الآن، وبعد أن خرجت النسخة الأولي من نظارة جوجل إلي النور ـ وبأعداد محدودة جداً ـ حان الوقت كي نصوب أنظارنا تجاه الخطوة التالية التي سيأتي بها سيرغي برين، الشريك المؤسس لـ« جوجل »، وكبير المخترعين في هذا المشروع فقد كشفت مدونة «باتنت بولت ـ patent bolt» مؤخراً عن قيام شركة جوجل بتقديم طلب للحصول علي براءة اختراع عن نسخة جديدة ثنائية العرض من نظارتها.
ولا شك أن ما فعلته جوجل في نسختها الأولي من النظارة كان أمراً مثيراً للإعجاب حقاً، فقد ابتكرت أسلوب عرض يتيح للمستخدم متابعة الصور الصادرة عن حاسوب منفرد ضمن مجاله البصري، وبذلك تكون قد نجحت في إيجاد ما يعرف باسم «الواقع المعزز ـ augmented reality» لكن القدرة علي إتاحة العرض الثنائي لكلتا العينين «أي مشاهدة صورتين في آن واحد» يتطلب إجراء تعديلات دقيقة، نظراً للتفاوت بين الأشخاص في حجم الرأس، فضلاً عن ضرورة العمل باستمرار علي المواءمة بين الصورتين بالتزامن مع حركة الرأس.
لذا فإن أهم ما يميز طلب براءة الاختراع رقم «206338» الذي تقدمت به جوجل، هو الأنظمة الميكانيكية والليزرية المعدة علي نحو خاص لمعالجة التفاوت الأولي الكبير «كحجم الرأس» والاختلافات البسيطة في درجة الحرارة وحركة الرأس، من أجل خلق مواءمة فاعلة وموثوقة بين الصورتين.
وسوف يعمل العرض الثنائي علي تحسين تجربة «الواقع المعزز» إذ سيدمج الإشارات المكانية الدقيقة مع واجهة المستخدم علي غرار ما يستعمل من أدوار محسنة في واجهة البعد الثنائي الحالية لكن من الضروري إجراء اختبارات استخدام مكثفة كما يحدث الآن مع النسخة الحالية من النظارة لاستكشاف طرق تحكم أفضل في مختلف المواقف ومثال ذلك: يمكن للمرء أن ينتقل بالنظارة من العرض الثنائي إلي العرض الأحادي أو إطفاؤها كلياً بنقرة بسيطة علي القطعة الجانبية.
وبالرغم من أن الرسومات المصاحبة لطلب براءة الاختراع، تجعل أداة جوجل تبدو كأنها مجرد نظارة عادية، لكني أري أن هذه الرسومات لا تعدو كونها وصفاً عاماً لما ستكون عليه النظارة الاستثنائية، فقد وضعت جوجل تصميماً ذكياً للنسخة الأولي من النظارة، وأتوقع أن تفعل الشيء ذاته مع النسخة الثانية.
ولقد لاحظت عند تأملي تصميم النظارة في نسختها الأولي أن جوجل تسعي إلي وضع هيكل قياسي يتيح لها إضافة عدد من الملحقات فيما بعد دعوني أشرح لكم هذه المسألة في ضوء الحديث عن ملحقين رئيسيين يضطر بعض الأفراد إلي وضعهما علي الرأس، وهما:
العدسات وأجهزة تقوية السمع اللذان يعد كلاهما من أسباب الحرج الاجتماعي بدرجات متفاوتة.
تحتوي النسخة الحالية من نظارة جوجل علي ملحق النظارة الشمسية التي يمكن وضعها أو إزالتها بسهولة عن الإطار الأساسي، لذا فلا شيء يمنع من أن يستعاض عن هذا الملحق بنظارة طبية وبما أن نظارة جوجل تستخدم أسلوب التوصيل العظمي لنقل الصوت بدلاً من السماعة، فإن وجود وسيلة غير بارزة لتضخيم الصوت يتيح إمكانية أن تستخدم النظارة كأداة لتقوية السمع عند أولئك الذين يعانون من ضعف سماعي بسيط.
هناك عدد كبير من الأشخاص الذين يعانون من مشكلات في السمع وذلك نتيجة ترددهم إبان مرحلة المراهقة علي الحفلات الموسيقية الصاخبة دون الاحتراز بوضع سدادات الأذن لذا فنحن نراهم يكثرون من الإيماء برؤوسهم عند عجزهم عن تمييز بعض الأصوات أو الكلمات، ما يتسبب لهم بحرج اجتماعي كبير لكن نظارة جوجل جاءت بالحل، فهي تجعل الأدوات التي توضع في محيط ا لرأس تبدو جذابة وحالما يقبل الجميع علي ارتداء هذه الأدوات، فسوف يتلاشي الحرج الاجتماعي تدريجياً.
وفضلاً عن الناحية الاجتماعية تقدم نظارة جوجل فوائد أخري، فإن كنت تعاني من عمي الألوان أو من ضعف القدرة علي القراءة أو نحو ذلك فإن جوجل ستعمل علي ابتكار تطبيقات جديدة للنظارة بحيث تساعد في حل هذه المشكلات كلها.
لكن أعتقد أن تعزيز الملحق السمعي سيكون عنصر الجذب الأكبر بالنسبة لنظارة جوجل، بإدخال المزيد من الدوائر الالكترونية، مما سيغدو بالإمكان معالجة أطياف الصوت المختلفة بصورة مستقلة، كما هي الحال مع أنظمة الـ«ستيريو» المتطورة أو أجهزة تقوية السمع وسيشكل أنموذج السمع الثنائي في هذه الحالة، حلاً أكثر فاعلية من الأنموذج الأحادي فبعض الأشخاص لا يعانون من قصور متفاوت في المستويات السمعية المختلفة فقط، بل قد يحدث التفاوت بين أذني الشخص ذاته وإذا استقبل الدماغ إشارات مشوشة من كلتا الأذنين، فإنه يتوقف عن استخدام أسلوب الفصل الثنائي كوسيلة لتمييز الأصوات في الهواء وحالما تستعاد القدرة علي السمع وعلي الفصل بين إشارات الأذن اليمني واليسري يستأنف الدماغ عملية التحليل، مما يؤدي إلي تحسين الإدراك السمعي إجمالاً.
وعلي الرغم من توالي ردود الأفعال المتهكمة علي نظارة جوجل وارتفاع سعرها المقدر بحوالي 1500 دولار، فأنا أري أن هذا المنتج سيشهد إقبالاً واسعاً عما قريب، وبصورة أسرع مما يتوقع الناس كما أعتقد أن قيام شركة أبل بتسريب معلومات حول ساعتها «iwatch» كان يهدف إلي منافسة جوجل وليس سامسونج كما قيل منذ فترة وجيزة ولقد لاحظنا خلال الشهر الماضي أن الأخبار الصحفية المتعلقة بنظارة جوجل تحتل مساحة أكبر من أخبار ساعة «iwatch»، مما يجعل هذا الأمر يشير إلي نقطتين مهمتين: أولاً، هناك اهتمام ضخم بمنتجات «الواقع المعزز» مع أنها لم تتوافر في الأسواق بعد وثانياً، مازال علي ساعة «iwatch» من أبل أن تقطع شوطاً طويلاً قبل أن تتمكن من لفت أنظار الناس، بعكس منتج شركة جوجل الذي نال الإعجاب بالفعل.








