بقلم: خالد حسنى مدبولى
أعمل إيه دلوقتي؟؟؟ أتصرف إزاى فى الفلوس اللى معايا؟؟؟
أسئلة بالطبع تتردد كثيراً على لسان المواطنين المصريين فى هذه الأيام، سواءً المواطن العادى أو رجل الأعمال «المستثمر» وهو ما يعكس حالة الحيرة التى يعانيها هذا المواطن، خاصة فى ظل الوضع السياسى و الاقتصادى غير المستقر.
إن أهم ما يشغل بال الكثيرين فى مصر حالياً هو البحث عن بدائل لاستثمار أموالهم.. تلك الأمور التى إما جمعوها من أعمالهم أو سنوات غربتهم أو مشروعاتهم الصغيرة أو الكبيرة.
وهذه الأموال إما موجودة بالفعل حالياً وإما كانت موجودة وتناقصت بشكل كبير خلال الأعوام القليلة الماضية سواءً بفعل تداعيات الأزمة المالية العالمية التى ضربت أسواق العالم أجمع منذ عام 2008 وحتى الآن أو بفعل التداعيات السياسية والاقتصادية للثورة المصرية التى اندلعت فى يناير 2011 أو بفعل زيادة معدلات التضخم وتآكل قيمة الجنيه المصري.
والشخص الرشيد «المستهلك أو المنتج»، هو الذى يحاول دائماً تعظيم فوائده باستغلال الموارد المتاحة لديه بأفضل شكل ممكن، ومن ثم فهو يحاول الاختيار بين البدائل الاستثمارية المختلفة، فإما أن يحصل على فائدة مالية كبيرة مقابل درجة مخاطرة عالية وإما يحصل على فائدة قليلة ولكنها مقبولة نسبياً مقابل درجة مخاطرة منخفضة.
وبالنظر إلى الحالة المصرية نجد أن البدائل المتاحة حالياً لاستثمار الأموال تتنوع ما بين شراء الذهب أو الاحتفاظ بالنقود فى صورة ودائع بالبنوك، أو شراء أوراق مالية «أسهم وسندات بالبورصة»، أو شراء أصل عقارى سواء قطعة أرض أو حدة سكنية، أو شراء العملة الأجنبية «الدولار تحديداً» للاستفادة من ارتفاع سعره أمام الجنيه وتوقع استمرار ذلك الارتفاع.
بالإضافة إلى إمكانية الاستثمار فى مشروع قائم أو إقامة مشروع جديد، وهو من أفضل أنواع الاستثمار ليس فقط للمستثمر ولكن أيضاً للمجتمع ككل.
الذهب
فلايزال الذهب يحتفظ بقيمته كمعدن ثمين تتعدد استخداماته ما بين الاحتفاظ الشخصى «الاكتناز» أو تكوين جزء من الاحتياطيات النقدية فى دول العالم المختلفة أو لسد العجز فى موازين المدفوعات لتلك الدول.
ورغم ذلك يتعرض سوق الذهب العالمى لتقلبات عديدة متأثراً باتجاهات الشراء والبيع ومدى الرغبة فى الاحتفاظ به وذلك وفقاً لحالات الرواج أو الجساد، وهو ما ينعكس بشكل مباشر على قيمته وسعره فى السوق المصرى كما أن الذهب يستخدم فى مصر لأغراض متعددة وليس للاستثمار فقط وهو ما يجعل منه بديلاً استثمارياً جيداً خاصة فى الأجل الطويل رغم ما يعترى سعره من تقلب وتذبذب مستمرين.
ودائع البنوك
فى حين تعتبر الودائع بالبنوك سواء بالعملة المحلية أو الأجنبية من أهم البدائل الاستثمارية المتاحة للأفراد نظراً لما تتمتع به من الأمان والضمان النسبى، وتوافر فائدة ثابتة على الأموال، بالإضافة إلى كونها ملاذاً آمناً فى أوقات الأزمات المالية والاقتصادية بغض النظر عن سعر الفائدة، ورغم ذلك فإن لجوء الأفراد إلى ايداع أموالهم فى البنوك يتأثر بشكل كبير بأسعار الفائدة السائدة فى السوق ومدى جاذبيتها، خاصة أن الودائع تعد بديلاً استثمارياً قصير الأجل، كما أن هناك بدائل استثمارية أخرى بفائدة أعلى لكن مع تحمل مخاطر أكبر نسبياً.
البورصة
أما الاستثمار فى شراء الأسهم والسندات فى سوق الأوراق المالية «البورصة» فهو من الأدوات الاستثمارية التى تزايدت أهميتها فى مصر منذ عام 1994 مع عودة البورصة المصرية للانتعاش والازدهار نتيجة تحرير الأسواق وتنامى العولمة ودخول الشركات متعددة الجنسيات فى السوق المصري، ومن ثم أصبحت البورصة المصرية جاذبة للاستثمار المحلى والأجنبي، لكن الاستثمار فى البورصة يعد من أشكال الاستثمار ذات المخاطرة العالية رغم ارتفاع عوائدها وذلك لأنها تعد انعكاساً مباشراً لحالة الاستقرار السياسى والاقتصادى فى المجتمع ومؤشراً لمعدلات الإنتاج وأداء الشركات ولذلك تسمى أحياناً «الأموال الساخنة» Hot money نظراً لدخولها وخروجها بسرعة من السوق.
هذا بالإضافة إلى أن أسواق الأوراق المالية غالباً ما تتسم بالمضاربة واحتكار قلة من المستثمرين «رجال الأعمال أو شركات السمسرة الكبري» للنسبة الأكبر من عمليات الشراء والبيع فيما يسمى «صانعى السوق» market makers، كما أن عمليات البيع والشراء فى البورصة لا تخلو أحياناً من بعض الممارسات غير المشروعة مثل التلاعب والفساد.
العقارات
تميز قطاع العقارات المصرى خلال السنوات الماضية بالجاذبية الكبرى للاستثمار خاصة بعد تبنى أسلوب بيع الأراضى بالمزادات فى المدن الجديدة ودخول مستثمرين عرب لهذا المجال، ما أدى إلى ارتفاع أسعار العقارات بشكل مبالغ فيه، لكن ذلك القطاع شهد تراجعاً ملحوظاً منذ عام 2008 وحتى الآن نتيجة الأزمة المالية العالمية وتراجع النشاط الاقتصادى بشكل عام بعد أحداث الثورة المصرية.
ورغم ذلك لا يزال السوق العقارى من البدائل الاستثمارية الجيدة فى مصر، خاصة خلال الفترة القليلة القادمة فى ظل احتفاظ أسعار الحديد والأسمنت ومواد البناء الأخرى بأسعارها نسبياً وتوقع ارتفاعها فى ظل تطبيق الزيادات الضريبية المنتظرة عليها.
الدولار
أما شراء الدولار للمضاربة على سعره فلا يعتبر أداة استثمارية مضمونة أو آمنة تماماً، حيث إن سعر الصرف يتعرض لتقلبات السوق بين قوى العرض والطلب وفقاً للمتغيرات والظروف السياسية والاقتصادية، ومن ثم فهو بديل استثمارى متاح لكنه قصير الأجل، وليس له أى مردود اقتصادى أو اجتماعى عام بل على العكس يؤدى الإفراط فيه إلى نتائج سلبية على الوضع المالى والنقدى والاقتصادي.
الاستثمار فى المشروعات
أما أهم وأفضل أنواع الاستثمار سواء للفرد أو للمجتمع فهو إقامة مشروع جديد أو شراء مشروع قائم أو التوسع فيه أياً كان المجال المستثمر فيه، حيث يحقق للفرد الربحية والتواجد طويل الأجل، كما أن له مردوده الاجتماعى المتمثل فى توفير السلع والخدمات للمجتمع والمساهمة فى زيادة النشاط الاقتصادى ودفع عجلة التنمية.
لكن حالة عدم الاستقرار التى تشهدها مصر تقلل من زيادة فرص هذا البديل فى ظل توقف نشاط العديد من القطاعات وهروب رؤوس الأموال الأجنبية من مصر وتجميد عدد من المشروعات الجديدة.
ومن ثم فإن جميع تلك البدائل يشوبها حالة من الغموض وزيادة درجة المخاطر، ما يزيد من حيرة المواطن المصرى للبحث عن أفضل البدائل المتاحة أمامه للاحتفاظ بأمواله أو استثمارها بعيداً عن مخاطر الخسارة أو فقد القيمة، خاصة فى ظل غياب الرؤية المستقبلية وعدم الاستقرار السياسى والاقتصادى والاجتماعى.