسماح للقطاع الخاص بإنشاء المرافق وتملكها وإدارتها وهى الأفكار المطروحة منذ حكومات ماقبل الثورة.
خاص البورصة








