بقلم: كريس جايلز
كان الاقتصاد البريطانى جديراً بالازدهار منذ الحرب العالمية الثانية، وعاش نوبات من التوسع والانكماش فى النمو والركود الاقتصادى، إلا أنه أصبح الآن رجل أوروبا المريض، يعانى أحياناً لحظات غرور، فقد كان أداؤه على المدى الطويل مستقراً بشكل ملحوظ، على الاقل حتى 2007.
وقد شهد دخل الفرد نمواً بمعدل سنوى بنحو 2% فى المتوسط، مما يعكس ارتفاعاً متكافئاً فى الانتاجية، فى حين أن اجمالى الناتج المحلى زاد بوتيرة أسرع، نظراً لازدياد الكثافة السكانية من 50 مليون نسمة فى 1951 إلى 63 مليوناً فى 2011.
أفضل ما نصف به الاقتصاد البريطانى فى الفترة ما بين 1945 و2007 هو أنه متقلب ظاهرياً، فى حين أنه كان فى الأساس مستقراً ويتسم بالرتابة، ولكن منذ اندلاع الأزمة المالية، كان لا بد أن تتقبل بريطانيا حقيقة أنه لم يعد بإمكانها الاعتماد على فكرة كون مستقبل الاقتصاد البريطانى مماثلاً لماضيه.
رغم ارتفاع المستمر فى دخل الفرد بمعدلات سنوية طبيعة حتى إنها زادت بنسبة 10% فى 2012 عن عام 2007، فإن الانتاجية قد تراجعت بمعدل يزيد على 4%، قد كان إجمالى الناتج المحلى للمملكة المتحدة هو الأكثر انخفاضاً بين دول مجموعة السبعة مقارنة بالفترة حتى 2007، ووفقا لتقديرات مكتب الموازنة البريطانى، سوف يتعين على المواطنين الانتظار حتى نهاية 2014 لترتفع دخولهم إلى المعدلات القياسية التى وصلت إليها فى 2008.
فى اوقات الازمات، من الطبيعى أن نلقى نظرة على الدول الغنية التى سبق وان تعرضت اقتصاداتها للانخفاض المفاجئ ولكن التركيز ينصب على اليابان، حيث انخفض متوسط معدل النمو السنوى بها من 4% فى عام 1980 إلى 1.1% فى 1990، هذا العقد الذى عانت فيه اليابان من تردى وضع اقتصادها يشير إلى مستقبل بريطانيا فى عام 2013 والسنوات التى تليه.
تمتد أوجه التشابه من البيانات الاقتصادية لميزانية الدولة، فبعد خمس سنوات من الأزمة وصل إجمالى دين القطاع العام فى اليابان إلى 91% من الدخل القومى قبل أن يصل هذا العام إلى ذروته ليسجل 230%، وقد ارتفعت نسبة الدين البريطانى بوتيرة مماثلة لتلك التى ارتفع بها فى اليابان ليصل إلى 89% هذا العام.
وعلى الصعيد الاجتماعي، نجد أن الأزمة الاقتصادية فى اليابان صاحبها انخفاض سريع فى معدلات الزواج وارتفاع معدل البالغين غير المتزوجين ممن تتراوح أعمارهم بين 35 و44 ومازالوا يعيشون مع أسرهم فضلا عن انخفاض معدلات الخصوبة إلى مستويات تنذر بالقلق، لا يجب أن تشعر بريطانيا بالرضا حيال معدلات الخصوبة المرتفعة خاصة أنها تشهد ارتفاعاً كبيراً فى معدلات البالغين الذين يعودون للعيش مع والديهم.
أوجه التشابه بين اليابان وبريطانيا صارخة، ولكننى لست مقتنعاً بأن اليابان هى أفضل مرشد لمستقبل بريطانيا، بدلا من الخوف من تكرار التجربة اليابانية، يتعين على بريطانيا النظر بتمعن أكثر إلى المانيا.
عندما تعثر الازدهار الاقتصادى لألمانيا الموحدة فى 1990، كان المشهد الاقتصادى بها أكثر صعوبة حيث تراجع متوسط معدل النمو السنوى للفرد من 2% فى 1980 إلى 1.3% فى عشر سنوات حتى 2006.
ولكن على صعيد سوق العمل، استمر معدل التوظيف فى الارتفاع فى المانيا وبريطانيا على حد سواء حتى فى اعقاب الأزمة، إلا أن مستويات العمالة فى اليابان آخذه فى الانخفاض منذ عام 1997.
تطلب استعادة الميزة التنافسية لألمانيا سنوات من الأجور الهزيلة ونمو ضئيل فى معدلات الاستهلاك، وقد دخلت بريطانيا فى عصر النمو المنخفض للاجور منذ عام 2007.
لاينبغى على أحد أن يكون سعيداً لأن الاقتصاد البريطانى مماثل لألمانيا وقت الأزمة، ولكنه نموذج افضل للاستفادة منه فى كيفية التعامل مع التباطؤ المفاجئ فى النمو، حيث حققت ألمانيا نتائج أفضل من اليابان.
إعداد: ايثار شلبى








