احتاج البنك المركزي إلي أقل من شهرين تحت رئاسة المحافظ الجديد ليقوم بتغيير اتجاه السياسة النقدية تماماً.
وبدلاً من السياسة السابقة التي كانت تدعم البنوك وتمدها بالسيولة للسيطرة علي معدلات الفائدة المرتفعة، تبني البنك سياسة مختلفة تقوم علي تعقيم السوق ورفع أسعار الفائدة لمساندة العملة المحلية التي شهدت تآكلاً كبيراً منذ بداية العام الماضي.
وتغيرت اتجاهات مؤشر التضخم ارتفاعاً ليكتسب ما يعادل 2.25% خلال شهر واحد، ليصل الرقم الأساسي 7.68% بنهاية فبراير و8.21% للرقم العام.
و قام البنك بتجميد العمل بـ” الريبو ” الأسبوع الماضي واستبدله بآلية الودائع المربوطة بعائد 10.25% سنويا بهدف سحب السيولة من البنوك لمحاربة معدلات التضخم التي أخذت اتجاه الارتفاع.
كما رفع أسعار العائد علي الكوريدور للمرة الأولي منذ ستة عشر شهرا ليسجل 9.75% للإيداع و10.75% للاقراض بهدف رفع معدلات الادخار بالبنوك وتقليل القوي الشرائية للمواطنين وكبح زمام الأسعار المرتفعة.
قال محمد طه، نائب رئيس بنك القاهرة، رئيس قطاع الخزانة إن التضخم السبب الأساسي والمتغير الوحيد الذي تسبب في تغيير البنك المركزي لسياساته بهدف تخفيض مستويات السيولة في السوق وتخفيض القوي الشرائية للأفراد للحد من ارتفاعات الأسعار المتوالية، لاسيما في ضوء الحزم الضريبية الجديدة ورفع الدعم علي بعض السلع.
أضاف طه ان هناك العديد من الآليات التي اتوقع ان يقوم البنك المركزي بتطويعها من أجل كبح زمام التضخم والحد من مستويات السيولة في السوق، لافتا إلي أن ذلك سيحمل المركزي تكاليف كبيرة ولكنه صميم عمله.
واستبعد نائب رئيس بنك القاهرة عودة المركزي لرفع نسبة الاحتياطي الإلزامي علي البنوك مرة أخري، مشيرا إلي أن الهدف الأساسي من تخفيض الاحتياطي الإلزامي هو تخفيض تكلفة الأموال بالبنوك في ضوء تراجع مستويات التوظيف والوقت الراهن لا يسمح بالرجوع في ذلك القرار.
ومن جانبه، قال حاتم يوسف، مسئول خزانة بأحد البنوك الخاصة ان التضخم وارتفاع الأسعار من اهم الأسباب التي دفعت المركزي لتغيير جميع سياساته والبحث عن آليات لسحب السيولة من السوق لذا جمد المركزي آلية الريبو التي كانت توفر قناة للبنوك لكي تحصل علي مزيد من السيولة بهدف الحد من القروض الاستهلاكية التي تمنحها البنوك للعملاء.
أضاف يوسف أن البنك المركزي غير مسئول عن التأثيرات السلبية التي تتحملها وزارة المالية من جراء آلياتها، لافتا إلي ان الحكومة عليها العمل علي سد العجز في الموازنة العامة لها بعيدا عن آليات المركزي التي من خلالها يستهدف الحد من ارتفاعات الأسعار والحفاظ علي قيمة الجنيه امام الدولار الأمريكي.
وأشار محمد البيك، رئيس قطاع الخزانة بالبنك العقاري العربي إلي أن المركزي لديه العديد من الآليات التي يستخدمها وفقاً للوضع الاقتصادي بالسوق والمتغيرات التي تلحق به من حين لآخر، مشيرا إلي أن ارتفاع معدلات التضخم مع وجود مؤشرات بمزيد من الارتفاع الفترة المقبلة دفع المركزي لتغيير سياساته وأبرزها رفع سعر العائد علي الكوريدور وكذلك تجميد آلية الريبو واستبدالها بمنتج الوادئع المربوطة كي تقوم البنوك بربط فائض سيولتها بالمركزي تخفيفا من أعبائها وتخفيضاً لمستويات السيولة لديها.
واشار البيك إلي أن ارتفاع تكلفة الاموال بالبنوك سيلزمها برفع العائد علي القروض لاسيما قروض الأفراد الأكثر تكلفة وبالتالي تخفيض معدلات المنح وتخفيض القوي الشرائية لاسيما الاستهلاكية.
وتوقع البيك أن يستمر المركزي باتخاذ موقف معادٍ ضد معدلات التضخم من خلال الآليات المتاحة دون توقف، حتي تعود لمعدلاتها وتعيد تعديل سياساتها لضخ السيولة ودعم النمو والاستثمار.