بقلم : عماد الدين أديب – الوطن
إذا كان هناك تعريف لحالة «هستيريا العنف الجماعى» فإن ما حدث خلال الأيام القليلة الماضية هو الصورة التعبيرية الصادمة عن هذه الحالة.
نخبة سياسية قررت أن تصل بالحوار إلى نقطة الجمود، وقررت أن تمارس أكبر قدر من التصعيد مستخدمة فى ذلك جميع الأدوات المشروعة وغير المشروعة، القانونية وغير القانونية، المنطقية والشعبوية، السلمية والدموية.
قررنا جميعنا أن نفعل الممكن وغير الممكن للصدام العقيم الذى لن يؤدى إلى أى نتائج ملموسة سوى تعميق الفوضى وزيادة حالة الارتباك السياسى فى البلاد والمزيد من المعاناة على العباد.
الشوارع يتم إغلاقها، الطرق يتم قطعها، الأقسام يتم مهاجمتها، السجون يتم محاصرتها، أرزاق الناس تتأثر، البورصة فى حالة انهيار، الدولار فى ارتفاع مقابل الجنيه المسكين، الإعلام ما زال فى هستيريا، تجارة السلاح فى انتعاش، سعر البلطجية يرتفع، العالم يراقب ما يحدث فى البلاد يحاول أن يفهم ماذا يحدث بالضبط داخل مصر؟
إذا كان ما يحدث فى مصر هو حريق عظيم فهل هناك إطفائى قادر على إخماد هذه النار؟
إذا كان ما يحدث فى مصر تهديد بانهيار لبناء الدولة المدنية، فهل هناك من يتسطيع ترميم الشروخ الخطيرة التى تنبئ بالسقوط؟
من منا كان يتخيل أو مجرد يتصور ولو للحظة واحدة أننا سوف نشهد ذلك اليوم الأسود الذى يقوم فيه جيش مصر بحماية الممر المائى على طول قناة السويس وعرضها ليس من أخطار العدو الإسرائيلى ولكن من غضب أبناء الوطن كرد فعل على أحكام قضائية عقب مباراة كرة قدم؟!
من كان منا يتخيل أن نرى تحولاً مخيفاً فى سلوك الشخصية المصرية المسالمة للغاية إلى الحد الذى وصلت فيه قبل الثورة إلى حد الاستكانة والقبول والتسليم بالاستبداد وغطرسة القوة، إلى أن أصبحت هذه الشخصية فى أقل من 24 ساعة شخصية عدوانية تحمل الخرطوش وتلقى بالمولوتوف؟!
إننا الآن فى هذه المرحلة أحوج ما نكون إلى وضع حدود فاصلة صريحة وشفافة بتعريفات ومواصفات دقيقة للفارق بين الثائر المتظاهر المحتج السلمى وبين العدوانى العنيف العدمى الرافض لسلطة القانون ومبدأ الدولة.
إننا بحاجة ماسة إلى التوقف الفورى عن دغدغة مشاعر من يخرب ويدمر ويحرق ويضرب القانون بالحذاء لمجرد أنه يدعى أنه ثائر.
الثورة عمل نبيل، والتخريب عمل يجرمه القانون.
الثائر نحميه بل نستشهد لحمايته، والمجرم نواجهة مهما كان الثمن للحفاظ على بلادنا من الضياع.







