الموقف المالي المتدهور أكبر التحديات التي تواجه الإدارة الجديدة للبنك
عدم تناسب رأس المال مع عدد الفروع والعاملين وحجم النشاط والخسائر المتراكمة تهدد بإفلاس البنك
%3.2 معدل كفاية رأس المال والحديث عن الالتزام بقواعد « بازل 2 » رفاهية
وقف الحكومة عن استغلاله سياسياً أبرز الخطوات التي يتعين إنجازها
واحد من أبرز التحديات التي تواجه الإدارة الجديدة للبنك هو موقفه المالي المتدهور، وحاجته إلي زيادة قاعدته الرأسمالية بكل شرائحها، ويعاني البنك من الأداء المالي السيئ علي مدار الأعوام الأخيرة نتيجة التداخلات السياسية في إدارته وهو ما أدي لتكبده خسائر نتيجة عمله علي أسس غير مصرفية.
وقال موظفو البنك ان البنك يعاني من صغر حجم رأس ماله الحالي والذي لا يتناسب مع عدد الوحدات التابعة له (1200 وحدة) وعدد العاملين ايضا ولا يساعد في تنمية حجم أعماله ويحول دون توجيه جزء من استثماراته نحو مشروعات كبيرة حيث يحظر تقديم تمويل يفوق 20% من القاعدة الرأسمالية للبنك للعميل الواحد طبقاً لتعليمات البنك المركزي .
وطالب الموظفون الإدارة الجديدة بزيادة معدلات كفاية رأسمال البنك التي تصل إلي حوالي 3.6% وهي معدلات اقل بكثير من تعليمات البنك المركزي التي تنص علي ألا تقل عن 10%.
وقال جلال السباعي، مدير عام البنك إنه ينتظر إعادة تفعيل الخطاب الموجه إلي رئاسة الجمهورية يطلب فيه الحصول علي قرض مساند بقيمة 4 مليارات جنيه.
وأوضح أنه تمت مخاطبة رئاسة الجمهورية من قبل الإدارة السابقة بسرعة الاستجابة لمطالب البنك المتمثلة في الحصول علي قرض مساند لتدعيم المركز المالي للبنك والحفاظ عليه من الخسائر التي يتعرض لها.
ويصل رأس المال إلي 1.6 مليار جنيه وتم اعتماد ميزانية البنك عن العام المالي 2011-2012 وبلغ اجمالي الخسائر المرحلة 1.4 مليار جنيه عن العامين الماضيين، ويسعي البنك إلي هيكلة بعض أصوله لتعويض هذه الخسائر.
وأضاف السباعي أن وزارة المالية لم ترسل رداً حتي الآن حول المذكرة التي قدمها البنك من أجل تقليل الدعم علي أصحاب الحيازات الزراعية وتوجيهه لمن يستحق، لافتا إلي أن سعر الفائدة الحالي المقدم لهم 5% وهو سعرضئيل مقارنة بمايمتلكونه من حيازات كبيرة.
وأشار إلي أنه لا يوجد ما يدعو إلي مساواة أصحاب الحيازات الزراعية بغيرهم من صغار العملاء بالنسبة لحجم الفائدة مطالبا الوزارة بسرعة اصدار مرسوم خاص بأصحاب الحيازات يؤدي إلي رفع الدعم المقدم من البنك لهم.
وقام بنك التنمية والائتمان الزراعي مؤخرا بتسديد مديونيات بقيمة 1.250 مليار جنيه لبنكي الأهلي المصري ومصر وهي عبارة عن قروض حصل عليها من البنكين لسد فجوة العجز بالبنك.
وقال مسئول في البنك إن من اهم المشكلات التي تواجه الرئيس الجديد ارتفاع المصروفات الإدارية والعمومية وعدم وجود تنوع كاف بمحفظة الودائع واعتماد البنك بشكل أساسي علي ودائع التوفير والتي تمثل أكثر من 60% من حجم المحفظة.
أضاف أن هذا يأتي إلي جانب ضعف وقصور أنظمة الرقابة والمراجعة الداخلية نتيجة الحاجة لتعديل الدورة المستندية وضعف دور المفتشين والحاجة إلي إعادة تأهيلهم.
وقال إن نشاط المعاملات الإسلامية بالبنك يفتقد إلي المرونة نتيجة غياب التسويق الجيد لهذا النشاط وعدم تأهيل العاملين به فضلاً عن عدم توافر القيادات المتمرسة في هذا العمل والتي تستطيع رسم السياسات والخطط التي من شأنها رفع وتحسين الأداء وفقا لموظفي البنك.
وطالب العاملون بالبنك بتنشيط الاتجار في مستلزمات الإنتاج الزراعي وأنشطة تأجير السعات التخزينية، حيث انخفض عائد هذه الأنشطة بشكل ملحوظ خلال السنوات الأخيرة بسبب رغبة الإدارة السابقة في الابتعاد عن هذه الأنشطة والاكتفاء بتقديم التمويل اللازم لها فقط.
وقال المسئول إن الإدارة السابقة لم تجد وسيلة لمعالجة الخسائر المتعاقبة سوي نقل بعض اصولها غير المستغلة إلي إحدي الشركات التي يمتلكها البنك وهذا الأمر ساعدها علي اعادة تقييم هذه الاصول والتي كانت مثبتة بالدفاتر بقيمة لا تتجاوز 50 مليون جنيه.
وكشف عن أنه نتج عن اعادة التقييم رفع قيمة هذه الأصول إلي 1.2 مليار جنيه واستخدمت هذه الزيادة في تغطية خسائر العام الحالي بعد الاتفاق مع المسئولين بالمركزي للمحاسبات علي اثبات هذه الأصول طبقا للقيمة الجديدة في الميزانية النهائية للعام الماضي علي الرغم من أن عملية النقل تمت بالفعل في العام المالي الجديد 2012-2013.
وقدم العاملون بالبنك عدة مقترحات للإدارة الجديدة تتبلور في حالة رغبة الدولة في تقديم بعض المزايا للمزارعين أو مساعدة البنك لها في عمليات تسويق المحاصيل الزراعية فعليها انشاء صندوق خاص داخل البنك يتم استخدامه في تمويل هذه الأنشطة وزيادة رأسمال البنك.
وشملت المقترحات أن يتم ترك العنان للبنك باستثمار اموال المودعين في الأنشطة التي تتعامل بها البنوك الأخري بما يحقق له عائداً جيداً يستطيع من خلاله صرف فوائد المودعين وتغطية اعباء مرتبات الموظفين والتي تصل إلي 1.4 مليار جنيه.
كانت قضية التلاعب بالأرصدة الدولارية من أبرز القضايا التي لاحقت الإدارة السابقة في نهاية مدة رئاستها للبنك علي خلفية استغلال الموظفين مناصبهم للاستفادة من شح الدولار ووزعوا علي أنفسهم 20 ألف دولار لكل موظف وبيعها في السوق السوداء.
ويقدر حجم المبالغ التي حصل عليها موظفون في إدارة الخزانة في البنك بقيمة 4 ملايين دولار.
وكان أعضاء لجنة الأصول والخصوم في البنك قد استغلوا تعليمات البنك المركزي مطلع العام الجاري بتقليل معدل السيولة الأجنبية الواجب الاحتفاظ بها في البنوك ليصبح 1% بدلاً من 10% لتعزيز المعروض من الدولار، وقاموا بتوزيع الفائض من هذا الإجراء علي أنفسهم مقابل عملة محلية بدلا من توزيعها علي العملاء.
واكدت مصادر بالبنك ان البنك يمتلك وديعة دولارية باحد البنوك تبلغ 28 مليون دولار انتهت مدتها ولم يقم بتجديدها ووضعها في حساب جار لكي يتمكن قيادات البنك من سحبها في أي وقت ما أدي لعدم الحصول علي عائد منها بالرغم من ان البنك يتحمل دفع هذه العوائد للعملاء.
العاملون.. 22 ألف قنبلة موقوتة
الموظفون يستقبلون الرئيس الجديد للبنك برفع المطالب القديمة
حالة من الترقب يعيشها العاملون ببنك التنمية والائتمان الزراعي بعد تعيين علاء سماحة رئيسا للبنك خلفا للدكتور محسن البطران.
واختلفت الخلفيات التي ينتمي لها رؤساء البنك خلال السنوات الست الماضية، وظل البنك يدار بنفس الطريقة، ويخسر بنفس الطريقة، وتستغله الحكومة بنفس الطريقة.
وواحد من الملفات التي قد تنفجر في وجه الإدارة الجديدة ان لم يتم التعامل معها بحذر هو ملف الموظفين في البنك الذين يزيد عددهم علي 22 ألف موظف.
واستقبل الموظفون الإدارة الجديدة بمطالب قديمة يسعون للحصول عليها منذ فترة،
ورفعوا منشوراً للإدارة حصل عليه «بنوك وتمويل»، وتتلخص مطالبهم التي وصفوها بأنها حقوق مشروعة فيما يتعلق بالهيكل الوظيفي وضرورة عدم التجديد أو التكليف للعاملين الذين بلغوا سن المعاش القانونية سواء في البنك أو الشركة المصرية للتنمية الزراعية والريفية المملوكة للبنك.
وطالب العاملون بالتمسك بتطبيق ما ورد بالدوري والذي ينص علي تحمل البنك قيمة حصة العاملين في الاشتراكات الخاصة بوثيقة التأمين الجماعية والصندوق التأميني طالما لاتوجد حوافز مجمعة وبناء عليه يتم تعويض العاملين غير المشتركين اتساقا مع ماورد ببيان الإدارة والذي اعترفت فيه بمبدأ الأسرة الواحدة والمساواة في الحقوق والواجبات بين الجميع.
وتضمن المنشور تطبيق المادة 9 من القانون 91 لسنة 2005 وتفعيل الأحكام القضائية الصادرة بإيقاف الخصم علي الأجور المتغيرة وصرف أي فروق نتجت عن الخصم فورا والتمسك باجراء حركة الترقيات مرتين كل عام وفقا للمدة البينية كما كان متبعا.
كما تضمن المنشور صرف جميع العلاوات المستحقة للعاملين والالتزام بمواعيد الصرف مستقبلاً والتمسك برفع الحد الأدني للحوافز إلي 22 شهراً شاملة الحافز الشهري ومايخص الصندوق التأميني ووثيقة التأمين الجماعية ومناسبات الأعياد مع الغاء أي حوافز مميزة وصرف مقابل نقدي للعامل عن رصيد الإجازات الاعتيادية التي لم يقم بها لحاجة العمل إلي عدم تركه وفتح باب المعاش المبكر لمن تجاوز سن الـ 55 عاماً وتعويض العامل بما يوازي 150% من الشهور المتبقية للعامل.
وقال مسئول في البنك انه يجب إعادة هيكلة قطاع الموارد البشرية بالبنك حيث إن عدد الموظفين البالغ عددهم 22 ألف موظف لا يتناسب مع حجم أعمال البنك في الوقت الحالي ما تسبب في وجود بطالة مقنعة طوال السنوات السابقة نتيجة عدم وجود دراسة فعلية لاحتياجات البنك للكوادر البشرية.
وتعاني معظم قطاعات البنك من عدم وجود رئيس لكل منها يشرف عليها كقطاع العمليات المركزية والخزانة المصرفية وقطاع الرقابة والإشراف والاستثمار وقطاع التكنولوجيا والحاسب الآلي والقطاع المالي وهي قطاعات حيوية بالبنك ينتظر من الرئيس الجديد للبنك إيجاد مديرين لها.
ووفقاً لما قاله المسئول بالبنك فإن معظم الكوادر التي تعمل في جميع القطاعات لا يمتلكون الخبرة الكافية للتواجد في بنك متخصص تؤهلهم لإدارة شئونه.
وأضاف أن هذا يأتي إلي جانب ضعف وقصور أنظمة الرقابة والمراجعة الداخلية نتيجة الحاجة لتعديل الدورة المستندية وضعف دور المفتشين والحاجة إلي إعادة تأهيلهم.
مبادرات إنقاذ المزارعين.. وإغراق البنك
التكليفات السيادية كبدت البنك 3 مليارات جنيه في السنوات الأخيرة
العلاقة بين بنك التنمية والائتمان الزراعي ملتبسة إلي أبعد الحدود، فالحكومة تملكه، لكنها عمليا تكاد تكون تديره.
ورغم أنه بنك إلا أنه تابع لوزارة الزراعة، ولأنه متخصص فإن الرقيب ممثلا في البنك المركزي ربما لا يعرف الكثير عن نشاطاته، وتقريبا لا يلتزم بالتعليمات الرقابية أو القواعد التي يضعها البنك المركزي لضمان سلامة الجهاز المصرفي.
وكانت التكليفات السيادية من أبرز المشاكل التي تحاصر البنك وتأتي نتيجة مبادرات الجهات الحكومية المختلفة التي لا يسبقها توفير التمويل اللازم من الخزانة العامة للدولة أو الجهة التي تصدر التكليف ويتحمل البنك أعباء تمويلية عن هذه التكليفات تتمثل في الفوائد التي يتم دفعها للمودعين.
وبحسب مسئول في البنك يتم استخدام الودائع في تمويل هذه الأنشطة أو الفوائد التي يتم دفعها للبنوك الأخري في حالة اقتراض هذه الأموال من سوق الانتربنك وقد تسفر هذه التكليفات عن ديون للبنك طرف بعض الجهات الحكومية وتستمر هذه المديونية لسنوات دون وجود حق للبنك في احتساب عائد عليها وهو ما حدث بالنسبة لتمويل استيراد الأسمدة ويحدث سنويا في تسويق القمح.
وأضاف المسئول أن الحكومة كبلت البنك بتكليفات سيادية خلال الفترة ما بين عام 2003 وحتي عام 2012 كلفته خسائر بلغت نحو 3 مليارات جنيه شملت هذه التكليفات استيراد كميات ضخمة من الأسمدة خلال الفترة من 2004 وحتي 2005 (900 ألف طن).
تحمل البنك الفرق بين سعر الاستيراد وسعر البيع للمزارعين حيث بلغ اجمالي ما تحمله البنك من ورائها حتي الآن نحو 1.2 مليار جنيه رفضت الدولة سدادها للبنك بحجة ان وزير الزراعة كلف البنك دون الحصول علي موافقة مسبقة من رئيس الوزراء.
وبلغ حجم الأعباء التي تكبدها البنك 3 مليارات جنيه أدت إلي تحقيق البنك لخسائر تقدر بنحو 670 مليون جنيه في العام 2011، وخسائر تقدر بحوالي 1.04 مليار جنيه خلال العام 2012 وفقا للميزانية المبدئية للبنك.
ووفقا للمسئول أضاعت هذه المديونية عائد استثمار يقدر بنحو 450 مليون جنيه سنوياً وطبقا لهذه الأرقام فقد تآكل رأسمال البنك بالكامل والذي يبلغ 1.5 مليار جنيه وأصبح الأمر يشكل خطورة علي أموال المودعين والتي أصبح يتم تمويل التكليفات السيادية التي تتم لصالح الدولة من أموال المودعين.
وقال أحد المديرين الماليين بالبنك إن البنك تضرر من تدخلات الحكومة الأخيرة حيث تصدر قرارات دون الرجوع إلي البنك ما تسبب في تكبده خسائر بقيمة 630 مليون جنيه من خلال إسقاط ديون متعثرين في مبادرة أقرتها حكومة مبارك السابقة وتتابعها الحكومة الحالية دون إصدار قرار لوزارة المالية بدعمها وتغطيتها ماليا.
وأوضح أن هذه المبادرات بدعم المزارعين تسببت في عدم استفادة العميل غير المنتظم في السداد وعدم استفادة المنتظم، وبالتالي أحجم العملاء عن السداد طمعا في الحصول علي إعفاءات.
وكان محسن البطران، الرئيس السابق للبنك ينادي بأن ترفع الدولة يدها عن البنك ولا تتدخل في شئونه حتي لا يفقد رسالته الخاصة بالمزارع المصري.
وكان البنك قد استجاب لكل المبادرات التي طرحها مجلس الوزراء سابقاً ورئاسة الجمهورية، بإسقاط ديون الفلاحين حيث تم اسقاط ديون 80 ألف متعثر من المزارعين.
وقدم البنك لأول مرة في تاريخه 3 مبادرات في عام واحد، الأولي كانت بإعفاء حوالي 71 ألف متعثر ووقف ملاحقة 25 ألف عميل من الذين تعثروا في سداد القروض الزراعية واستفاد منها 6 آلاف عميل، وإزالة الفوائد المجنبة علي القروض الزراعية بأكملها، والثانية تمت في شهر أغسطس العام الماضي بإسقاط نصف مديونية المتعثرين بمحافظتي شمال وجنوب سيناء بنسبة 100% وتحملت ميزانية الدولة فيها 60 مليون جنيه وتحمل البنك نفس القيمة إلي جانب الفوائد المهمشة.
وجاءت المبادرة الثالثة بقرار رئيس الجمهورية بإسقاط مديونية من حصل علي قروض أقل من 10 آلاف جنيه، وتم تعويض البنك بقيمة 107 ملايين جنيه قيمة أصل الفوائد المجنبة واستفاد منها 71 ألف عميل بالمحافظات و3690 عميلاً بشمال وجنوب سيناء بالإضافة إلي 6 آلاف أي أن الإجمالي من المتعثرين 80 ألفاً.