بقلم: رانيا الجمال ووليام ماكلين
قبل أيام من الاطاحة به، استقبل الرئيس المصرى السابق حسنى مبارك زائر رفيع المستوى من الإمارات العربية المتحدة، احدى دول الخليج التى دعمت أكثر الدول العربية اكتظاظا بالسكان ورجلها القوى المخضرم طويلا.
ما دار بين مبارك والشيخ عبدالله بن زايد آل نهيان، وزير خارجية دولة الامارات العربية، ليس معروفا، بالرغم من ان الهدف المعلن من الزيارة هو تسليم رسالة إلى مبارك من قبل حاكم الامارات، الشيخ خليفة بن زايد آل نهيان.
ولكن مغزى تلك الزيارة كان واضحاً حيث كانت لفتة من التفاهم والاهتمام بصديق قديم كان يثق به غالبية عرب الخليج دبلوماسيا ولاسيما فى مواجهته مع ايران، وسرعان ما انتقلنا إلى عام 2013 ولكن مع اختلاف صارخ لهذه الصورة.
توترت العلاقات المصرية الإماراتية جراء انتشار النفوذ الاسلامى فى المنطقة، فأصبح لمصر الان رئيس إسلامى منتخب مما كان له عواقب لم تقتصر فقط على هاتين الدولتين بل امتدت إلى جميع الدول العربية التى ضربتها الاحتجاجات المناهضة للحكام الدكتاتورين التى اندلعت منذ عامين.
تنظر الدول العربية المكتظه بالسكان مثل مصر إلى دول الخليج كمصدر للاستثمار والتمويل فضلاً عن عمل مواطنيها بتلك الدول، الأمر الذى يعد الحكام الذين يواجهون ضغطا غير مسبوق لتوفير الوظائف والخدمات فى أمس الحاجة اليه.
تعهدت الامارات العربية المتحدة، التى تعد موطنا لنحو 380 ألف مصرى يعملون بالخارج ومستثمر رئيسى فى مصر، بمنح القاهرة 3 مليارات دولار فى صورة مساعدات عام 2011، الا ان هذه الأموال لم يتم تحويلها حتى الان، وقد أخبر احد المصادر المصرية المطلعة على المسألة وكالة رويترز ان السبب الرئيسى فى ذلك يعود إلى عدم الاستقرار السياسى فى مصر بعد الثورة.
قد يكون انهيار العلاقات بين تلك الدولة العربية ذات الثقل السياسى ودول الخليج الغنية أمراً غير وارد، ولكن الفتور غير المألوف فى تعاملاتهما يعكس علاقة معقدة آخذة فى الازدياد بين هاتين الدولتين.
ومن المتعارف عليه على مدار التاريخ ان تمد دول الخليج الدول العربية الاقل فقرا بالمساعدات والاستثمارات وفى المقابل تحصل على الدعم الدبلوماسى وفى بعض الأحيان على الحماية العسكرية أيضا.
تقول جين كينينمونت، الباحثة فى مركز تشاتهام هاوس البريطانى للبحوث ان التوتر بين مصر والامارات لديه تأثير كبير على نجاح الفترة الانتقالية بالدول العربية، فهناك العديد من الدول التى تمر بمرحلة انتقالية وتقابل احتياجات اقتصادية ضخمة ومن الطبيعى ان تتطلع إلى دول الخليج العربى الغنية.
قد يؤثر الاخوان المسلمون فى مصر الذين يثيرون غضب الامارات على علاقاتها بالدول الاخرى مثل سوريا حيث يلعب الاسلاميون هناك دورا رئيسيا فى الثورة ضد بشار الاسد، وقد يدفع حكام مصر الجدد البلاد اقرب نحو ايران الشيعية التى تعد العدو اللدود للخليج، ويخشى حكام الخليج ان تتبع جماعة الاخوان المسلمين سياسة تتسم باللين مع ايران بخلاف مبارك بالرغم من انها جماعة سنية.
تحتاج دول الخليج ان تنعم مصر بالرخاء لعدد وفير من الاسباب ولاسيما حماية استثماراتها، وقد انزعج حكام الخليج بشكل كبير من اسقاط مبارك ومما زاد ارباكهم صعود جماعة الاخوان المسلمين إلى السلطة والتى أشارت إليها الدبلوماسية الأمريكية ذات مرة على انها العدو القاتل للامارات العربية المتحدة.
يقول ريتشارد ليبارون، السفير الأمريكى السابق فى الكويت، اتبعت دول الخليج العربى التى تشعر بالقلق حيال الاخوان المسلمين نهج الترقب تجاه القادة الجدد فى مصر وتونس قبل الالتزام بأى مبالغ كبيرة اضافية ويبدو أنها لا ترى أى ضرورة للاسراع فى اتخاذ مثل هذه القرارات.
ويرى باحث لدى كارنيج انداومنت ان الروابط الاماراتية- المصرية قد تواجه مزيداً من الاضطرابات الا ان الامور قد تتم تسويتها جراء وجود مصالح مشتركة بما فى ذلك حاجة الخليج إلى مواجهة النفوذ الإيرانى وحاجة الاخوان المسلمين إلى استثمارات الخليج.
إعداد: نهى مكرم
المصدر: وكالة رويترز








