بقلم:عماد الدين حسين _ الشروق
تلقيت رسالة من سيدة فاضلة على صفحتى فى الفيسبوك تسألنى إذا كنت أعرف قادة جبهة الإنقاذ كى أقنعهم بالمشاركة فى الانتخابات النيابية المقبلة والعدول عن قرار المقاطعة الذى اتخذوه الأسبوع الماضى.
تقول هذه السيدة فى رسالتها إنه يفترض أن هناك 48٪ من الناخبين صوتوا لأحمد شفيق فى انتخابات الرئاسة، يضاف إليهم أصوات أخرى يمكن للمعارضة الحصول عليها، فما الذى يدفعهم للمقاطعة وعدم مواجهة جماعة الإخوان بنفس طريقة لعبها التى تمارسها كل مرة وهى المشاركة حتى وهى تعرف أن الحزب الوطنى سيزور الانتخابات فى كل مرة قبل الثورة؟!.
كلام هذه السيدة نظريا يبدو منطقيا لأن الأصل فى العمل السياسى هو المشاركة وليس المقاطعة، والوصول إلى الناس ودخول البرلمان والمحليات للوصول إلى السلطة لتنفيذ البرامج، وليس فقط المعارضة عبر الوسائل الاحتجاجية.
طبعا لدى جبهة الإنقاذ منطق آخر يقول إنها يئست من سياسات الرئاسة والجماعة وليس أمامها بديل إلا المقاطعة حتى تنزع عنهم أى مشروعية سياسية.
لكن هناك منطقا ثالثا بين المشاركة الكاملة بلا شروط كما يتمنى الإخوان والمقاطعة الشاملة كما يريد صقور جبهة الإنقاذ.
هذا الطريق الثالث يتمثل فى المزج بين النقيضين، أصحاب هذا السيناريو يقولون إن المقاطعة الشاملة ستعنى ترك الملعب كاملا أمام الإخوان كى ينفذوا خطتهم، ويتفقون فى أن المشاركة بلا شروط تعنى «الانبطاح الكامل» وإعطاء مشروعية سياسية للحكومة من دون الحصول على أى ثمن سياسى.
وبالتالى يمكن بذل كل جهد عبر المشاركة من دون إسباغ المشروعية السياسية، بمعنى أن المشاركة ستعطى كوادر المعارضة فرصة للممارسة السياسية الجادة، وربما تؤهلهم فى المرة المقبلة للوصول إلى الحكم، عندما يكتشف الناس أن برامج الإخوان بلا مضمون طبقا لكلام المعارضة.
ويستند أصحاب الطريق الثالث إلى ضرورة أن تستعد المعارضة ببديل جاهز ومفصل أو «الخطة ب» حيث يمكن أن تستجيب مؤسسة الرئاسة فجأة لمعظم مطالب المعارضة، بما فيها تشكيل حكومة إنقاذ وطنى أو إبعاد الوزارء المحسوبين على الإخوان من الوزارات والمؤسسات ذات التماس بالانتخابات كى تقول للناس لقد استجبت لكل مطالبهم لكنهم يصرون على المقاطعة لأنهم بلا جماهيرية.
تقديرى المتواضح أنه فى السياسة لا يوجد موقف ثابت ودائم على طول الخط، بل هناك رؤية مبدئية تصاحبها قرارات ومواقف متغيرة طبقا للتطورات السياسية، ودليلنا على ذلك هو الخلاف بين حزبى النور مع جماعة الإخوان ومؤسسة الرئاسة رغم أنهما ينتميان لنفس المعسكر الإسلامى.
معظم قادة جبهة الإنقاذ زملائى وبعضهم أصدقائى، ولا أستطيع أن أزايد عليهم أو أعطيهم دروسا، لكن أتمنى أن تكون لديهم بدائل جاهزة لأى قرار يتخذوه.
عليهم أن يفكروا فى سيناريو مفاده أن مقاطعتهم قد يترتب عليها توسع حزب الحرية والعدالة فى عملية الأخونة، وعندما يفيقون من غفوتهم يكتشفون أن الأمر يشبه سياسات الاستيطان والتهويد الإسرائيلية فى الأرض المحتلة، كل يوم يمر تزيد وتتفاقم، ويلوم الفلسطينيون والعرب أنفسهم لأنهم لم يقرأوا الواقع جيدا ويتعاملوا معه كما ينبغى.
مرة أخرى لا أطالب الإنقاذ بتغيير موقفهم المقاطع فربما كان لديهم أسباب ومبررات لا أعرفها، لكننى فقط أطالبهم بأن تكون البدائل واضحة ومضمونة، حتى لا يتفاجئوا بأن الشعب نسيهم وصاروا مثل الهنود الحمر!!.








