بقلم: شارليز كروثامر
من المعروف أن الرئيس المصري محمد مرسي التابع لجماعة الإخوان المسلمين معاد لليهود ولا يقبل الرأي الآخر بشكل كبير، فمنذ ثلاث سنوات فقط دعا مرسي المصريين لتربية ابنائهم علي كراهية اليهود الذين وصفهم بأنهم أحفاد القردة والخنازير.
وبالرغم من ذلك لا ينبغي قطع المساعدات عن مصر، ليس لانه يتعين علينا دعم الانظمة غير الصديقة ونحن مغمضو الأعين، فمنتهي العقلانية أن نقطع المساعدات عن الحكومات التي تعد في جوهرها عدائية وابعد ما تكون عن نفوذنا حيث إن دعم الاعداء غباء حتمي.
ولكن مصر ليست عدوا، فربما لم تعد حليفنا العربي الاقوي ولكنها مازالت داخل اللعبة، يهدف الإخوان المسلمون إلي تأسيس ديكتاتورية إسلامية، ولكنهم مازالوا ابعد ما يكونون عن تحقيق هذا الهدف.
فلماذا يتعين علينا الاستمرار في التورط معهم ومشاركتنا تعني استخدام نفوذنا الاقتصادي.
مرسي لديه معارضة كبيرة، فمنذ ستة أسابيع، اندلعت مظاهرات قوية ضد الإخوان المسلمين في المدن الرئيسية واستمرت بشكل متقطع منذ ذلك الحين، كما أن مرسي فاز بالانتخابات الرئاسية بفارق ضئيل جدا عن منافسه بالرغم مما يتميز به الإخوان المسلمون من التنظيم الرائع وتاريخهم مع الخدمات الاجتماعية.
علاوة علي ذلك، فإن كونهم في وضع المعارض بشكل دائم، نجي الإخوان المسلمين من اللوم علي وضع البلاد يوم الانتخابات، ولكن كونهم الان في السلطة، فقد بدأوا يتحملون مسئولية اوضاع مصر المزرية من انهيار الاقتصاد وارتفاع معدلات الجريمة وعدم الاستقرار الاجتماعي «التي خلفها النظام السابق».
لا يوجد شيء حتمي بشأن حكم الإخوان المسلمين، فالمشكلة أن الأحزاب الديمقراطية العلمانية مفتتة وغير منظمة وتفتقر إلي القيادة. يجب أن تكون أي مساعدة خارجية لمصر مشروطة بالتراجع عن هذا القمع واتاحة الفرصة للعناصر المدنية، الديمقراطية المناصرة للغرب.
وهذا هو الخطأ الذي ارتكبه جون كيري، وزير الخارجية الامريكي، حيث إن خطأه لم يكن في استخدام الدبلوماسية الدولارية في رفع الروح المعنوية للمصريين، ولكن في تخصيصها للاصلاح الاقتصادي بدلا من الاصلاح السياسي.
هدف كيري الرئيسي هو حمل مرسي علي التقدم بطلب رسمي للحصول علي قرض صندوق النقد الدولي الذي يبلغ 4.8 مليار دولار، ونظراً لأن جزءاً من هذا القرض سيكون في نهاية المطاف من اموالنا، فهناك شيء من السخرية في هذا الطلب، فأي نوع من الامتيازات سيعود علينا في اجبار دولة اجنبية علي اخذ المزيد من أموالنا؟
ليس لدينا أي مصلحة خاصة في اقتصاد مصر، ولكن مصلحتنا تكمن في طبيعة سياسات القاهرة، فبالطبع نريد أن نري اقتصادا قويا، ولكن ليس في دولة يحكمها الإخوان المسلمين.
مصلحتنا أن تكون مصر غير إسلامية، غير قمعية، غير طائفية وتحكمها الديمقراطية بقدر الامكان، فلماذا نريد اقتصادا قويا في مصر يحفظ للإخوان المسلمين بقاؤهم في السلطة؟ وشغلنا الشاغل هو سياسة مصر الداخلية والخارجية.
إذا كنا سنعطي القاهرة مساعدات خارجية فلابد أن تكون من اجل تسويات سياسية وحرية التعبير ومعارضة حرة، ومن اجل ايضا تعديل الدستور الإسلامي وانتخابات حرة نزيهة.
نحن نقدم المساعدات الخارجية لسببين، اولا: لدعم حلفائنا الذين يشاركوننا قيمنا ومصالحنا، ثانيا: للحصول علي تنازلات من انظمة غير صديقة إلي حد ما والتي إما أنها تجعل سياستها أكثر انسجاما مع سياستنا أو تدعم منافسة الجهات الأكثر ميلا إلي الاهداف الامريكية.
هذا هو الهدف من المساعدات الخارجية، وهي مهمة بشكل كبير في بلدان مثل مصر، ولكنها لن تؤتي ثمارها الا اذا بقينا متيقظين في المقام الاول حيال السبب وراء اعطائها كل هذه الاموال.
إعداد: نهي مكرم
المصدر: واشنطن بوست








