أصبحت كعكة الاستثمار الأجنبى المباشر أقل حجماً، وتصاعدت المنافسة على قطعة من قطعها فى العالم أجمع، وتظهر تلك المنافسة فى الخليج بشكل خاص، حيث تسعى المنطقة لبناء مناطق خدمية خاصة تخدم قطاعات بعينها مثل الإعلام والتكنولوجيا والتصنيع والقطاع المالي.
وقامت إمارة أبو ظبى ببناء ميناء خليفة فى أغسطس الماضى لخدمة منطقة «كيزاد» الصناعية المجاورة له، ويعد هذا المشروع هو الأحدث من بين مشروعات مشابهة لدول الخليج فى ظل التنافس المتزايد لجذب المستثمرين الأجانب.
ورغم تسبب الأزمة المالية الغربية فى إحجام بعض الشركات الأوروبية والأمريكية عن العمليات الخارجية، يعد مشروع أبو ظبى واحداً من بين 85 مشروعاً لتأسيس مناطق خدمية خاصة.
ويقول المحللون إن تلك المشروعات تواجه اختباراً حقيقياً خلال السنوات القليلة القادمة فى قدرتها على جذب اهتمام الشركات ومقابلة طموحاتهم.
ويعتبر ظهور تلك المشروعات جزءاً من مجهودات حكام المنطقة لتنويع اقتصادات دولهم بعيداً عن البترول والغاز، وأعطيت تلك المشروعات الضوء الأخضر للانطلاق خلال فترة الانتعاش الاقتصادى قبل أزمة عام 2008 بهدف تنشيط القطاع الخاص فى المنطقة التى سيطرت فيها الحكومات والعائلات ذات النفوذ على قطاع الأعمال.
ويسعى مشروع «كيزاد» لجذب شركات من قطاعات التصنيع واللوجستيات والتجارة، ومن المتوقع أن يساهم فى نمو الناتج المحلى غير البترولى بنسبة %15، وتم بناء الميناء للمساعدة فى خدمة مصالح الشركات العاملة فى تلك القطاعات.
وصرح تونى دوجلاس، المدير التنفيذى لشركة موانئ أبو ظبى والمشرف على “كيزاد”، لجريدة الفاينانشال تايمز أن الميناء والمنطقة الصناعية يتمتعن بثلاثة عوامل تجعلهما يتفوقان على منافسيهما من الدول الخليجية الأخرى مثل تكاليف التشغيل المنخفضة، والوصول إلى الأسواق العالمية، وسهولة أداء الأعمال.
كما أسست أبوظبى على مدار العقد الماضى مدينة إعلامية هائلة تضم مجموعات كبيرة مثل رويترز والعربية، بالإضافة إلى منطقة صحية ضخمة ومنطقة مالية لتنافس منطقة كنارى وارف بلندن، وقال فاروق سوسة، خبير اقتصادى إقليمى فى «سيتى جروب»، إن المناطق الخدمية الخاصة كانت ناجحة خاصة فى دبي، وجذبت قدراً كبيراً من الاستثمارات الاجنبية المباشرة ساعدت على نمو المدينة ودعم الاقتصاد خلال الخمسة عشر عاما الماضية، وتواجه أبوظبى منافسة من جارتها عمان التى تبنى ميناء جديداً ضخماً بتكلفة مليارات، وهذا الميناء يتميز بوجوده خارج المنطقة السياسية الحساسة، مضيق هرمز الذى يفصل دول الخليج عن إيران.
كما تنشيء دولة قطر الغنية بالبترول ميناءً جديداً عملاقاً، بينما تواصل الكويت والعراق صراعهما بشأن توسعات موانيهما المتقاربة جغرافيا جدا.
كما أطلقت السعودية مناطق خدمية خاصة، ولكنها عانت فى جذب شركات أجنبية منذ الأزمة المالية العالمية.
وأشرفت هيئة الاستثمار العامة السعودية على بناء ست مدن اقتصادية لتحفيز القطاع الخاص المحلى وخلق وظائف، ولكن بناء تلك المدن كان بطيئاً للغاية وزاد تغير رئيس الهيئة الأمور تعقيداً.
ويرى سوسة مشكلة كبيرة مرتبطة بهذه المدن الاقتصادية السعودية وهى استهدافها لخلق وظائف للسكان المحليين فقط، قائلا إنه من غير الممكن خلق قطاعات جاذبة للاستثمارات الأجنبية الكثيفة فى ظل نقص المهارات فى السكان المحليين.
وركزت قطر مجهوداتها على خدمات القطاع المالى ونافست دبى وأبو ظبى والبحرين وحتى الرياض، ويستضيف المركز المالى القطرى بنوكا تمتلك الدولة فيها حصصاً.
ومع ذلك، أدت الفقاعة العقارية فى المنطقة إلى إضعاف الدافع التجارى للمستثمرين للتحول نحو المنطقة، وهذا الامر يعد جزءاً من بطء انطلاق النشاط فى المناطق الخدمية تلك.
اعداد – رحمة عبد العزيز








