خبراء يطالبون بتعديلها بعد صفقة « سوسيتيه جنرال ».. وآخرون يؤكدون أهميتها في جذب الاستثمار
مصطفي عبدالقادر : الاتفاقيات تهدف إلي مكافحة التجنب الضريبي والتهرب من خلال تبادل المعلومات
عمرو المنير : ضرورية نتيجة انتشار الشركات متعددة الجنسيات
شريف الكيلاني : « أوراسكوم » و« السويدي » و« عامر » أكثر الشركات استفادة من الاتفاقيات
أثار إعفاء الجانب الفرنسي من تسديد الضرائب عن صفقة بيع بنك « سوسيتيه جنرال » الجدل عن الجدوي الاقتصادية من اتفاقيات الازدواج الضريبي ، والمعايير التي يختار علي أساسها البلدان التي توقع مصر معها مثل هذه الاتفاقيات.
واختلف الخبراء حول أهمية وجدوي هذه الاتفاقيات، منهم من يري أنه لابد من تعديلها وفقاً للظروف الجديدة، وآخرون يفضلون الإبقاء عليها دون تعديل نظراً لاحتواء هذه الاتفاقيات علي مبدأ المعاملة بالمثل، مما يعطي المستثمر المصري نفس المزايا حال استثماره بالخارج.
أكد مصطفي عبدالقادر ، رئيس قطاع الاتفاقيات الدولية بمصلحة الضرائب ، أن اتفاقيات الازدواج الدولية تهدف إلي مكافحة تجنب كل من الازدواج والتهرب الضريبي، بين الدول من خلال تبادل المعلومات، مشيراً إلي أن الاتفاقيات تعمل علي إيجاد آليات لحل وتسوية المنازعات من خلال إجراءات الاتفاق المشترك التي تصل إلي حد التحكيم وفقا للنماذج الدولية الحديثة، حيث إنها تضمن عدم التمييز بين مستثمري الدولتين، بالإضافة إلي المساعدة في تحصيل الضريبة، سواء تعلقت بتحصيل الضريبة من المستثمر الأجنبي أو ممولي الدولة ذاتها.
و أشار إلي أن الاتفاقيات لا تمهد الطريق فقط وإنما جذب الاستثمارات الأجنبية يعتمد بصفة أساسية علي المناخ السياسي والاقتصادي للدولة.
وقال إنه فيما يتعلق بعدد الاتفاقيات التي أبرمتها مصر ودخلت حيز النفاذ بلغت 59، وأن هناك ما يزيد علي خمس اتفاقيات تنتظر إجراءات التصديق، وأن ما يزيد علي خمسة اتفاقيات موقعة بالأحرف الأولي، وحوالي عشر اتفاقيات في مرحلة التفاوض.
وقال إنه فيما يتعلق بالموقف الضريبي للأرباح الرأسمالية الناجمة عن بيع أو الاستحواذ علي الأسهم وفقا للاتفاقيات النموذجية فإن المعاملة الضريبية للأرباح الرأسمالية، إذا تعلقت بالأموال العقارية يكون فرض الضريبة حق الدولة التي يقام علي أراضيها العقار، أما إذا تعلقت الأرباح الرأسمالية بمنشأة دائمة – أي فرع مثلاً – فيكون للدولة التي بها الفرع الحق في فرض الضريبة مع مراعاة أن “سوسيتيه جنرال مصر” ليس فرعاً وإنما هو شركة تابعة لـ” سوسيتيه جنرال ” فرنسا.
وأضاف أنه إذا تعلقت الأرباح الرأسمالية بشركة تعمل في النقل الدولي، يكون للدولة التي يوجد بها مركز الإدارة الفعلية الحق في فرض الضريبة، مشيرا إلي أن ذلك ما تفعله مصر مع شركة مصر للطيران .
وأشار إلي أنه بالنسبة لأية أرباح رأسمالية من غير هذه الأنواع فإنه يكون لدولة الإقامة الحق في فرض الضريبة، لافتا إلي أن هذا ماحدث مع صفقة “سوسيتيه جنرال”.
أوضح أن الأرباح الرأسمالية الناتجة عن بيع أو الاستحواذ علي الأسهم تعطي لدولة الاقامة – وهي فرنسا في هذه الحالة الحق في فرض الضريبة، مشيراً إلي أن هذا لا يعد خسارة لمصر باعتبار أن هذه الاتفاقية تقوم علي أساس المعاملة بالمثل، لافتا إلي أنه إذا كانت هذه الصفقة تتعلق بشركة تابعة كائنة في فرنسا ومملوكة لشركة قابضة مصرية، يكون الحق في فرض الضريبة في هذه الحالة لجمهورية مصر العربية.
وقال إن العمليات التي تطبق عليها الاتفاقية، تتعلق بشأن الضرائب علي الدخل، مشيراً إلي أن الأمر يتعلق بأي نشاط أو صفقة خاضعة للضريبة، وفقاً لأحكام القوانين الداخلية، كما هو الحال بالنسبة للقانون (91) لسنة 2005 بإصدار قانون الضريبة علي الدخل، وأنه لاعلاقة في هذه الحالة بإقامة المستثمر في مصر من عدمه وأن العبرة في تحقيق هذا المستثمر لأرباح أو دخول أو إيرادات من نشاطه في مصر.
وأضاف أنه يشترط لخضوع هذه الارباح أو الدخول أو الإيرادات للضريبة في مصر أن تكون خاضعة للضريبة وفقا للقانون المصري، وأن تعطي الاتفاقية في ذات الوقت لجمهورية مصر العربية الحق في فرض الضريبة.
قال محمد عمران، وكيل أول وزارة المالية رئيس قطاع الشئون القانونية بمصلحة الضرائب سابقا، إن هناك نموذجين متبعين لاتفاقيات الازدواج الضريبي عالمياً، نموذج الأمم المتحدة الخاص بالاتفاقيات بين الدول الفقيرة، والآخر نموذج منظمة التعاون الاقتصادي الأوروبي “o.e.c.d” الخاص بالدول الغنية، مشيراً إلي أن الثاني هو السائد عالميا.
وأوضح أن الغرض من عقد اتفاقيات الازدواج جذب استثمارات أجنبية، والاستفادة من التكنولوجيا عن طريق تبادل المعلومات، بالإضافة إلي أن سعر الضريبة في الاتفاقية يكون اقل من الضريبة المقررة في قانون الدولة.
وأوضح أن الاتفاقيات جزء من القانون الداخلي للضرائب، تشمل القانون المطبق، والاتفاقيات الموقعة مع الدول.
وطالب عمران المستثمرين المصريين بالاستفادة من مثل هذه الاتفاقيات عن طريق إقامة مشروعات كبري مع دول الاتفاقية وفتح اسواق خارجية جديدة، نظراً لانخفاض سعر الضريبة وعملا بمبدأ المعاملة بالمثل الذي تنص عليه الاتفاقية.
وأضاف أن الاتفاقيات تنظم جميع الأنشطة الاقتصادية للدول من خلال سعر الإتاوات وعوائد السندات وأرباح النشاط التجاري والصناعي وتوزيعات الأرباح الرأسمالية.
وفي ذات السياق، يري عمرو المنير، شريك قطاع الضرائب بـ”برايس واتر هاوس كوبرز مصر” أن هذه الاتفاقيات ضرورية لتنظيم التعامل بين الدول نتيجة انتشار شركات متعددة الجنسيات، وتعدد المنشآت المقيمة في دولة وتمارس نشاطا في بلدان اخري.
وأشار المنير إلي أن هناك معيارين لفرض الضرائب، الأول علي جميع إيرادات المقيم في هذه الدولة سواء المحققة داخلها أو خارجها فيما يعرف بعالمية الإيراد، والمعيار الآخر مصدر الدخل، وفي حالة إجراء أي منشأة عمليات تجارية من خلال الاستثمارات أو منح قروض أو تقديم خدمات، فإنها تخضع إلي ضريبة الدولة.
ونتيجة لاختلاف معايير الخضوع بين الدول ينتج مايعرف بالازدواج الضريبي، مشيرا إلي أنه لذلك ووفقاً لاتفاقية فيينا التي تنظم العلاقات بين الدول، تعقد اتفاقيات بين الدول لمنع الازدواج، ثنائية أو جماعية.
أشار إلي أن الهدف من هذه الاتفاقيات تقاسم الضريبة أو منح الحق لإحدي الدولتين في فرضها مع منح ائتمان ضريبي في الدولة الأخري، وهي إحدي وسائل تشجيع الاستثمار والحصول علي القروض والخدمات، وتهدف – أيضاً – إلي تقديم المعونة الفنية من قبل الدول الأكثر تقدما.
وعن نموذج بيع بنك سوسيتيه جنرال الذي تراجعت الحكومة عن فرض ضريبة عن بيعه لبنك قطر الوطني بعد تعديل القانون في مجلس الشوري، فإن مصر تعتبر دولة الدخل وفرنسا بلد الاقامة ومن ثم تخضع الصفقة ضريبيا في فرنسا فقط.
وأوضح ان المعاملة بالمثل حال وجود شركة أو أفراد مقيمين في مصر باعوا أسهماً في شركة فرنسية فإن الضريبة تخضع في مصر وليس في فرنسا، وفي حال عدم وجود اتفاقيات ازدواج ضريبي فإنها تحصل في مصر أيضاً.
وقال حمدي هيبة، مستشار الجمعية المصرية للمالية العامة والضرائب، إن غالبية الاتفاقيات تحتوي علي 29 مادة قانونية يصدر بشأنها تشريع من قبل مجلس الشعب ثم تقر من قبل رئيس الجمهورية لسريانها ودخولها حيز التنفيذ.
وأشار إلي أن الاتفاقية خاصة بالمستثمرين الأجانب، بالإضافة إلي الشخص غير المقيم ويعمل في أنشطة بدولة إقامته، فالاتفاقية تتعلق بالأشخاص الذين يحققون دخلاً في دولتين.
وأوضح أن كل اتفاقية لها ظروفها الاستثمارية والاقتصادية الخاصة، حيث تعتمد علي قوة المفاوض ومدي قدرته علي إملاء شروطه مع الدول الموقع معها، مشيرا إلي أن الدول الكبري – في الغالب – من تفرض شروطها.
وفيما يتعلق بصفقة استحواذ سوسيتيه انتقد هيبة مبدأ التعميم باعتبار أن الحصيلة الضريبية المحققة منخفضة، وفقاً للاتفاقية الموقعة مع فرنسا التي تعفي أرباح بيع الأوراق المالية من إخضاعها في مصر، مشيرا إلي أن غالبية الاتفاقيات تخضع إلي الارباح في دولة الإقامة وليس التي تحقق فيها الربح.
وأضاف هيبة أن بيع أصول وعقارات تخضع في الدولة مصدر الأرباح باعتبار رأسمالية ناتجة عن بيع الأصول.
وأكد أنه في حالة حدوث خلاف عند تفسير النص الضريبي “عربي أو إنجليزي ” فإن المشرع يأخد بالنص الاجنبي باعتباره الاقوي.
وأشار إلي أن الحكومة المصرية ومصلحة الضرائب موقعة العديد من الاتفاقيات مع كبري الدول كالولايات المتحدة الامريكية وبريطانيا وفرنسا والمانيا والصين وماليزيا.
وقال شريف الكيلاني، الشريك التنفيدي لقطاع الضرائب لارنست ويونغ الشرق الاوسط، إن الشركات المصرية العاملة بالخارج هي من استفادت من اتفاقيات منع الازدواج الضريبي، خاصة أوراسكوم والسويدي وعامر جروب والمقاولين العرب، حلث تمتلك استثمارات خارجية.
وأوضح الكيلاني أن النفع العائد علي الدولة من الاتفاقيات قليل نسبيا، مشيرا إلي أن الدول الاخري هي من استفادت منها، ومثالاً علي ذلك التجربة الإماراتية التي استفادت من الاتفاقيات، نتيجة خروج المسثتمر للاسواق الأوروبية والآسيوية، مشيرا إلي أن مثل هذه الاتفاقيات هامة لتبادل المعلومات بين الدول الموقعة.
أحمد فرحات







